كيف تحولت "السوشيال ميديا" إلى منصات للفوضى؟.. جمهورية "المعلومات المزيفة"

بعد أن كانت منصات عملاقة لحرية التعبير عن الرأى والفكر، باتت تهديدًا صريحًا للديمقراطيات حول العالم، فقد تحولت وسائل التواصل الاجتماعى "السوشيال ميديا" وشركات الإنترنت العملاقة لخطر حقيقى بسبب مليارات "المعلومات المزيفة" المتدفقة عبر تلك الوسائل دون رقيب ولا حسيب، حتى وصلت لدرجة التأثير على مجريات أحداث عالمية، كما حدث فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة وفضيحة "التدخلات الروسية".

وظل المعتقد السائد خلال العقد الماضى، أن شبكات التواصل الاجتماعية تنقذ السياسة، وتعزز الديمقراطية، وتنشر الفكر والفكر الآخر، وأن حرية تداول المعلومات تصب فى المصلحة العامة للشعب والدولة، لكن الواقع حسب تقرير إسبانى لصحيفة "الموندو" أصبح مختلف فى عالم ما بعد انتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب.

ويوضح التقرير، أن الإنترنت أصبح يفرض قانون المستقبل، وبات عبارة عن "إقليم بدون قانون"، مشيرًا إلى أن العديد من الحكومات الأوروبية وغيرها بات لديهم مخاوف مقلقة من انتشار وسائل التواصل الاجتماعى بهذا الحد، وذلك بسبب وصول ملايين المعلومات غير الحقيقية التى لا تخضع لأى رقابة للرأى العام بكل سهولة.

وتساءل التقرير للصحيفة الإسبانية، "هل شبكات التواصل الاجتماعية الكبرى غير مسئولة عن ما ينشر خلالها ؟ وهل تلك الشبكات تبيع الإعلانات للمستخدم على أساس ما يهم العميل؟"، لافتًا إلى أنه قد حدث تغير جذرى فى موقف عملاق البحث الشهير "جوجل" منذ عام 2010 عندما سعت الشركة للإعفاء من شرط يلزم بالكشف عن هوية مشترى الإعلان، ولم تتوصل آنذاك لتوافق بشأن الإعفاء، وتطالب "جوجل" الآن بتوسيع نطاق قواعد الكشف لتشمل الإعلانات التلفزيونية والمطبوعة.

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن الاتهامات الموجهة إلى شركات الإنترنت العملاقة، تحولت إلى تهديد حقيقى يهز مصداقيتها، حيث طالما أدعت أنها منصات مفتوحة لحرية التعبير، وتعهدت بمواجهة الضغوط الحكومية لحماية الخصوصية وحفظ بيانات مستخدميها، لكن هذه التعهدات ذهبت أدراج الرياح مع فشل مواقع التواصل الاجتماعى فى السيطرة على الأخبار الكاذبة والمزيفة، والكشف عن حجم الدعاية الروسية على موقعى "تويتر" و"فيس بوك"، التى اهتزت الثقة فيهم بعد فضيحة انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وتوالت الضربات المسددة لشركتى "فيس بوك" و"تويتر" مع الإعلان أن جهات روسية مولت رسائل ترويجية عبرهما خلال الحملة التى سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضى، رغم تأكيد المجموعتين المستمر حرصهما على حماية الديمقراطية.

وبناء على تلك التهديدات من جانب شركات التواصل الاجتماعى العملاقة، أوقف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عددا من وسائل التواصل فى روسيا، كما تمنع الصين بعضا منها وتحظرها بشكل تام، وتطلق وسائل تواصل خاصة بها، أما كوريا الشمالية فتمنعها منعا تاما، بالإضافة لمنع القنوات التلفزيونية الفضائية التى لا تخضع لرقابة حكومية، أما الولايات المتحدة، فهى المركز الذى تتجمع فيه معلومات وسائل التواصل والإنترنت كافة، لتكون إحدى أدواتها فى تمكين سيطرتها، ومد أجل هذه السيطرة أطول فترة ممكنة.

ومن ناحية آخرى، رأت  الصحيفة الإسبانية، أن فرض سياسات الدولة الأمنية على الإنترنت تسمح لأنظمة الحكم القمعية بفرض رقابة على الإعلام أو التجسس على مواطنيها بسهولة أكبر، وهناك أيضًا تهديد يتمثل فى زيادة المشاكل الأمنية التى يمكن أن يتسبب بها المجرمون، فقد شجع تركيب أجهزة مرتبطة بدائرة إلكترونية فى منازل المواطنين على وجود سيناريوهات مفزعة يتم فيها مراقبة الأجهزة الشخصية عن بعد.

واختتمت الصحيفة تقريرها، مؤكدة أن هناك هجوم عالمى ضد الديمقراطية عبر الإنترنت، وأصبح هناك محاولات لتقويض الثقة فى الديمقراطية أو التأثير على الناخبين للتصويت لصالح مرشحين مفضلين فى بعض دول العالم كالفلبين أو الهند أو فرنسا أو هولندا أو بريطانيا أو غيرها، حتى تحولت الديمقراطية للضحية الأولى للإنترنت.

التعليقات