هل تسعى السعودية لتأميم "MBC" ضمن حملة الفساد؟ .. صفقة تسوية جديدة

تُخطط السلطات السعودية للسيطرة على أكبر مجموعة إعلامية في الشرق الأوسط، وذلك كجزء من عملية محاربة الفساد غير التقليدية التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

 ووجّهت السلطات السعودية أوامر لوليد بن إبراهيم آل إبراهيم، مؤسس مجموعة (ام بي سي)، تقضي بتسليم أسهمه التي تشكّل "حصة السيطرة" في المجموعة مقابل الحصول على إطلاق سراحه، وذلك بحسب أشخاص ذوي اطلاع على القضية.

وتظهر هذه الحالة كيف تتم عمليات السيطرة التي "يُهلل" لها العديد من السعوديين باسم محاربة الفساد، وهو ما يبدو أنه جزء من جهود حثيثة تفضي إلى تأميم القطاع الخاص الممتلك من قبل عائلات نافذة.

 كما تُظهر هذه القضية رغبة الأمير محمد في تضييق قبضة الحكومة على الإعلام بموازاة دفعه باتجاه خططه التغييرية الطَموحة وسياسته الخارجية الجريئة. تعد مجموعة (إم بي سي) أكبر شبكة تليفزيونية مجانية خاصة حيث تحظى بـ50 بالمائة من الحصة السوقية للقطاع في المملكة، وتجتذب 140 مليون مشاهد يوميا في المنطقة.

 وقد رفضت كل من (إم بي سي) والسلطات الحكومية التعليق على الموضوع. ويُعد "آل إبراهيم"، الذي قام بتأسيس مؤسسة إعلامية تبلغ قيمتها اليوم عدة مليارات من الدولارات في عام 1991، واحدًا من بين أكثر من 150 أميراً ورجال أعمال ووزراء سابقين تم اعتقالهم واحتجازهم في فندق الريتز كارلتون في الرياض، بعد أن قام الأمير محمد بإطلاق حملة محاربة الفساد في شهر نوفمبر.

 وتم إطلاق العديد منهم خلال الأسابيع الماضية، بعضهم توصل إلى تسويات وافقوا بموجبها على تسليم حصص وأموال إلى السلطات، فيما تمت تبرئة ساحة آخرين. وسيتم ترحيل أولئك الذين رفضوا إجراء تسويات مع الحكومة إلى السجن في انتظار المحاكمات، بحسب تصريحات الحكومة.

 الأمير الوليد بن طلال، الملياردير ورجل الأعمال وأبرز الشخصيات المعتقلة، لم يتوصل حتى الآن إلى تسوية مع الحكومة، بحسب ما أوضحه أشخاص مطلعون على الموضوع.

 بدوره، فإن "آل إبراهيم"، الذي سُمح له بإجراء بضعة مكالمات هاتفية، ما زال في الريتز كارلتون بانتظار أن تفرغ الحكومة ومعها مستشاريها العالميين من إتمام التفاصيل المالية للتسوية، بحسب ما أشار إليه البعض. وقد أبلغت السلطات في وقت سابق (إم بي سي) بأن عليها تسليم حصصه في شبكة البث بدون أي مقابل مالي.

 كما كان هناك العديد من الطلبات الحكومية للحصول على معلومات تنظيمية ومالية في سياق مسعى السيطرة على المجموعة. وكان السيد إبراهيم قد أعلم مقرّبين منه أنه يتوقع أن يتم إطلاق سراحه قريباً، وأنه "بانتظار أن يقوم بتوضيب حقائبه" بحسب ما أوضحه شخص مُلم بالموضوع.

 وأشار بعض المستشارين الحكوميين إلى أن تأخر التسوية قد يرجع إلى سعي المحامين للوصول إلى صيغة تمنع المحتجزين من مقاضاة الحكومة بعد إطلاق سراحهم بموجب التسوية أو الصفقة التي سيتم التوصل إليها، وذلك بحسب ما أشار إليه بعضهم. أحد العروض الواردة بالنسبة لـ "آل إبراهيم" تقع في أن يستمر في الاحتفاظ بدوره في (ام بي سي) بعد أن يقوم الأمير محمد أو الحكومة بالاستيلاء على الشركة. وعندها سيكون عليه أن يتبع إدارياً لمجلس من المسؤولين الحكوميين المقرّبين من المالك الجديد، بحسب ما أشار إليه بعضهم. إن نتيجة كهذه ستكون نسخة عمّا حدث مع مجموعة "سعودي بن لادن"، إحدى أكبر شركات المقاولات في المملكة. حيث تم إطلاق سراح بعض ملاّك أسهم "سعودي بن لادن" من الريتز كارلتون، بعد موافقتهم على التنازل عن حصصهم للحكومة، والتبعية الإدارية لمجلس معيّن من قبل الحكومة يُناط به عملية "إعادة الهيكلة". وقد قال "المقاول المَدين" محمد الجدعان، وزير المالية، أن معظم مبلغ الـ100 مليار دولار الذي يؤمل الحصول عليه من المتهمين بالفساد، سيتم تحصيله عبر أصول داخل وخارج المملكة. لطالما أبدى الأمير محمد اهتماماً في (ام بي سي) وأشار البعض إلى أن أشخاصاً مقرّبين من الأمير البالغ من العمر 32 عاماً كانوا على تواصل مع السيد آل إبراهيم منذ نحو عاميْن بشأن الاستحواذ على "حصة السيطرة" التي يملكها آل إبراهيم في (ام بي سي).

غير أن السيد آل إبراهيم رفض تقييمهم للمجموعة بمبلغ 2 إلى 2.5 مليار دولار، مطالباً بتقييم أكبر، يبلغ نحو 3 إلى 3.5 مليار دولار لقاء الشبكة التي تستقطب حوالي نصف حجم الإنفاق الإعلاني التلفزيوني في المنطقة، وذلك بحسب ما أشار إليه مدراء تنفيذيون في هذا القطاع. قبل أيام من الواقعة، حطّ عرّاب الإعلام (آل إبراهيم) بطائرته الخاصة في الرياض بعد دعوة من الأمير محمد وجهها إليه عبر موفدٍ عنه، معتقداً بأن الغرض من الدعوة كان إتمام المرحلة النهائية من مباحثات الاستحواذ.

وعندما تم إلغاء الاجتماع، قرر السيد إبراهيم العودة إلى دبي حيث يقع المقر الرئيسي لـ(ام بي سي).

لكن المسؤولين في مطار الرياض أبلغوه أن طائرته الخاصة ممنوعة من الإقلاع، بمعنى حظر السفر، وأنه ليس ثمة رحلات تجارية متوفرة. وذلك بحسب ما أفاد به أحد الأشخاص المطّلعين على الموضوع. وفي الليلة نفسها انتشر اسم "آل إبراهيم" على مواقع التواصل حيث توقع السعوديون أن يكون أحد الأشخاص النافذين الذين تم احتجازهم في حملة مكافحة الفساد. وفي الصباح التالي، تم تأكيد موعد الاجتماع لـ "آل إبراهيم"، ولكن عوضاً عن مناقشة الصفقة، تم اعتقاله.

 ترافق الصعود الدرامي للأمير محمد إلى السلطة مع سيطرة أكبر على الإعلام المحلي، وإبداء ضيق صدر تجاه أصحاب الرأي المعارض. ويشير مراقبون إلى أن (ام بي سي) كانت هدفاً واضحاً ومتوقعاً لكون الأمير محمد راغباً بضمان تغطية إعلامية إيجابية لخططه الجريئة تجاه المملكة.

التعليقات