إعلامي كندي يروي تفاصيل "العشاء الأخير" مع الوليد بن طلال ويرجح: هذا سبب اعتقاله

ماذا عن مصير الأمير الملياردير؟ سؤال تصعب الإجابة عنه بين متابعي قطاع الأعمال العالمي، لارتبارطه بواحد من أقوي رجال الأعمال اقتصاديا في العالم، إنه الوليد بن طلال.

وكان النائب العام في المملكة العربية السعودية، أعلن في بيان، الإثنين، إن المُشتبه بهم في قضايا الفساد وبينهم الوليد بن طلال سيُحاكمون وسيُكفل لهم حقهم في الحصول على المشورة القانونية.

فيما سرد الإعلامي الكندي إيريك شاتزكر، في تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" العالمية"، تفاصيل ما أطلق عليه "العشاء الأخير" للأمير السعودي قبل أيام من اعتقاله، ضمن مجموعة من الشخصيات البارزة في المملكة، على خلفية اتهامهم بالفساد وغسل أموال، و يحكي ششاتسكر "أعرف الوليد منذ 9 أعوام تقريبًا، وأجريت معه عدة لقاءات على تليفزيون بلومبرج. لقد كان، ولا يزال، شخصية مثيرة للاهتمام: فهو أمير سعودي لم يحصد ملياراته من قطاع النفط، دائم التحدّث عن حقوق المرأة، تجمعه علاقات صداقة مع روبرت مردوخ وبيل جيتس. يشعر بالارتياح في ارتداء الزي السعودي التقليدي والملابس الرسمية". ويلفت شاتزكر إلى أن مواقف الوليد الخاصة بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، بدت أنها تتفق مع تيار الحداثة الحالي الذي تخطو عليه المملكة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عامًا. فعلى سبيل المثال، كان الوليد من أشد المُعارضين لحظر المرأة من قيادة السيارات، وكتب على حسابه على تويتر في 2013، يقول إن "الحظر غير منطقي". إلى أن أعلنت الحكومة السعودية، قبل 6 اسابيع، رفع الحظر والسماح للسعوديات بالقيادة بحلول يوليو المُقبل.  ونوّه الإعلامي الكندي إلى أنه أجرى مقابلة مع الوليد في شقته في الرياض، قبل عام، أخبره خلالها أن خطط الأمير محمد بن سلمان لتقليل اعتماد المملكة على عائدات النفط، وخفض العجز فى الميزانية، واجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية "كانت تلقى ترحيبًا كبيرًا ودعّمتني شخصيًا". 

 

يقول شاتزكر"قبل عشرة أيام من أن يُصبح الهدف الأبرز في حملة مكافحة الفساد السعودية، قضيت أُمسية في الصحراء مع الأمير الوليد بن طلال". ويمضي في تفاصيل الأُمسية "جلسنا في الهواء الطلق على وسائد وُضِعت على سِجاد هائل بُسِط على الرمال، تحدّثنا عن أسهم التكنولوجيا والسياسة الأمريكية، احتسينا القهوة العربية، شاهدنا مباراة لكرة القدم على شاشة تِلفاز ضخمة في الخارج، وتجوّلنا لمدة 50 دقيقة سيرًا على الأقدام تحت النجوم، وفي الـ11 مساءً حلّ وقت العشاء. وتناولت الضأن والروبيان والأرز والسلطة من (بوفيه) ضخم ضمّ ما لا يقل عن اثنتيّ عشرة طبقًا". 

وأردف شاتزكر "إذا كان الوليد على عِلم بما كان سيحدث بعد ذلك، ما كان له أن يُظهِر كل ذلك"، وأشار إلى أن الملياردير السعودي بدا سعيدًا ومُسترخيًا خلال الاُمسية. كما أنه هتف عندما فاز نادي الهلال في الرياض بالمباراة.  كان منتصف الليل تقريبًا عندما عقد الأمير "مجلسًا"، وهو احتفال بدوي تقليدي يأتي فيه رجال القبائل لتقديم تعازيهم وطلباتهم. مجموعة من الرجال في جلاليب بيضاء وأغطية رأس عربية بيضاء في حمراء اصطفوا في الظلام. أخذوا يخلعون أحذيتهم، واحدًا تلو الآخر، ثم انحنوا للوليد بن طلال، مُسلّمين إيّاه مجموعة من الأوراق. وصار الأمير يؤشر على كل ورقة، ثم بدأ في رصّها حتى تحوّلت إلى "كومة أوراق".

وأشار شاتزكر إلى أنه سمع بنبأ اعتقال الوليد، بينما كان يقضي عُطلة في جزء بعيد من جزر البهاما، التي تتسم بمحدودية الوصول إلى الإنترنت، ومنذ ذلك الحين يُكافح من أجل استيعاب ما حدث وفهم القصة. هل كان هناك أي أدلة تُشير إلى وقوعه في ورطه؟ وقال إن الشيء الوحيد الذي يُفكر فيه الآن هو واقعة حدثت في فبراير 2015، بعد أسابيع قليلة من وصول الملك سلمان إلى العرش السعودي. فعلى مدى سنوات، كان الوليد، ابن شقيق الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز المُفضّل، يخطط لتدشين قناة تليفزيونية باللغة العربية تبثّ أخبارًا من وجهة نظر أكثر انفتاحًا عن غيرها في المنطقة. وأطلق عليها اسم "قناة العرب"، وشكّلها بشراكة مع بلومبرج إل بي، الشركة الأم لتليفزيون بلومبرج، ومقرها في البحرين.  في اليوم الأول من عملها، أُغلِقت "العرب" بأمر من الحكومة البحرينية ولم يعاد فتحها مُطلقًا. وقالت البحرين إن برنامجًا أذاعته القناة تضمن مقابلة مع سياسي معارض، فشل في "مراعاة الجهود الرامية إلى القضاء على تيار التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم". 

يقول شاتزكر إن هذه الواقعة كانت إشارة على أن الوليد أخطأ في قراءة التعامل مع اختلاف المعارضة من قِبل البحرين، والأهم من ذلك، في المملكة العربية السعودية، جارتها وراعيها الاقتصادي. وأوضح شاتزكر أنه بقي على تواصل مع الوليد، بتبادل الرسائل النصية عبر تطبيق واتساب، لافتًا إلى أنه حاول الوصول إليه خلال الأيام القليلة الماضية، لكن محاولاته باءت جميعًا بالفشل. وتمثّل الاتصال الوحيد من جانب الوليد في بيان صادر عن شركة المملكة القابضة، تؤكّد فيه "مواصلة عملياتها التجارية المعتادة وحصولها على ضمانات من الحكومة". واختتم شاتزكر قصته بالقول "آخر لقاء جمعني بالوليد في الصحراء، أظهر لي كتابًا كان يقرأه بعنوان (لماذا ننام؟) للدكتور في علم الأعصاب، ماثيو ووكر. أخبرته حينها أنني كنت أخطط لقراءته، واتفقنا على إجراء نقاش حول الكتاب بمجرد أن أقرأه. والآن، فيبدو أن هذا النقاش لن يُجرى أبدًا".

التعليقات