٤٥ عاماً على رحيل عميد الأدب العربى.. ماذا قدم للسينما المصرية؟

في ذكرى وفاته علينا أن نذكر أنفسنا ونعرف الأجيال الجديدة بشخصيته وتاريخه العظام فهو عميد الأدب العربي "طه حسين"، وهو صاحب البصمة الكبرى في الثقافة العربية، استطاع أن يقهر الظلام ويتغلب على إعاقته ليصل إلي ارفع المناصب، ويحتل قمة الأدب العربي رغم ما تعرض له من انتقادات بسبب آراءه وكتاباته، كان أدبه مدرسة حديثة، وركنا أساسيا من حقبة كاملة هي حقبة التنوير في الفكر العربي.

فقد بصره في السادسة من عمره بعد إصابته بالرمد ، وحفظ القرآن الكريم قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر الشريف، ليتتلمذ على يد الإمام محمد عبده، لكنه طرد من الأزهر، ولجأ إلى الجامعة المصرية في عام 1908 ودرس الحضارة المصرية القديمة، والإسلامية، والجغرافيا، والتاريخ، والفلك، والفلسفة، والأدب وعكف علي إنجاز رسالة الدكتوراه التي نوقشت في ١٥ مايو عام ١٩١٤م وحصل على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب عن أديبه الأثير: “أبي العلاء المعري”، ثم سافر إلي باريس ملتحقًا بجامعة “مونبلييه”.

عاد طه حسين من فرنسا عام 1918م بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون، وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني حتى عام 1925م تم عين أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية، وأصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930، وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين سنة 1932، طرد من الجامعة ولم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا، وفى عام 1942م أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديرا لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر من عام 1944م واستمر كذلك حتى 13 يناير 1950 عندما عين لأول مرة وزيراً للمعارف، وكانت تلك آخر المهام الحكومية التى تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك إلى الإنتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التى كان عضوا بها من داخل وخارج مصر،.

يمكن تقسيم أعمال طه حسين إلى ثلاث فئات: الدراسة العلمية للأدب العربي والتاريخ الإسلامي، والأعمال الأدبية الإبداعية مع المحتوى الاجتماعي لمكافحة الفقر والجهل، والقوانين السياسية. اتجه طه حسين للنشر في صحيفتين كان رئيس تحريرهما بعد طرده من منصبه كأستاذٍ للأدب العربي الكلاسيكي في الجامعة المصرية. جاء طرده نتيجة لرد فعل الجمهور على كتابه "في الشعر الجاهلي".

 

إن الجزء الأكبر من شريعة طه حسين الشخصية متأثرةٌ في الأساس بالثقافة اليونانية. أصدر طه حسين كتابًا بعنوان "الصفحات المختارة" من الشعر اليوناني الدرامي عام 1920 ومجلدًا آخر بعنوان "النظام الأثيني" في عام 1921، و"قادة الفكر" في عام 1925. وهكذا، فإن الصلة بين ثقافته العربية مع الثقافة اليونانية كانت نقطة تحوله إلى مفكر.

وكان الكتاب الأول محاولةً غير مكتملة في فضح الشعراء اليونانيين وأعمالهم. أما الكتاب الثاني فكان ترجمة دقيقة لأحد أهم النصوص في التاريخ اليوناني للحضارة. وهو يتناول التأثير الديني على الفكر في العصور الوسطى، ثم ينتقل إلى العصور الحديثة. وهكذا، لم يكن طه حسين متأثرًا فقط بالفكر اليوناني في عمله الأدبي، ولكن أيضًا في كتبه عن السياسة والحضارة. أثرت الكتب التي أصدرها بعد عودته من باريس بشكلٍ كبير على الأدب الكلاسيكي العربي الحديث.

أهم أعماله: "الأيام" و"دعاء الكروان" و"المعذبون في الأرض" و"في الشعر الجاهلي"

وقد شن طه العديد من المعارك في سبيل التنوير، واحترام العقل والفكر، وتحرير المرأة. وكان أولها في عام 1926 عندما أصدر كتاب "الشعر الجاهلي"، الذي كان مثيرًا للجدل إلى حدٍ كبير في كلٍ من الدوائر السياسية والأدبية. وأثار الكثير من الجدالات التي تصدرت عناوين الصحف آنذاك بين مؤيدين ومعارضين.

 

إن حججه من أجل العدالة والمساواة مدعومة بفهمٍ عميقٍ وصادق للإسلام. ومن الملاحظ أيضًا تعاطفه مع مواطنيه المهزومين وفهمه لأعمق مشاعر وأفكار المرأة كزوجة وحبيبة وأم. أصبح لدي طه نوعًا خاصًا من الأدب، وتنافس فيه القراء بحماس بالقراءة والتفسير، والمناقشة والتحليل، واستخراج معاني واضحة من التلميحات الغامضة.

كان طه يعلم أن الحكومة التي تولت السلطة تلك الفترة لا تقرأ أعماله، وإن قرأت لن تفهم. وهكذا، استطاع هزم قمع الطغاة وهرب من سلطة الرقابة، واستطاع تسجيل مظالم الظالمين وفساد الفاسدين.

وكان طه حسين يتمتع بحب ومودة تلاميذه وزملائه له. خلال فترة حياته، انتُخب عضوًا في العديد من الأكاديميات التعليمية في الدول العربية، وقد تشرفت العديد من المؤسسات الدولية باستقباله. حتى أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة لم تنتبه إلى أوامر رئيس الوزراء المصري اسماعيل صدقي، الذي حذر من توفير فرص العمل لطه حسين. قامت الجامعة الأمريكية بتخصيص قاعة إيوارت لتنظيم وممارسة الأنشطة الثقافية واللقاءات الأدبية حيث حرص الكثيرون على الحضور والاستماع إلى طه حسين، ولقبوه هناك بعميد الأدب العربي.

قدم له الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة العليا، والتي تُقدم عادةً إلى رؤساء الدول. وفي عام 1973، حصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

وتوفي الأديب الكبير في 29 أكتوبر من عام 1973م عن عمر يناهز 84 عاماً.

التعليقات