"قانون السايس".. بلطجة "الركين" تلفظ أنفاسها الأخيرة بأمر البرلمان

رجل بفوطة "برتقالية" اللون فوق كتفه وصفارة، تراه دائمًا عند البحث عن مكان لركن سيارتك، وذلك للخروج من رحم الزحام الخانق في شوارع القاهرة وعواصم المحافظات إلى مكان فيه ركن للسيارة، وفجأة يظهر أمامك هذا الرجل ليرشدك إلى منطقة مغلقة بقوالب من الطوب، أو بكاوتش السيارات القديمة، وسرعان ما يطلب الأجر مقابل خدمته، وحينها إما الدفع، وإما تكتشف كسر زجاج السيارة، أو ثقب الكاوتش.

وبمرور الزمن تحول هذا الأمر، إلى مهنة ووكر خاص بهؤلاء الرجال والصبية أحيانًا، لكن امتزجت هذه المهنة مؤخرًا بأساليب البلطجة العلنية، مما وجه مؤشر مجلس النواب تجاه وجود خطر يحتاج إلى مواجهة.

و«السايس» هو مصطلح تقليدي قديم، عن عامل كان في الأصل مسئولا عن رعاية الحمير والأحصنة، ثم امتد ليشمل حارسا مكلفا بإرسال الرسائل أو جلب الحاجات. وفي العصر الحديث أصبح يقصد به شخص يدل على أماكن مواقف السيارات ويعتني بها ويحرسها، مقابل أجر.

البداية كانت من خلال إعلان الحكومة تحفظها على مشروع قانون ساحات انتظار السيارات، وتقنين وضع "السيّاس" المقدم من النائب ممدوح مقلد، وأثار وقتها جدلا واسعا بمجلس النواب.

 تحفظ الحكومة جاء بدعوى أن ذلك منظم وفقا للمادة 171 من الدستور وقانون الإدارة المحلية الحالى، ولا يحتاج إلى إصدار قانون جديد، مؤكدة في ردها على لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنها تعد مشروع قانون لتنظيم مهنة منادى السيارات "السايس".

التصدي للبلطجة

«جوهر مشروع القانون هو التصدى للبلطجة المنتشرة فى الشوارع ، ونهب أموال المصريين مقابل ركن السيارات» هذا ما قاله اللواء ممدوح مقلد، عضو مجلس النواب، مقدم مشروع قانون ساحات السيارات، مضيفًا أن الدولة ليست مستفيدة من هذا الأمر وبالتالى نحتاج إلى قانون جديد للقضاء على هذه الظاهرة السلبية.

 وتابع: "مشروع القانون يهدف إلى تشكيل لجنة بكل محافظة، تحدد الأماكن المسموح بها للانتظار فى الشوارع والمواعيد المسموح بها للانتظار والقيمة الخاصة بكل منطقة".

 «شركات أمن خاصة هي من ستتولى الإشراف على الساحات والشوارع، من خلال مزايدة خاصة، لكل محافظة، سواء بالشهر أو العام» قال مقدم مشروع القانون.

 أضاف النائب أحمد مصطفى عبد الواحد، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن مشروع قانون تنظيم أماكن وساحات الانتظار للسيارات سينظم مهنة السايس.

 فمشروع القانون يحتوى على قيام الحكومة بالكشف عن هوية أى شخص يريد أن يمتهن هذه المهنة وفحص صحيفته الجنائية، للتأكد من سلامتها قبل تعيينه، وإعطاء كل من ينطبق عليه الشروط رخصة لمزاولة المهنة فى الأحياء على أن يتم تجديدها سنويا أو كل 3 سنوات، بالإضافة إلى وضع علامة مميزة لهؤلاء السُياس وتحديد رسوم معينة من جانب الوزارة. أردف عبد الواحد أن أبرز أسباب انتشار "السياس" فى مصر هو الازدحام الشديد وقلة وجود الجراجات والساحات الرسمية التابعة للأحياء لركن السيارات بها، مما أدى إلى قيام السياس باستقطاع أجزاء من الشوارع وفرض رسوم على مالكى السيارات.

«اللجنة تلقت العديد من طلبات الإحاطة حول ظاهرة السايس، لذا أدرجناه على جدول أعمالها من أجل الانتهاء منه ومن ثم إقراره» أكد المهندس أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب.

غياب الكود هو السبب

أكد الدكتور سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة الأسبق، أن السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة "السياس"، هو عدم الالتزام بالكود المصري في البناء، باشتراط وجود جراجات أسفل العمارات، بخلاف زيادة أعداد السيارات بشكل كبير في العاصمة ومدن المحافظات الرئيسية.

 وعن مشروع القانون، تمنى العلايلي أن يكون هدفه الأساسي حل المشكلة، وليس مجرد البحث عن موارد مالية يتم تحصيلها من المواطن، لزيادة حصيلة الأموال، فهذه سياسة خاطئة، مؤكدًا في الوقت نفسه رفضه تحويل الشوارع إلى ساحات انتظار، لأنها صنعت من أجل سهولة السير وليس لأن تكون عائقا له.

 وبخصوص تطبيق القانون في حال إقراره، أضاف عميد كلية التخطيط العمراني الأسبق، أننا لدينا الكثير من القوانين التي يتم تشريعها ولكن لا يتم تنفيذها، أو تنفيذها لفترة بسيطة ثم ركنها حبيسة الأدراج.

سيطرة الركين على الشوارع

 قال صبري الجندي، مستشار وزير التنمية المحلية السابق، إن النظام الحالي لاعتماد "منادي السيارات" يركز أكثر على ضابط المباحث بقسم الشرطة، حيث يمنح تصريحا للشخص الذي يراه مناسبا لتلك المهنة دون وجود قواعد محددة، وهو قادر أيضًا أن يلغي ذلك التصريح.

وبخصوص ساحات الانتظار، قال الجندي، إنها نوعان: منها ما يتبع الأحياء، ومنها ساحات انتظار خاصة بأفراد أو شركات، فهل سيتم فرض رسوم أيضًا عليها أم لا، فمن المفترض أن ينظم هذا القانون تلك المسائل.

 وأضاف مستشار وزير التنمية المحلية السابق، أن السبب الرئيس في سيطرة "الركين" على الشوارع هو انخفاض أعداد الساحات الرسمية، بخلاف أن الموظفين القائمين على ساحات الانتظار الحكومية غالبيتهم يسرقونها، وهذا سبب أيضًا في قلة عائداتها المالية.

 من المفترض ألا يتم اعتماد الشوارع على أنها ساحات انتظار، ولكن في حالة ما إذا تم تحديد أحد جانبي الطريق ليكون ساحة انتظار رسمية، فقد يدر ذلك الكثير من العوائد المالية على الأحياء والمدن، فالشوارع غير مخصصة لذلك، ولكن نظرا لكثرة أعداد السيارات وقلة أعداد الساحات الرسمية والرغبة في زيادة حصيلة الأموال، قد يضطر المشرع إلى ذلك.

أخر التطورات

أحمد السجيني رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أكد أن لجنة الإدارة المحلية قاربت علي الأنتهاء من مناقشة مشروع قانون تنظيم عمل منادى السيارات "السايس"، بعد نحو ثمانى جلسات من مناقشة مشروع القانون المقدم من النائب ممدوح مقلد وآخرين.

 وأضاف السجينى، أن مشروع القانون يقتضى جعل عمل السايس فى الشوارع نشاطا رسميا يخضع لضوابط محددة تقرها الجهات المعنية، كل حسب المحافظة والمنطقة التى يمارس فيها السايسعمله بحيث تكون الرسوم  محتلفة حسب المنطقة التي يعمل بها السايس، ومن المتوقعان يصدر مشروع القانون قبل انتهاء دور الانعقاد الحالى.

 وأشار السجيني إلي أن الحكومة، قدمت رسميا، مقترحا بشأن مشروع القانون نفسه لرئيس مجلس النواب عبدالعال الذى أحاله بدوره للجنة، ومن المقرر أن تشهد جلسة الخميس الموافقة على قانون الحكومة، ومشروع قانون النائب مقلد بعد إدخال تعديلات اللجنة عليهما معا.

 وينظم مشروع القانون، منادى السيارات من يتواجدون فى الشوارع وساحات الانتظار، وبناء على المشروع سيتم تقنين وضع السايس ، ولن يسمح بالعمل دون رخصة، وسيتم تنظيم أعمالهم من خلال لجنة فى كل محافظة تمثل فيها جهات مختلفة.

التعليقات