مولد مولانا ميسي ودراويشه.. "بقلم مش إبراهيم عيسى"!

بقلم: مش إبراهيم عيسى

المتتبع لأحوال مصر وأخبارها وأحداثها، يكتشف أننا لم نتغير على الإطلاق، مُنذ قامت ثورة يوليو 1952 التى هى فى الواقع انقلاب، وأطاحت بمَن تولوا شؤوننا من بين فاسد أو خائن أو عميل، وحتى إمبارح الساعة 8 مساءاً بعدما انتهت زيارة "البرغوث" الأرجنتينى (ميسى) لمصر!

نفس السياسة لا تتغيَّر رغم قيام ثورتين حقيقيتين بعد ذلك، والإطاحة بشوية رؤوساء للجمهورية، لكن العقول لا تزال كما هى، تشبه أحياناً محتويات طبق چيلى خارج للتَو من التلاجة، طرى مرعوش لا يكُف عن الاهتزاز، وغالباً لا تعدو كونها صينية بسبوسة محجَّرة، اتحرقت فى الفُرن، فجلسنا جنبها مش فاضيين غير للبكاء والعويل، ومحاولة كسر حتَّة منها بالأزميل!

لا زلنا ندور فى تلك الحلقة الجهنمية التى يقودنا نحوها كُل نظام حُكم، نصنع إله من العجوة أو من الجلد، ونقعد نلف حواليه، وننسى مشاكلنا الأصلية، ونتغاضى عن صباع باتون ساليه قضم منه مولانا (ميسى) قضمة، وترك الباقى للزبالة، هذا الصباع قيمته وحدها قادرة على إعاشة أسرة كاملة مكوَّنة من أب وأم وثلاثة أطفال لمدة لا تقل عن سنة، من أكل وشرب وإيجار شقة، وتعليم، وكمان ڤياجرا لزوم إنجاب الطفل الرابع!

نفس السياسات لا تتغيَّر، ونهمل دائماً المبدأ الفقهى "درء المفاسد مُقدَّم على جلب المنافع"، يعنى مش معقول نستوعب حضور البعض لحفل (ميسى) بعد دفع آلاف الدولارات، مُقابل دعاية لمصر خالية من أمراض الكبد، لم يكُن هناك أى لزوم لهذه اللفة التى لم نستفد منها إلا تحجير المرور فى شارع الهرم لساعات لأن مولانا (ميسى) معدى من هناك، الكُل اشتكى، مصريون توقفت أرزاقهم، وسياح باظت نزهتهم، وكُل دة علشان مولانا قرر التعطُّف وزيارة الهرم، وسرد كلمتين فى حُب الفراعنة والملوخية!

لا تزال أنظمتنا الحاكمة تعمل بنفس الطريقة، تصرف نظر الشعب عن مشاكله وبلاويه، وتقول له شوف العصفورة، لكن فى حالتنا هذه كانت الحكاية إننا شوفنا البرغوث، ليرددوا أن هذا فى حَد ذاته إعجاز علمى، إننا نشوف برغوث من شبابيك بيوتنا أو شرفاتها، وهو على بُعد عشرات الكيلو مترات، ووقت ما كُنا مشغولين بمراقبة البرغوث، كانت الحكومة تواصل الفشل، والتآمُر على الشعب، ولم يشعُر أحد أن كيس لسان العصفور الـ350 جرام، ارتفع سعره من 3.75 قرشاً، إلى 4 جنيهات كاملة!

لن يكون بمقدورنا تطبيق ديمقراطية سليمة، ولا القضاء على الفساد، رغم الطنطنة غير المُتناهية بمجهودات الأمن، ورجال الأمن، والرقابة الإدارية، وحوادث القبض على كمسارى معاه تلاتة جنيه زيادة كان ناوى يشترى بيهم الفطار لعياله، ولا نعلم هل تم القبض عليه ظناً من البهوات إنه مختلس للعُهدة، واللا قبضوا عليه بتهمة ارتكاب فعل فاضح بالشروع فى شراء فطار لعياله بثلاثة جنيهات فقط، وهو مبلغ لا يكفى لجلب عيش حاف!

هيَّصنا وهللنا لـ(ميسى)، واتصوَّرنا جنبه، وغنيناله الحُب كله حبيته ليك الحب كله، ولكن ماذا بعد؟ لم تنخفض قيمة الدولار من إمبارح، ولم تصبح بورصتنا مُضاهية لبورصات لندن ونيويورك وطوكيو، ولم ينتهى الفقر، ولا الإرهاب، ولا تزال القاهرة تعج بالزبالة، وإسكندرية خايفة من النوَّات والغرق.. كسب (ميسى) من ورانا المزيد من النجومية والمليارات، وإحنا لسَّة بنلف فى حلقة ذكر مولانا (ميسى)، ونغنى له: ادعوا لعَم النجم بطولة العُمر الله يخليه.. الله يخليه ويبارك فيه!

* مقال تخيُلى ساخر كتبه (أنور الوراقي)!

التعليقات