بمناسبة مئوية مولده.. أهدى الفنانين "عيد الفن".. أفلام ونجوم أعجبت "السادات" أو أبكته

كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات - الذى مرت أمس مائة عام على يوم مولده - يقدر الفنانين وعاشقا للفن بكل ألوانه سواء سينما أو غناء أو مسرحا، حيث كان يبدأ نهاره بأغنيات فريد الأطرش وينهيه بفيلم سينمائي، وصرح بأنه يفضل سماع صوت أسمهان، ومن أشهر ما قاله عندما كان رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية، الناطقة باسم مجلس الثورة، وتحديدا فى العدد 705 بتاريخ 28 نوفمبر 1955: إننى لا أجد نفسى حقيقة إلا فى صحبة الفنانين، وهذا ما جعله يحرص على حضور بعض العروض الخاصة لأصدقائه الفنانين مثل: المخرج عز الدين ذوالفقار، والفنانة تحية كاريوكا، والمطرب فريد الأطرش، وكان سميعا ويدعم الفن الراقي، وسببا فى خروج أعمال ما زالت تعيش بيننا، مثل إصراره على أن يغنى «الشيخ النقشبندي» من ألحان الموسيقار «بليغ حمدي»، وتبنيه للمطربة «ياسمين الخيام»، التى كان يعتبر صوتها مصريا أصيلا يجب أن يصل لكل بيت، بعد أن استمع إليها أول مرة فى استراحته بالقناطر مع زوجته جيهان
كما استعان بالنجم «عمر الشريف» فى إطار عمله كفنان عالمي، استثمارًا لشهرته وتأثيره الدولى وقتها لمساعدته كى يسافر إلى الأراضى المحتلة، عندما أراد أن يعقد سلاما مع الإسرائيليين، وكانت مهمة عمر أن يمهد له الطريق ويطمئنه قبل الإقدام على هذه الخطوة.
كما كان السادات معجبا بثقافة ونجومية الفنان «حسين فهمي» وعبر عن هذا فى أكثر من لقاء صحفى وتليفزيوني، وكثيرا ما استدعى الفنان «محمد نوح» ليغنى له فى استراحته أغانيه الخاصة، وأغانى الشيخ سيد درويش، وفريد الأطرش، فالراحل كان شديد الإيمان برسالة الفن، وساعد فى دعم الفن والفنانين وأهداهم عيد الفن، لأنه كان يرى أن الفن الأصيل يقوم بدور مماثل لما يقوم به الجندى على الجبهة من خلال تصحيحه المفاهيم الخاطئة لدى البعض.
" رفض بطولة رد قلبي" 
قبل أن تزدحم أجندته بالمواعيد واللقاءات، كان السادات يحرص - كلما سنحت ظروفه - على تلبية دعوة أحد أصدقائه الفنانين لحضور العرض الخاص لفيلمه، ومن هؤلاء المخرج «عز الدين ذوالفقار» الذى حضر له أكثر من فيلم أبرزها «إنى راحلة» عام 1955، وليس هذا فقط فقد رشحه «عز الدين» لعلمه بحبه للتمثيل ليؤدى دور أحد الضباط الأحرار فى فيلم «رد قلبي» عام 1957، الذى ينتقي، فى دوره، من ضباط الجيش من يراه يصلح للانضمام إلى التشكيل الوطنى لتحرير مصر من الفساد بجميع أشكاله، لكن «السادات» رفض هذا الترشيح.
وعن هذه الواقعة يقول الفنان «كمال ياسين» فى حديث إذاعي: «كان من المقرر أن يؤدى «السادات» الدور الذى أديته أنا، وهو دور الرئيس «جمال عبدالناصر» إلا أنه رفض اقتراح صديقه «عز الدين ذوالفقار» نظرا لانشغاله بعمله السياسى والصحفى فى هذا الوقت، لكن رفضه للدور لم يمنعه من الحضور للاستديو مع الرئيس جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر لمشاهدتى فى أثناء تجسيدى للدور، ويومها قدمنى عز الدين ذوالفقار إلى الرئيس «عبدالناصر» قائلا له: أقدم لك «سليمان» يا ريس صديق «علي» قلب ثائر لم يكن فيه مكان لحب آخر فوق حبه العظيم لمصر، إن معشوقته الوحيدة هى مصر»، حينئذ رمقنى عبدالناصر بنظرة طويلة، كأنه يتفحص ذلك الممثل الذى يقوم بشخصيته فى الفيلم، وبعد مشاهدتهم مشهد حريق القاهرة تأثر عبدالناصر، وبكى السادات
 "يضمن فريد شوقى بإيصال"
لم يكن فيلم «بورسعيد» سببا فى لقاء فريد شوقى المباشر بالرئيس «جمال عبدالناصر» فقط، ولكنه ــ وكما قال فريد شوقى فى مذكراته ــ كان أيضا سببا فى لقاء مباشر آخر مع الرئيس أنور السادات، إذ حضر اللقاء الأول الذى تم بين جمال عبدالناصر وفريد شوقى وعبدالحكيم عامر للاتفاق على الفيلم.
وكان السادات أيضا ضمن القيادات التى تابعت تنفيذ هذا الفيلم ورفع أخباره إلى رئيس الجمهورية، بل وصل حماس السادات إلى أن كتب بخط يده كلمة ليضمها الكتيب الخاص بالفيلم، وحين خسر الفيلم إنتاجيا فى الداخل، فوجئ فريد شوقى بشركة الاستديوهات وتأجير المعدات تطالبه بدفع خمسة آلاف جنيه دينًا، ولم يرض فريد شوقى أن يطلب مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر لهذا السبب فلجأ إلى أنور السادات، وبالبحث عنه عرف أنه يقضى إجازة قصيرة مع زوجته وأطفاله على شاطئ بورسعيد، فذهب للقائه هناك، و اتغدى معاه.
وبعد تناول الطعام سأله السادات وهم يحتسون الشاي: خير يا فريد؟ فقال له فى ضيق ما حدث، فقال له السادات: قل لهم إنى سألغى هذا الإيصال الذى يطالبك بدفع المبلغ، ولكن فريد شوقى عاد وقال له: أرجو أن تكتب لى سيادتك هذا الكلام، وبالفعل قام السادات وأحضر ورقا وقلمًا وكتب: لا تحصلوا هذا المبلغ من فريد شوقي، تكفيه الخسائر التى لحقت به، ويكفى أنه قدم الفيلم الذى حقق الأهداف التى نريدها
" يحضر عرض فيلم سمارة" 
لم يقتصر حضور السادات للعروض الخاصة على أصدقائه الذين تربطهم به علاقة صداقة من أيام الكلية الحربية، فقد ذهب للفنانة «تحية كاريوكا» وحضر عرض فيلمها الشهير «سمارة» وقام بالتصوير مع بطل الفيلم محسن سرحان، فلم ينس السادات لـ «كاريوكا» أنها وقفت معه فى الأربعينيات ضد الإنجليز، عندما اتهم فى محاولة قتل «أمين عثمان»، وساندته فى أثناء هروبه وخبأته عند شقيقتها فى الإسماعيلية.
"رسالة فريد الأطرش" 
أما فريد الأطرش فكان من أقرب الأصوات الغنائية للرئيس الراحل وعندما أصيب بذبحة صدرية منعته من العرض الخاص لفيلمه «عهد الهوي» عام 1955 كتب فريد رسالة لجمال عبدالناصر يطلب منه الحضور بدلا منه العرض الخاص فى سينما «ديانا» ووافق عبدالناصر، واصطحب معه صديقه السادات، وبعض الأصدقاء الآخرين من مجلس قيادة الثورة، وفور تولى الرئيس السادات لرئاسة الجمهورية قام فريد الأطرش بتهنئته وكتب فى سجل الزيارات رسالة رقيقة موجهة إليه.
"كريمة مختار تبكى السادات"
رغم قوة الرئيس السادات وصلابته، لكنه كان يحمل قلب فنان، فعواطفه جياشة، يتأثر بالمشاهد العاطفية أو المؤثرة، لهذا لم يكن غريبا أن يبكى بحرقة فى أثناء مشاهدته فيلم «بالوالدين إحسانا»، حيث أبكته الفنانة كريمة مختار بدورها المؤثر فى الفيلم، وأعجب جدا بأداء فريد شوقى الذى عبر عن إحساس الأب الذى فجع فى ابنه الذى يريد أن يتنكر إلى أبوته، وعبرت كريمة مختار عن الدور بإحساس الأم الحائرة مع ابنها العاق، وأبكت الرئيس فى مشهد زيارتها لابنها فى أسوان تستعطفه، وهو يقابل استعطافها بالنكران، يومها نفر الرئيس من «سمير صبري» الذى جسد دور الابن العاق.
"فريد شوقى يبكيه أيضا" 
لم يكن فيلم «بالوالدين إحسانا» الفيلم الوحيد الذى أبكى الرئيس السادات، فبعد عرض فيلم «لا تبكى يا حبيب العمر» لفريد شوقي، ونور الشريف وميرفت أمين، صرح فى إحدى خطبه الرسمية فى أحد أعياد الفن أنه شاهد الفيلم فى عرض خاص بمنزله وأنه بكى يومها كما لم يبك من قبل، حتى إنه قال لفريد شوقي: «أبكيتنى يا فريد، بس الفيلم حلو قوى قوي»، ويومها طالب السينمائيين بمزيد من الاهتمام بمثل هذه الأفلام التى تمجد القيم الإنسانية والأخلاقية، وتدعو للوفاء والحب، وتدين الحقد والشر، والقلوب السوداوية التى لا تعرف الحب.
"كلمته فى أول عيد للفن" 
فى عيد الفن الأول الموافق 8 أكتوبر عام 1976، الذى أقيم بقاعة الاحتفالات بمدينة الفنون بالهرم قال «السادات» فى بداية خطابه: «يسعدنى كل السعادة أن ألتقى اليوم بكل فنانى وفنانات مصر وكتابها ومفكريها وقادتها على جميع المستويات، فقد جئنا إلى هنا لنحتفل بعيد الفن، والاحتفال بعيد الفن هو فى الحقيقة احتفال بمصر وبالقيم الإنسانية العليا، وقديما قالوا: «إذا أردت أن تخلق مجتمعا فاضلا فلابد أن تعطيه فنا جميلا»، لذلك لم يكن من باب الصدفة أن نختار الثامن من أكتوبر من كل عام ليكون عيدا للفن، ففى السادس من أكتوبر تم العبور، عبرنا من الهزيمة إلى الانتصار، ومن الظلام إلى النور، ومن اليأس إلى الأمل، من هنا كان احتفالنا بالفن مواكبا لاحتفالنا بالنصر، فكما انتصرت قواتنا فى أكتوبر المجيد يجب أن ينتصر الفن عندنا على قوى الشر
"جيهان فى مهمة إنسانية لزينات صدقي" 
من المواقف الإنسانية الرائعة للرئيس السادات عندما قرأ عليه الدكتور «رشاد رشدي» رئيس أكاديمية الفنون أسماء النجوم الذين سيحصلون على جائزة الجدارة، فقد أعجب بالأسماء الموجودة، لكنه طلب إضافة اسم الفنانة «زينات صدقي«، التى وصلتها دعوة لحضور حفل «عيد الفن» لكنها رفضت الحضور!، وكان اعتذارها بمثابة المفاجأة، وعلم «السادات» من الفنانة تحية كاريوكا التى قابلته بالمصادفة أن «زينات» رفضت لأنها لا تملك ملابس تليق بالخروج على جمهورها ومقابلة رئيس الجمهورية، وتسلم درع أو حضور تكريم، وعلم السادات بحقيقة الأمر وبكى بشدة على ما وصلت إليه حال فنانة أسعدت الجميع ولم تكن تنتظر شيئًا من أحد.
أرسل الرئيس السادات قرينته جيهان للفنانة زينات صدقى بحجة إبلاغها بموعد التكريم، وطالبها بأن تأخذ لها ملابس جديدة كهدية لتحضر التكريم، وقرر صرف معاش شهرى لها قيمته مائة جنيه، ومنحها شيكًا بألف جنيه ودعاها إلى زفاف ابنته وأعطاها رقم تليفونه الخاص وقال لها: أى شيء تحتاجين إليه اطلبيه فورا يا زينات

 

التعليقات