3 سيناريوهات حال فشل مفاوضات "سد النهضة".. هل تتحرك مصر عسكريًا؟

حال فشل مفاوضات مصر مع إثيوبيا والسودان تجاه أزمة سد النهضة، فإن القاهرة تواجه مشكلة حلولها محدودة، خاصة بعدما خذلت مافوضات الـ16 ساعة والتي عقدت أمس في الخرطوم كل الآمال، حيث خرج رئيس الوزراء الإثيوبي ليؤكد في تصريحات له عدم التوصل إلى نتائج بين وزراء الخارجية والري ومديري المخابرات وقيادات الهندسة في الدول الثلاث.

هذا الأمر يطرح تساؤلا هاما حول ما الخيارات المتاحة أمام مصر بعد فشل اجتماع المفاوضات أمس؟

 مؤشرات إيجابية

الدكتورة نانيس فهمي، الباحثة في الشئون الإفريقية، قالت إنه قبل عقد اجتماع المفاوضات في الخرطوم أمس كان هناك بعض المؤشرات الإيجابية خاصة بعد تعيين رئيس وزراء إثيوبي جديد بعد موجة احتجاجات واضطرابات شعبية داخلية في إثيوبيا، وقد يعود سبب من أسبابها إلى السخط الشعبي من عدم وجود نتائج لمشروع سد النهضة الذي موله الإثيوبيون سواء خارج إثيوبيا أو داخلها ولم يحقق لهم أي شيء حتى الآن، وزيارة الرئيس السوداني لمصر وتأكيد العلاقات التاريخية والوثيقة بين البلدين وأنهما دول حوض نهر واحد ويجمعهما تاريخ مشترك، الأمر الذي توقعنا أنه سينعكس على قضية سد النهضة، إلا أن كل هذا لم يحدث أي تغيير في الموقف الإثيوبي أو السوداني.

وأضافت فهمي أن عدم الوصول إلى نتائج أمس يؤكد أن الأصوات الخارجية المعارضة لحل الأزمة أقوى من الأطراف التي تبحث عن حلول مناسبة للخروج منها، قائلة: "يبدو أن المحددات والتحديات الخارجية أقوى من أطراف القضية"، واستنكرت التعنت الغريب من جانب الطرفين الإثيوبي والسوداني، مؤكدة أن الأزمة لم يكن لها حل سوى المفاوضات، والحل السياسي، وهذا ما قدمته مصر طوال الفترة الماضية ولم تقدره الأطراف الأخرى خاصة الطرف الإثيوبي الذي ماطل لكسب الوقت لاستكمال بناء السد وفرض الأمر الواقع.. وما دام الخيار العسكري مستبعدا مع عدم التوصل إلى نتائج خلال المفاوضات أمس، ينبغي على الدولتين المصرية والإثيوبية رفع الأمر للتحكيم الدولي، وأعتقد أن مصر لديها من الوثائق ما يؤكد ويؤيد موقفها الثابت وحقها الأصيل، والدليل على تضررها من هذا السد وأنه مخالف للقانون الدولي للأنهار.

وأكدت فهمي في حالة استمرار الحل السياسي ضرورة تعليق المفاوضات بشكل مؤقت حتى تعيد الأطراف حساباتها وتقيم مواقفها، وأن يقبلوا بتدخل طرف محايد بينهم سواء من البنك الدولي أو أي منظمة دولية يثقون بها، موضحة أن مصر قدمت اقتراحات عديدة لحل الأزمة ولكن الأطراف الأخرى كانت ترفض دون طرح حلول بديلة. ولفتت إلى أن السودان لديه تحالفات مع تركيا وقطر، وكانت هناك زيارة من الأمير القطري إلى السودان في منتصف شهر مارس، ومصر لديها خلافات مع البلدين، ونفس الوضع بالنسبة لإثيوبيا التي تمول قطر عملية استكمال بناء سد النهضة، وأضافت أنها تعتقد أن هذا التقارب قد ينعكس على القضية وسبب لتعنت إثيوبيا والسودان ضد مصر.

 وقت كافٍ

 ومن جانبه، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه لم يتم الإعلان عن فشل المفاوضات، ولكن تم الإعلان عن عدم التوصل إلى نتائج خلال الاجتماع الذي استمر إلى ما يقرب من 3 ساعات مقسمة على 3 جلسات، مؤكدا أن وزير الخارجية أكد أن هناك مهلة تبدأ من 5 إبريل إلى 5 مايو لإيجاد حل لكسر هذا الجمود.

وأوضح حجازي أن المفاوضات لا تنتهي بجولة وتحتاج إلى مجهود ووقت، مشيرا إلى أن عدد الساعات التي استغرقتها المفاوضات يؤكد أن النقاش تعرض لكل الملفات، وأنه كان هناك نوع من التعاون والتقارب بين الأطراف، مؤكدا ضرورة مساندة القيادة السياسية وخلق الأجواء الإيجابية لإتاحة الفرصة أمام المسئولين لاستكمال المباحثات من خلال الروح التي ظهرت في القمة الثلاثية في أديس أبابا، موضحا أن القضايا العالقة قضايا هامة والهدف من حلها هو تحقيق الاستقرار، مشيرا إلى أن المباحثات تستحق أن نعطيها الوقت الكافي مع الإصرار والتصميم الذي عبر عنه الوزراء الثلاثة خلال الاجتماع الذي استمر ساعات طويلة، وما يدعو للتفاؤل هو وجود قيادة إثيوبية جديدة ذات رؤية إيجابية. وأشار حجازي إلى أن اجتماع الأمس كان يستهدف وضع إطار شامل لإدارة النهر، ونأمل أن تتواصل المفاوضات مع استمرار دعم القيادة السياسية وتبادل الحوار والأفكار، لأن هذا تحد رئيسي بين الدول الثلاث لتحمل المسئولية الإقليمية، خاصة أننا أمام مشروع شامل وليس مجرد حل خلاف مائي، وعلى كل الأطراف التعامل مع هذا الملف من خلال أجندة واضحة تستهدف الوصول إلى حل، مؤكدا أن هذا الاجتماع سيكون مقدمة لخلق روح من التعاون ولكن الأمر يحتاج إلى صبر، وعندما تصل الأطراف الثلاثة إلى حل سيكون علامة استقرار للمنطقة، لافتا إلى أن اتفاقيات المياه صعبة وتحتاج إلى وقت.

لم نفشل 

النائب محمود يحيي، عضو لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، قال، إن اجتماع المفاوضات أمس كان ضمن مراحل كثيرة ولا نستطيع القول بأن المفاوضات فشلت بشكل نهائي، ولكن لم يتم التوصل إلى نتائج في الاجتماع، وما زالت هناك سلسلة أخرى من الاجتماعات والمفاوضات، لافتا إلى أن الأمر لن ينتهي بين يوم وليلة، والجانب المصري على وعي كامل ويعطي للقضية اهتماما كبيرا، مشيرا إلى أن الجانب الإثيوبي يحاول كسب الوقت، لأن ذلك يصب في مصلحتهم، لأن العمل لا يتوقف، مشيرا إلى أن القيادة المصرية تعمل في أكثر من اتجاه ولن تفرط في نقطة من مياه النيل لأنها مسألة أمن قومي. كان وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، قد أعلن فجر اليوم الجمعة، فشل مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل إلى أي اتفاق بشأن قواعد تعبئة وتشغيل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على ضفاف نهر النيل. وجاء إعلان الوزير السوداني بعد اجتماع مطول استمر نحو 16 ساعة في العاصمة السودانية الخرطوم لمناقشة المشكلات العالقة بشأن سد النهضة، وقد ضم الاجتماع وزراء الخارجية والري ومديري المخابرات وقيادات الهندسة في الدول الثلاث، ويعد هذا الاجتماع الفني الأول من نوعه منذ إعلان مصر تجميد مفاوضات سد النهضة في نوفمبر الماضي، احتجاجا على تعديلات أديس أبابا والخرطوم لدراسات المكتب الاستشاري الفرنسي بشأن أعمال ملء السد وتشغيله، والتي تقرها مصر.

(التحرير)

التعليقات