مجلس النواب يفتح النار على واشنطن.. والسبب: حقوق الإنسان في أمريكا بـ"الكيف"

منذ احتلال المهاجرين البيض للقارة الأمريكية، وتنفيذ مجازر جماعية في حق سكانها الأصليين، وهم الهنود الحمر وما تبع ذلك من حروب أهلية بين السكان الجدد وأصحاب الأرض والتي انتهت بالقضاء بشكل شبه نهائي على أهل الأرض، هذه كانت مجرد بداية نهاية حقوق الإنسان التي أثرتها الأديان السماوية بل والأرضية، وامتدت المجازر الأمريكية لخارج حدودها لتصل إلى اليابان بتفجيرين نوويين مدمرين وما حدث بعد ذلك في فيتنام وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا.
 
ورغم أن الولايات المتحدة خاضت كل حروبها بدعوى نشر السلام العالمي وحماية حقوق الإنسان، إلا أن ظاهر القول لم يكن مطابقًا لحقيقة الفعل، فبينما كانت ينادى رؤساء أمريكا ووزرائها وأجهزة مخابراتها بالعمل على حماية حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير والتنقل والمعيشة بل وحرية التجارة، كانت تمارس أبشع أنواع الغطرسة والتعنت ممثلًا في جرائم قتل وحشية ودعم جماعات إرهابية وعمليات اغتصاب وتفرقة عنصرية ودينية وإشعال الفتن بكافة أنواعها بدعوى دعم حقوق الإنسان، لتكلل هذه الجهود الخبيثة بانسحاب من عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
 
وفي خطوة جريئة لم يعتد عليها السياسيين في وقت سابق في مصر، أعرب النائب طارق رضوان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، عن قلقه إزاء القرار الأمريكي، والذي رغم كونه غير مفاجئ نظرًا للتهديدات السابقة والمتكررة من قبل الولايات المتحدة بالانسحاب ما لم يغير هذا المجلس من سياساته ومواقفه الرافضة لممارسات إسرائيل بالأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة والبعيدة كل البعد عن الالتزامات التي يضعها القانون الدولي على عاتقها بمقتضى كونها دولة احتلال فان هذا القرار يدشن مرحلة جديدة في تاريخ تحيز الولايات المتحدة لربيبتها إسرائيل تعلن فيها دون مواربة دعمها الكامل لدولة إسرائيل حتى وان أدى ذلك إلى تخليها عن مسئوليتها كدولة كبرى محورية على المستوى الدولي وعلى القيم الليبرالية التي نص عليها الدستور الأمريكي.
 
التحول خطير في سياسة الولايات المتحدة سيكون له أثره غير المأمون على مجريات القضية الفلسطينية لاسيما وأنه يذهب إلى غير رجعة ثقة الفلسطينيين في الولايات المتحدة وربما يحول دون قبولهم لأي دور كانت تقوم به في الماضي سواء كوسيط أو راعى للمفاوضات الفلسطينية الأمر الذي يؤجج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويجعل تسويته في المستقبل المنظور أمرًا بعيد المنال، هذا ما أكده رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان.
 
وشدد على أن الولايات المتحدة بهذا المسلك المندفع والمتحيز لصالح إسرائيل وضد حقوق الإنسان قد دفعت معول الهدم لتطيح بواحدة من أهم أجهزة الأمم المتحدة غير عابئة بالحاجة الماسة لهذا الجهاز المختص بحقوق الإنسان في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها المجتمع الدولي والتي تتسم بتأجج الصراعات المسلحة ووحشية الانتهاكات التي يتعرض لها البشر في مناطق الحروب والصراعات ومنها الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة.
 
إن الحجة الواهية التي دفعت بها الولايات المتحدة وادعاء انحياز مجلس حقوق الإنسان ضد إسرائيل بعد أن خصص لها أو بالأحرى لانتهاكاتها لحقوق الإنسان بالأراضي المحتلة بندا ثابتا على جدول أعماله على مدى أعوام عرف بالبند السابع وعقد لمناقشة هذه الانتهاكات دورات استثنائية كان أخرها في (١٨ مايو ٢٠١٨) عقب المواجهات الإسرائيلية الوحشية للاحتجاجات المدنية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة والموقف العادل والمشرف الذي اتخذه إزاء المستوطنات والعمل على إعداد قائمة سوداء بأسماء الشركات العاملة والتي أضفت مزيدا من الضغط على الموقف الأمريكي وأسهمت في ازدياد الاستياء الدولي من هذا الانسحاب فمن الواضح للجميع أن مجلس حقوق الإنسان لم يمنح كل هذا الاهتمام للأراضي الفلسطينية المحتلة إلا لخطورة الأوضاع الإنسانية بها وعدم استجابة إسرائيل للمناشدات الدولية المتكررة فضلا عن استمرار حالة الاحتلال التي انحسرت منذ عقود عن مختلف بقاع العالم، على حد ذكر النائب طارق رضوان.
 
وقال: «لجنة العلاقات الخارجية تضم صوتها لكل صوت رافض وأسف على هذا المسلك الأمريكي الذي لم يراع خطورة الأوضاع والتحولات التي يمر بها العالم لاسيما منطقة الشرق الأوسط وتناشد شعوب العالم المتمدن والبرلمانات المعبرة عنها وفى مقدمتها الكونجرس الأمريكي حث الحكومات على تحمل مسئولياتها الدولية والعمل على مساندة الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة لاسيما مجلس حقوق الإنسان وعدم الانسياق وراء الرغبات الإسرائيلية».
 
التعليقات