أبطال "الفريلانس".. الشاطر يلاقي الشغل وهو في بيته

"الرزق يحب الخفية" مقولة توارثناها ولا تزال تتداول على ألسنتنا، فمن لا يرغب في تحسين دخله أو خلق فرصة عمله بيده، لكن في مجتمع يسيطر عليه هاجس "الأمان الوظيفي" والاستقرار في العمل نجد "العمل الحر" ثقافة جديدة يرهبها البعض ولا يأخذها محمل الجد البعض الآخر، ووسط كل هذا نجد أبطالا استطاعوا تحد الأفكار السائدة وخلق فرص عملهم ليؤكدون أن السعي مفتاح الرزق.

ويقول محمد الغريب يعمل في مجالات تحقيق كتب التراث والتدقيق والمراجعة اللغوية لرسائل الماجستير والدكتوراه والمقالات وغير ذلك، إنه بدأ في محاولات الحصول على فرص في العمل الحر من عام 2007 بعد تخرجه مباشرة وكانت البداية الفعلية في عام 2009 حيث عمل على تحقيق كتب تراثية بشكل منفصل عن وظيفته، وفي 2010 بدأ العمل في مجال المراجعة والتدقيق اللغوي لرسائل الماجيستر والدكتوراه.

والعمل الحر أو "الفريلانس" هو مصطلح يشير إلى وظيفة مستقلة لا تلتزم بمعايير حتمية وإنما يمكن العمل عليها من خلال الإنترنت وفي المنزل، ولا يشترط فيها الارتباط بالعمل، حيث إنها  وظيفة مؤقتة لإتمام مهام معينة لمدة من الوقت.

 ويوضح الغريب في حديثه لـ"الوطن": أن "الشغل الحر بيجيب بعضه، وبيبدأ من العمل المنتظم يعني مديري في الشغل هو أول واحد جابلي الشغل ده عشان يزود دخلي ومسبش المكان وبتعرف أنا بعدها على المصدر نفسه والمصادر بتجيب بعضها، وأحيانا بيجي الشغل من زميل ليا بيكون الشغل عنده كتير فبيديني شغل حسب الاتفاق اللي بيتم بينا".

ويشير الغريب، إلى أن المعيار الوحيد في الشغل الحر "الكفاءة" فضلا عن عامل الوقت يكفلان استمراريته، لكن تبقى مشكلة عدم الانتظام وفقدان الضمانة في الحصول على المستحقات من العيوب الأكبر.

ويتابع أن التواجد في بيئة العمل في الوظيفة المنتظمة أفضل من ناحية الاحتكاك مع باحثين في نفس التخصص، ما يزود الملكات والمعلومات والمعارف الشخصية لدى كل باحث، فضلا عن الضمانة للناحية المالية في العمل المنتظم، كما أن ضغط العمل في الوظيفة المنتظمة أقل من العمل الحر ومن ثم بيكون عند الباحث قدر من حرية الإبداع ما دام لم يكن مضغوطا بالوقت، لكنه يؤكد أن من الناحية المادية فالعمل الحر يضمن دخلا أعلى بضعفين أو ثلاث أضعاف العمل المنتظم.

ويوضح تقرير أجري في الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر من عام 2014 من قبل "اتحاد المستقلين" بالاشتراك مع موقعي elance و Odesk بالولايات المتحدة أن 80% من الأشخاص العاملين لدى جهات نظامية لديهم الرغبة في الدخول لمجال العمل الحر بغية زيادة الدخل وجني المزيد من المال، و36% من الأشخاص الذين لديهم وظائف أولية قرروا ترك وظائفهم والاستقلال بأعمالهم بشكل كامل.

وتقول رشا دالي، تعمل "مصممة ومخرجة فنية"، إنها لجأت للعمل الحر نظرا لعدم توافر فرص عمل، مشيرة إلى أن البداية كانت وقت الدراسة في وقت نزول التدريبات مع معهد "الفنون المسرحية"، حيث عرضت عليها أحد شركات الإنتاج تصميم لعمل مسرحي، وتلك كانت البداية، وتوالت الأعمال بعدها لكن هذا لا يمنع أن "السوق واقف من سنتين تقريبا"، حسب قولها.

وتضيف في حديثها لـ"الوطن" أن العمل الحر "الفريلانس" له عيوب كثيرة فهو ليس كما يشاع عنه بشأن مرونة مواعيده، موضحة أنها اضطرت أكثر من مرة لتأجيل دراستها أو تعطيل دورات تدريبية مشتركة فيها لتأدية العمل المطلوب منها.

وتشير إلى أنها تسعى للعمل في وظيفة منتظمة سواء في مكتب هندسي أو شركة لضمان دخل ثابت على الأقل في نهاية كل شهر وهو ما لا يؤمنه العمل الحر، موضحة أن العميل يتعامل مع العمل الحر بطريقة مختلفة عن تعامله مع مكاتب فهناك من "يتعامل بعشم" فلا يرغب في الدفع، ويرى أن "الرسم" أمرا سهلا لا يحتاج إلى مجهود للعمل عليه، فضلا عن وجود دخلاء على المهنة وعدم وجود أسعار محددة مما يخلق مناقشات كثيرة عند تحديد الأسعار.

وفي تقرير أعدته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا التابعة للأمم المتحدة "إسكوا" أظهر أن المنطقة العربية تشهد أعلى معدلات البطالة في العالم لتصل إلى 20 مليون مواطن.

 ويقول محمد جمعة "كاتب محتوى"، لجأت للعمل الحر "فريلانس" بعد أن أصبح راتبي لا يوفي متطلباتي ومتطلبات أسرتي فقررت البحث عن عمل إضافي ووجدت أن العمل الحر سيوفر الدخل المناسب، وفي نفس الوقت سيكون خلال وقت فراغي بعد الانتهاء من وظيفتي.

وتابع في حديثه لـ"الوطن" أن الحصول على الفرصة الأولى هو الأصعب، فالأمر يحتاج إلى السعي والصبر، ومن ثم "ربنا بيكرم والدنيا بتمشي"، ويوضح أنه كان يبحث عبر موقع التواصل مثل "لينكد إن" ومن خلال ذلك الموقع حصل على العمل، كما أنه يرى أن العمل بعيد عن بيئة العمل "يفقد الإحساس بالأمان الوظيفي إلى حد ما".

وتوضح دراسة أمريكية أن من بين كل ثلاثة أشخاص أمريكيين يوجد شخص يعمل بشكل حر، حيث إن 69% من المستقلين أشادوا بدور التقنية في جعل العمل الحر أكثر سهولة ويسر لإيجاد المشاريع وفرص العمل، ذُكر أيضاً أن 77% من المستقلين بدوا متفائلين وصرّحوا أن أفضل أيام العمل الحر لم تأتي بعد.

التعليقات