أهم سؤال في الصيف: لماذا يكره بعض المصريين الصابون؟ "ننشر اعتراف واحد منهم"!

 

بقلم: أنور الوراقي

كُنا على القهوة وقد اقتحم مجلسنا ليحكى حكايته رغم إننا منعرفوش قبل كدة، قدَّم لنا نفسه وكُنت أظن أن الاسم الذى اختاره للاستخدام مُستعاراً، ولكن عرفت من كُتر سوء حظه إن اسمه جُزء من هذا البؤس، حضرته (سمير الصابونجى)، تجاوز الأربعين من العُمر، أكرت الشعر، غامق اللون، لا عن خلقة ربنا، لكن عن زُهد فى الاستحمام بذمَّة كما قال عن نفسه، طبعاً كان عمَّال يهرُش طول القعدة، لدرجة إنى استحميت أربع مرَّات لما روَّحت بيتنا، ومع ذلك لسًّة بهرُش زيه بالزبط وأنا بكتب لحد دلوقتى!

الحكاية باختصار أن الأستاذ (سمير الصابونجى) يكره فصل الصيف 24 سهم، ويكره الاستحمام الإجبارى فى الصيف اللعين 24 قيراط، ويلعن سلسفيل أبو اللى اخترع الصابون 24 فدَّان!

فى البداية قال لنا (الصابونجى) أنه يكره الصابونة لأنه أخد أكبر صابونة فى حياته لما حبيبته سابته بعد 10 سنين ارتباط، واتجوزت صاحبه الأنتيم اللى كان بيوصَّل لها رسايله فى الأصل، وكُل دة عشان صاحبه عمل مشروع كويس من فلوس ورثها عن أمه لما ماتت، والمشروع بقى بيكسِّبه كتير، فقدر يخطف البنت منه، وغنى عن الذكر إن المشروع كان مصنع صابون سايل!

ويعود الراوى بالذاكرة لزمان شويتين، وهو يروى لنا كيف كان الصابون بيحرق له عينيه لما يدخُل فيهم وهو بيعيَّط، علشان أمه كانت بتاخده على الحمام بالعافية، وتحميه غصب عنه، فأضاف هذا عقدة نفسية مكلكعة قديمة ومستديمة فوق كُل ما صار عنده لاحقاً!

قال أيضاً ضمن ما قال لنا أن وقته ثمين، ومينفعش يضيَّعه فى الاستحمام كل يوم بالصابونة، وبالتالى كفاية شوية الميَّة من الدُش وخلاص، بلا تصبين بلا رغوة بلا تهريج، واللى مش عاجبه ـ كما قال ـ يبقى يسد مناخيره!

ويتحسس (سمير الصابونجى) ساقه اليُمنى التى اكتشفنا إنها معووجة شوية وهو قاعد بيشرب الشاى، وهو يقول بحسرة "الصابونة الله يحرقها فى مرَّة كنت داخل أستحمى، قعدت أدوَّر عليها، وأنا بلتفت كدة أتاريها فى الأرض وأنا مش واخد بالى، دوست عليها روحت متزحلق وهوووب، كسر مُضاعَف فى الساق اليُمنى، وقعدت فى الجبس ست شهور، دة غير الجروح والكدمات فى كُل حتة فى جسمى، طبعاً مكُنتش بستحمى طول الفترة دى، لا بالصابون ولا حتى بالميَّة لوحدها"!

أما الذكرى الأسوأ فكانت بسبب أبوه الله يرحمه؛ إذ قرر شراء أشيك صابون مستورد فى السوق، وقتها مكانش فيه غير صابون الغسيل الذى يُستعمل كذلك للاستحمام بشكل إضافى جنب الغسيل، قال لنا أنه انتظر حتى نام كُل مَن فى البيت وقرر التهام هذه الشيكولاتة اللذيذة ذات الرائحة النفاذة المُنعشة، فتحها ولم يتذوَّق، وإنما لَهَط على طول، فمكث بعدها فى المستشفى ليالٍ سوداء تلتها فضيحته أمام الجيران؛ حيث لم تدخر أمه وسعاً فى إلقاء الحكاية على كل الجارات اللاتى تبادلنها فيما بينهن وبين بعضهن البعض، ومع أولادهن وبناتهن، حتى صارت واقعة التهام (سمير) للصابونة على أنها شيكولاتة واحدة من النوادر الثابتة والتاريخية فى المنطقة، وسموه بسببها (سمير أبو صابونة)!

ويطلُب المُتحدِّث منا قبيل رحيله إن حَد يحاسب له على طلباته؛ لأن آخر 10 جنيه كانت فى جيبه اشترى بيها صابونة لأنهم طالبينها فى البيت، ولعن الصابون وسنينه، مؤكداً أن هذا سبب إضافى لكراهيته له، وسألنا "بذمتَك لما تشترى صابونة بآخر 10 جنيه فى جيبَك؟ يهون عليك تضيَّعها فى الحموم؟!" وتركنا ورحل وإحنا بنسأل نفسنا "أومال هيعمل بيها إيه بالزبط مادام اشتراها فعلاً؟!"

التعليقات