القصة الكاملة لاكتشاف "ناسا" الكبير: مواد عضوية على المريخ

كتب: 

الزمان: أغسطس 2012، وأما المكان فكان على بعد نحو 95 مليون كيلومتر من الأرض، كانت أعين العلماء في إدارة الفضاء الأمريكية «ناسا» مفتوحة على آخرها، فاليوم السادس من الشهر الثامن على كوكبنا الأزرق يشهد حدثًا غير مسبوق، إذ يتزامن مع هبوط مركبة هي الأولى من نوعها في التاريخ، فبسرعة 21 ألف كيلومتر في الساعة الواحدة اقتربت «كيوريوستي» من الكوكب الأحمر، قطعت المسافة في نحو 8 أشهر، وعلى ارتفاع 11 كيلومترا من السطح انخفضت سرعة الهبوط، وانفصلت الكبسولة الواقية التي تحمل داخلها المركبة، وانفتحت المظلة، ليهبط المعمل المُجهز عالى التقنية بهدوء على سطح الكوكب الذي لطالما ألهب خيال العامة والعلماء على السواء.

وطيلة السنوات الماضية التي قضتها «كيوريوستي» على سطح المريخ ظلت المركبة تحفر في التربة الحمراء، لتبحث عن حياة محتملة على سطح الكوكب الذي يصفه العلماء بتوأم الأرض، كاشفًا مجموعة من كبيرة من ألغاز المريخ، غير أن أهمها كان كشف أول أمس، بعد أن أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية عن وجود جزيئات عضوية مكنوة من سلاسل كربونية مُعقدة، تُشبه تلك الجزيئات التي شكلت على الأرض اللبنات الأساسية للحياة.

ويُعد هذا الاكتشاف هو الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن، فقبل وقت طويل من تحول الكوكب إلى أرض جافة، ربما كان يموج المريخ ببحيرات غنية بمركبات كربونية ضرورية لبدء شرارة الحياة.

ولا يستطيع الباحثون إخبارنا بكيفية تشكل تلك المادة العضوية، ولا تأكيد إذا ما كانت تلك المادة بقايا لكائنات عاشت على الكوكب في الماضي، أم مجرد ناتج لتفاعل كيميائي غريب بين الصخور، أو حتى إذا ما كانت مريخية الأصل في الأساس، فربما تكون تلك المادة قد سقطت على المريخ بواسطة نيزك ضرب سطحه قبل مئات الملايين من السنوات.

ولكن، وبغض النظر عن مصدر تلك المادة، فوجودها على سطح المريخ يعنى أن ماضيه كان معقدًا للغاية، وإذا ما كانت هناك حياة مجهرية على سطح الكوكب في يوم من الأيام، فهذا يعني أن تلك الكائنات الدقيقة ربما وجدت غذاءً صالحًا لإمدادها بالطاقة على أقل تقدير.

ونشرت دورية «ساينس» العلمية ذات معامل التأثير المرتفع نتائج ذلك الكشف على صفحاتها، وهو ما يُعطى مصداقية كبيرة للدراسات، التي أعلنت نتائجها أيضًا في مؤتمر صحفي ضخم نظمته الوكالة وبُث بشكل مباشر خلال وسائل الإعلام العالمية.

منذ أن وصلت «كيوريوستي» إلى هدفها الرئيسي –جبل أيوليس مونس الذي يبلغ ارتفاعه 5000 متر- أمضت المركبة الكثير من الوقت في التحرك على أحجار رسوبية كانت مستقرة في قاع بحيرة قبل مليار عام على الأقل، وقتها، كان المريخ مكانًا أكثر ملاءمة للحياة من الآن، استخدمت «كيوريوستي» معدات عالية التقنية تُمد بالطاقة بواسطة بطارية نووية مدمجة في المركبة للتنقيب في تربة المريخ، قامت بجمع عدة سنتيمترات مكعبة من الحجر الروسوبي عبر ذراع روبوتية قامت بتسليم تلك الغنيمة إلى فرن داخل بطن المركبة.

 

 

التعليقات