"بيع الزوجات".. بديل الفقراء عن الطلاق في القرن التاسع عشر

كتب: 

لقد كانت الزيجات في العصور القديمة تعد قبل كل شيء صفقةً اقتصادية، حيث كان التقليد السائد في القرن التاسع عشر يدعم ذلك، ورد في مقدمة رواية The Mayor of Casterbridge لـ(توماس هاردي) في عام 1886: ”يأخذ الزوج زوجته وطفله إلى السوق المحلية عازماً على بيعهما سوية لأعلى مزايد“، ولكن من الواضح أنها كانت عادة شائعة بين فقراء إنجلترا قديما.

في النصف الأول للقرن التاسع عشر كان بيع الزوجة بديلاً أرخص وأسهل لعديد من البريطانيين عن الطلاق التقليدي، وقبل عام 1857 –وهي السنة التي ظهرت فيها محكمة الطلاق الأولى في إنجلترا– كان طلاق الزوجة أمراً صعباً ومكلفاً، فمن أجل تقديم طلبٍ قانوني لحل الزواج كان الزوج في حاجة إلى قانون خاص من البرلمان بالإضافة إلى مباركة الكنيسة، وستبلغ تكلفة تلك الأمور في عصرنا الحالي حوالي 15000 دولار، ومنه لا يمكن لرجل من الطبقة العاملة في تلك الأوقات تأمين هذا المبلغ، لذا كان الفقراء آنذاك يقومون ببساطة بنقل ”ملكية“ زوجاتهم إلى أعلى مزايد في مزاد علني خاص لبيعهن، بنفس الطريقة التي يتم فيها بيع بقرة أو ماعز.

كان الرجل في إنجلترا في القرن التاسع عشر يعرض زوجته للبيع في مزاد علني بدل تطليقها الذي كان مكلفا جدا

كان الرجل في إنجلترا في القرن التاسع عشر يعرض زوجته للبيع في مزاد علني بدل تطليقها الذي كان مكلفا جدا

للأسف هذا ما كان يحدث فعلاً، حيث كانت تفاصيل هذه المزادات العامة والعلنية تشبه بالضبط ما يحصل عند شراء أو بيع أي سلعة أخرى، فيقود الزوج زوجته إلى السوق العامة أو مزاد الماشية المحلي ثم يدفع رسماً للسوق قبل وضع زوجته على منصة لتتم رؤيتها، وعندما تباع الزوجة يتم ربطها من المعصم أو الخصر بزوجها الجديد عن طريق حبل سميك.

قد تتم المساومة بين البائع والشاري حتى يصل الاثنان إلى سعرٍ متفق عليه، وعند عقد الصفقة يفترق الزوجان التعيسان إلى الأبد. بالتأكيد لم يكن بيع الزوجات قانونياً تماماً، لكن لطالما غضت السلطات طرفها عنه باعتباره عادةً في المجتمعات الفقيرة.

عن الحديث عن هذه العادة المسيئة والغريبة اليوم، من المهم أن نتذكر أن قانون الزواج لم يصدر حتى عام 1753، ولم يكن الزواج رسميا يكفله القانون قبل ذلك، مما جعل الزواج مجرد ترتيبٍ متفق عليه.

بيع الزوجات في إنجلترا في القرن التاسع عشر

بيع الزوجات في إنجلترا في القرن التاسع عشر

لم تكن المرأة دائماً هي الحلقة الأضعف في هذه الممارسة، بالرغم من النظر إليها كسلعة في تلك الحقبة، فلم يكن بالضرورة أن تتم البيعة بسبب الزوج غير الراضي عن زوجته والذي يرغب بـ”تحديثها“، ففي كثيرٍ من الأحيان طلبت النساء أن يتم بيعهن وأصررن على العقد كوسيلة للتخلص من الزوج وإنهاء الزواج الفاشل، فكان للزوجات الحق في قبول أو رفض المشتري كما كان بإمكانهن رفض البيعة إذا وجدن في المشتري عيباً، ولكن يتم الاتفاق في أغلب الأوقات على شروط البيع قبل عدة أسابيع من بدء البيعة في المزاد العلني، مما يجعل التبادل في السوق تقليدا أقرب لمراسم زيجة جديدة.

بالرغم من تراجع هذه الممارسة إلى حدّ كبير منذ تطبيق محاكم الطلاق الحديثة، فما زالت بعض المجتمعات تطبق هذه العادة حتى عصرنا الحالي، فحتى عام 2009 اضطر المزارعون الفقراء الذين يعيشون في مناطق معينة من ريف الهند إلى بيع زوجاتهم في محاولة منهم للحفاظ على سعادة مقرضي الأموال الأثرياء، وفي عام 2016 ظهرت هذه الممارسة في أكبر سوقٍ عالمي، وهو eBay حيث عرض رجل من (يوركشاير) زوجته ”غير المتعاطفة“ على الموقع، موضحاً أسباب البيع والإيجابيات والسلبيات لتلك البيعة وواصفاً إياها بالتالي: ”ما زال الجسد والطلاء بحالة جيدة، وتمتلك بعض المهارات في المطبخ“. ربما كانت مزحة من قبل الرجل، لكنه تفاجئ في اليوم التالي بوصول المزاد إلى 65000 جنيهاً قبل أن يقوم الموقع بحذف المنشور.

بيع الزوجات في إنجلترا في القرن التاسع عشر

بيع الزوجات في إنجلترا في القرن التاسع عشر

 

التعليقات