علامات تاريخية فريدة فى متحف وزراء مصر!

بقلم: أنور الوراقي

من ضمن القصور فى استغلال ما يجرى حولنا من تناقُضات على كافة المستويات، ذلك التقصير الرهيب الذى يمس الناحية الثقافية التاريخية؛ إذ لم يتم حتى الآن افتتاح المتحف المُناسب لمشاوير الوزراء المصريين فى مناصبهم، رغم ما تحمله تلك المشاوير من تناقُضات تصل أحياناً لحد الكوميديا!

ففى الوقت الذى يمكث فيه وزير داخلية مثل (حبيب العادلى) فى منصبه لمدة 13 عاماً مُتصلة، توقفت مصر خلالها عن إنجاب بديل له، قررت المحروسة فجأة إنجاب عدد من الوزراء المُتتاليين لذات المنصب، فطار (العادلى) من منصبه بعد ثورة يناير، وتولى بدلاً منه اللواء (محمود وجدى) ليشغل المنصب لعدة أيام فحسب، وهى الفترة من 31 يناير 2011 وحتى 3 مارس 2011، أى قرابة 31 يوماً فقط!

بعدها تولى اللواء (منصور العيسوى) منصب وزير الداخلية من 6 مارس 2011 وحتى 7 ديسمبر من نفس العام، أى أنه استمر فى منصبه ثمانية أشهر فقط، ثم سلِّم منصبه للواء (محمد إبراهيم يوسف)، ما يُشير إلى أن مصر التى أنجبت وزيراً للداخلية استمر فى منصبه 13 عاماً مُتصلة، استطاعت بعدها أن تدير شئون أمنها بأربعة وزراء للداخلية فى عام واحد فقط هو 2011!

أما على مستويات أخرى، فلنقرأ سيرة بعض الوزراء الذين ستزيّن تماثيلهم متحف الوزراء المصرى:

1- الدكتور (يوسف والى):

وزير الزراعة الذى مكث فى منصبه 22 عاماً مُتصلة، ما بين الفترة من 1982 وحتى 2004، ليضرب رقماً قياسياً عالمياً على المستوى الوزارى!

2- الدكتورة (آمال عثمان):

وزيرة الشئون الاجتماعية التى استمرت فى منصبها عشرين عاماً مُتصلة من 1977 وحتى 1997، بمعنى أنها استمرت فى منصبها خلال حُكمى الرئيسين (السادات) ثم (مبارك)، وشغلت مع ذلك المنصب التنفيذى منصباً رقابياً وتشريعياً آخر بعضويتها لمجلس الشعب خلال مُعظم فترتها الوزارية!

3- المُهندس (سليمان متولى):

وزير النقل السابق الذى تولى منصبه أيضاً لمُدة عشرين عاماً مُتصلة، وذلك خلال الفترة من 1980 وحتى 2000، أى أنه عاصر فترتى حُكمى الرئيسين (السادات) و(مبارك) بدوره!

4- المُهندس (ماهر أباظة):

وزير الكهرباء الذى زامل (سليمان متولى) فى بدايته لكنه خرج من الوزارة قبله بعام، وبالتحديد سنة 1999، ليكون المدى الزمنى له فى البقاء فى الوزارة 19 عاماً فقط!

وزراء على الجانب الآخر:

1- اللواء (محمود وجدى):

على النقيض من ذلك، فقد كان اللواء (محمود وجدى) وزير الداخلية على سبيل المثال واحداً من الذين لم يمكثوا إلا أياماً معدودات فى منصبه كوزير، كما سبق التوضيح!

2- الدكتور (جلال السعيد):

أما الدكتور (جلال السعيد) وزير النقل الذى خرج من التشكيل الوزارى مؤخراً، فلم يمكث إلا قليلاً بدوره، حيث تم تعيينه فى وزارة (شريف إسماعيل) نهايات مارس 2016، ثم خرج فى التعديل الوزارى الأخير فى فبراير 2017، قبل أن يقضى عاماً كاملاً فى منصبه!

وكان (السعيد) قد شغل نفس المنصب ـ وزير النقل ـ فى وقت سابق، وذلك خلال الفترة من 7 ديسمبر 2011 وحتى الثانى من أغسطس 2012، أى أقل من تسعة أشهر، ومن الواضح أن ذلك الأمر قد صار مألوفاً لديه!

3- اللواء (سعد الجيوشى):

شغل اللواء (سعد الجيوشى) منصب وزير النقل بدوره لفترة وجيزة، وذلك من سبتمبر 2015، وحتى مارس 2016، أى أقل من ستة أشهر تقريباً!

لذا فإن المُقارنة بين مجموعتى الوزراء، مَن مكث منهم فى منصبه لأكثر من عشرين عاماً، ومن بقى مُجرَّد أيام معدودة، تدفعنا لطرح عشرات الأسئلة الحائرة، التى يُعَد أهمها على الإطلاق هو: لماذا لم يتم افتتاح المتحف المطلوب حتى يومنا هذا؟!

التعليقات