125 عاما على ميلاد شارلي شابلن.. "إذا لم تضحك لنفس النكتة فلماذا تبكي؟!"

"إذا لم تضحك لنفس النكتة.. فلماذا تبكي وتبكي لنفس الهم والمصاب؟!".. كلمات أطلقها رجل أوروبا البائس، وسيد الشاشة الصامتة، أو شارلي شابلن الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده الـ125.

أضحك شابلن العالم في كل الأوقات حتى في زمن الحرب والبكاء، أخفى همومه وتعاسته وفقره ويتمه في قبعته السوداء ليحولها كالساحر بلمسة عصاه إلى نجاح وعبقرية وعظمة.

نشأته

ولد شارلي سبنسر شابلن، في ضاحية "والوورث " وهي الأكثر فقرا وبؤسا في لندن في 16 أبريل 1889م، وهو يذكر، بأن طفولته تشبه الطفولة التي رسمها الروائي الانجليزي تشارلز ديكنز في رواياته العديدة... حيث يذهب الطفل شارلو الى الملجأ لعدم وجود منزل يأويه... وبعد الملجأ، عمل بعض الوقت صبي حلاق... وفي احد الايام تقع عين شارلو على حوزي عربة كان يمشي مشيه غريبة، وهنا حاول تقليده، وبعدئذٍ اصبحت المشية المميزة لشابلن في معظم ادواره السينمائية، ولا سيما في افلامه الصامتة.

كان والده مغنياً في "الميوزيك هول"، وهو من أصل فرنسي، وكانت أمه مغنية وممثلة من أصل يهودي. تعرف باسم ليلي هارلي. وقد انفصل والداه قبل أن يبلغ تشابلين  3سنوات، حيث تعلم هذا الأخير الغناء من والديه. ورغم وراثته الموهبة الفنية عنهما، إلا أنه لم يعرف النعيم والشهرة بفضلهما، بل عانى في طفولته انفصال الأبوين وهو في الثالثة من عمره، فعاش مع والدته في فقر مدقع وظروف صعبة خاصة بعد أن فقدت الأم عملها في المسرح نتيجة لإصابة أحبالها الصوتية،  كما أضطر شارلي الصغير الى العمل مع أخيه الأكبر غير الشقيق سيدني في مسح الأحذية، وبعد سنوات تأزمت ظروف العائلة ولم تعد والدة شابلن قادرة على رعايته هو وأخوه، فقررت السلطات وضع تشابلن وسيدني في ملجأ الفقراء في "لامبث"، ثم انتقلوا بعد ذلك بعدة أسابيع إلى مدرسة "هانويل" للأطفال الأيتام والمعدمين. توفي والده الذي كان مدمناً على الكحول عندما كان عمر تشارلي 13 عاما، وعانت والدته انهيارا عصبيا لتوضع فيما بعد، بشكل مؤقت، في مصح للأمراض العقلية.

شابلن في الطب النفسي

في احدث كتاب للطبيب النفسي المعروف الدكتور " ستيفن وايزمان" قال أن مصدر الحزن الحقيقي لشابلن لم يكن بسبب الفقر والحرمان وطفولته الصعبة التي عاشها،بل في فقدانه لوالدته بالدرجة الأولى ، لأن الذي فقده في "هانا " لايعوض ، وقد زعم وايزمان ان هانا ونتيجة للفقر الذي عانت منه عملت كمومس في شبابها وتحملت نتيجة ذلك عواقب مأساوية على المدى البعيد، وقد أصيبت بالزهري وهو مرض لايمكن الشفاء منه بسهولة في آواخر القرن التاسع عشر وأدى الى جنونها كما يشهد ذلك شابلن نفسه عندما كان في التاسعة عشر من العمر ولم يكن قادرا على نسيانها .

بداياته مع السينما

عندما بلغ شابلن من العمر الرابعة والعشرين كانت بداية رحلته مع شقيقه الي العالم الجديد..الى أميركا حيث كان اللقاء الأول لشارلي مع أصحاب شركة "كيستوف" للانتاج السينمائي حيث ولدت هناك صورته التي نعرفها جميعاً والتي اشتهر بها ،صورة الصعلوك الصغير بسرواله الواسع ،وحذائه الكبير ،وسترته الضيقة وقبعته وعصاه الشهيرة وأخيراً ملامح وجهه الغريبة التي تختلف عن وجهه الطبيعي.لينطلق مشواره نحو النجومية، وكانت البداية من الفيلم الكوميدي "أطفال يتسابقون في فينس"، وكان ذلك في فبراير 1914. ثم اشتهر بشخصية "الصعلوك" المتشرد ذي الأخلاق الحميدة والشهامة، تلك الشخصية المبتكرة هي التي طورت من موهبته الكوميدية ، وأصبحت إحدى الشخصيات الأسطورية في هوليود وأنحاء العالم ، فأحبه الناس كباراً وصغاراً وبقي اسمه على كل لسان ، وقد عمد إلى مناقشة القضايا الاجتماعية المختلفة ذات الطابع المأساوي ودمجها مع الكوميديا بطريقة عبقرية ، وعند اختراع الصوت في الأفلام رفض الانصياع له واستمر في تقديم السينما الصامتة التي رأى فيها التعبير الحقيقي في الصورة للفن السينمائي بعكس مخرجين آخرين.

الطريق إلى الشهرة

لقد صنع تشابلن أفلاماً هادفة صنعت شهرته منذ أن بدأ عام 1914م من بينها (الملاكمة) و(المتشرد) و(حياة كلب) و(امرأة باريس) ، حتى وصل إلى صناعة أفلامه الطويلة مثل فيلم: (الصبي عام 1921 ) والذي حقق نجاحاً كبيراً بسبب خلق التعاطف مع الشخصية اوفيلم (حمى الذهب) الذي استخدم فيه ابتكارات جديدة كوميدية إضافة إلى عمق الصورة ، ورغم ظهور اختراع الصوت في السينما عام 1927 م فقد أخرج أفلامه وبرع فيها دون استخدام الصوت مثل فيلم : (السيرك عام 1928م ) والذي حقق له نجاحاً فائقاً وحصد به جائزة الأوسكار الفخرية ، وبعده كان فيلم أضواء المدينة  ، ثم قدم فيلم : العصور الحديثة عام 1936م وعلى الرغم من استخدامه الصوت إلا أنه يظل فيلماً صامتاً بدون حوار تتخلله الموسيقى التصويرية .

 

وفي العام1940 عمل فيلم الديكتاتور والذي جسد فيه شخصية أدولف هتلر النازية بطريقة كوميدية وضع فيه رؤيته الخاصة عن الديكتاتورية والتسلط وحلم السيطرة على العالم ومقدراته وسبب الفيلم الكثير من المشاكل لشابلن حتى وصل الأمر إلي حد إبعاده عن أميركا وانتقاله إلى سويسرا.

وفاته

توفي شابلن سنة 1977 عن سن يناهز 88 عامًا، في مساء الرابع والعشرين من ديسمبر، حيث كان بمنزله في سويسرا مليئا بأبنائه واصدقائه، و تركهم ليأوي إلى فراشه تاركًا الباب مفتوحًا كي يشاركهم أفراحهم بعيد الميلاد وفي الصباح عندما ذهبوا ليهنئوه بالعيد كان شارلي شابلن قد غادر الحياة، بعد ثمان وثمانين سنة مفعمة بالعمل، والكفاح مانحا ملايين البشر السعادة خلال أكثر من ثمانين فيلمًا.وكان تشيعة نسيج من الخيال فشيع بحضور أكثر من 20 رئيس دولة كجنازة رسمية، وحضر جنازته أكثر من 30 مليون شخص وهم يرفعون صوره وهم يبكون.

أشهر أقواله

لا تبالغ في المجاملة حتى لا تسقط في بئر النفاق .. ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة.

 لن تجد قوس قزح ما دمت تنظر إلى الأسفل

  يوم بلا ضحك هو يوم ضائع.

نحن نفكر كثيرا ونشعر قليلا.

الشيء الذي يغني من يأخذونه ويزيد من يعطونه هو الابتسام

الحياة قد تصبح رائعة إذا تركك الناس وشأنك.

أن تساعد صديقا في حاجة هذا أمر سهل .. أما أن تعطيه من وقتك هذا دائما غير ملائم.

لا شيء دائم في هذا العالم، ولا حتى مشاكلنا.

التعليقات