حكاية تحية الملك "على واحدة ونص" .. أزمة بطلتها سامية جمال

كانت ليلة موعودة في أوبرج “الحلمية بالاس”، حينما اعتلت سامية جمال المسرح لتبدأ في وصلتها الراقصة وسط تصفيق حاد من الجمهور، وما هي إلا دقائق حتى تكهربت الأجواء، وفوجئ الجميع بها تقول: “التحية إلى حاكم البلاد على واحدة ونص”، فلم يفهم أحد ما ترمي إليه، تخيل كل منهم أنه المقصود، حتى أنهت رقصتها بنظرة طويلة نحو مائدة كبار الزوار.

لم يكن الشخص المقصود سوى الملك فاروق الأول، صاحب “المزاج العالي”، الذي لم يفوت على نفسه فرصة لمصاحبة الجميلات، وبالفعل همس ليلتها في أذن أحد مرافقيه، باعثا برسالة إلى “سامية” أن تلحق به إلى سيارته في الخارج، وما إن وصلتها الرسالة في غرفة خلع ملابسها داخل “أوبرج الحلمية”، حتى قالت للوسيط: “سأرتدي ملابسي حالا.. اسبقني إليه وأخبره بمجيئي فورا”.

جلست سامية جمال إلى جوار الملك في سيارته كأنها تحلم، ودار حديث ساخن بينهما، انتهى بذهابها معه إلى أحد القصور الملكية، حيث قضت ليلتها في حضرته، وسرعان ما انتشر الخبر في الصحف، ليتم إعلان سامية جمال على أنها راقصة مصر الأولى.

كان يعلم الملك فاروق أنها تجمعها علاقة حب بالفنان فريد الأطرش، بل وإنها تهيم به عشقا، لكن “فريد” لم يكن يجاريها في طلبها الزواج منه، حتى تكون أسرة وتنجب أبناءً، الأمر الذي آلمها كثيرا، وفتح المجال أمام “فاروق” لدخول حياتها، رغم أن المقربين منه صرحوا بأنه لم يكن “يستلطف” سامية جمال، وكان يطلق عليها اسم “سمجة جمال”، إلا إنه فعل ذلك نكاية في فريد الأطرش، وفقا لما نشره الصحفي مصطفى أمين في كتاب بعنوان “ليالي فاروق”، والذي خصص فيه بابا أسماه “ملكة لليلة واحدة”، قاصدا الراقصة سامية جمال.

ابتعد فريد الأطرش عن حياتها، فور انتشار أخبار علاقتها بالملك، ونشرت الصحف أن راقصة مصر الأولى باتت تنام في حجرة الملكة داخل القصر الملكي، ولم ينكر الملك علاقته بها، ولم يتبرأ منها أو يتنكر لها، وذات يوم سافر إلى فرنسا كعادته في الصيف، كانت هي المرة الأولى التي يبتعد فيها عن سامية جمال، مرت أيام والأسابيع، لكن الملك لم يطق البعاد، فأرسل في طلب سامية جمال، حتى تحيي لياليه في مدينة “دوفيل”، أكثر مدن فرنسا ضجيجا، وأطولها ليلا، وأفجرها سلوكا.

المفاجأة كانت في رفض وزير الداخلية آنذاك، فؤاد سراج الدين، منحها تأشيرة السفر للخارج، رغم توسط كبار رجال القصر والحاشية، والذين اتصلوا بالملك وأبلغوه بموقف الوزير، وما إن سمع “فاروق” بذلك حتى رفع سماعة الهاتف وطلب “سراج” وهدده لكن وزير الداخلية رفض الانصياع لرغبات الملك ورد عليه بأنه يحمي سمعة القصر فيما لو سافرت راقصة إلى ملك البلاد لتحيي لياليه.

لجأت “سامية” إلى القضاء الإداري، وأقامت دعوى ضد تعسف وزير الداخلية ورفضه سفرها وحرمانها من حقها الدستوري واعتدائه على حريتها الشخصية، وبالفعل حكمت لها المحكمة بعد ضجة صحفية كبرى، وبمرور الأيام تلاشت علاقتها بالملك بعد زواجه من “ناريمان”، كما فقدت علاقتها بفريد الأطرش.

التعليقات