5 أسباب أدت إلى انفجار الأزمات بين القاهرة والسودان .. هل تسحب مصر سفيرها؟

خطوة مفاجئة اتخذها السودان بسحب سفيره من القاهرة، وتشير هذه الخطوة إلى دخول العلاقات ببن البلدين الى مرحلة خطيرة، بعد انفجار الأزمات المتتالية المكتومة وفشل كل محاولات تطويق تلك الأزمات التى تعود الى عدة اسباب رئيسية:

اولا : حلايب وشلاتين: هذه المناطق التى تقع على الحدود بين البلدين وتعيش بها قبائل كانت تقليديا تنتقل عبر الحدود للتجارة والرعي ، وظلت تحت الإدارة السودانية إلى فترة قريبة، حتى أعلنت مصر استعادة السيادة على تلك المناطق ، وتم إقرار اتفاقيات الحريات الأربع بين البلدين " التنقل والتجارة والعمل والإقامة " على أن تطبق على حلايب وشلاتين.

 وأطلق رئيس الحكومة السودانية السابق الصادق المهدى على هذه الصيغة " حبايب "، ولكن إبرام مصر اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة السعودية وإقرارها رسميا العام الماضي شكل تصعيدا للخلاف بعد أن أقر الاتفاقية ترسيم الحدود عند خط عرض ٢٢ جنوبا، والذى وضع حلايب وشلاتين ضمن الحدود المصرية.

 وقام السودان بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن يخطره بقيام مصر بضم مناطق تابعة له مخالفة للقانون الدولى، فيما تجاهل السودان الجامعة العربية وحتى منظمة الاتحاد الأفريقي كتجمعات إقليمية عربية وأفريقية من صلاحيتها مناقشة مثل تلك المشاكل الحدودية.

 

ثانيا : ازمة سد النهضة الاثيوبي واتخاذ السودان موقفا اقرب الى الموقف الاثيوبي ، حيث سيحصل السودان على حصة من الكهرباء التى سيولدها السد إضافة إلى حماية أراضيه من مخاطر الفياضانات ، واتُهم السودان فى نفس الوقت مصر بالاستيلاء على جزء كبير من حصتها من مياه النيل التى تقدر ب١٨،٥ مليار متر مكعب من المياه.

 والواقع أن السودان كان لا يستطيع احتجاز فائض المياة التى ساعدت مصر على تصريفها حتى لا تغرق أراضي السودان، ولايزال السودان عنصر تأزيم فى ملف سد النهضة ولايلعب دورا لحماية المصالح المصرية، وأصبح يستخدم هذا الملف للضغط على مصر، للحصول على تنازلات فيما يخص حلايب وشلاتين .

 

ثالثا : أزمة جزيرة سواكن: وهذه الجزيرة كانت خاضعة للسيادة المصرية كما كان السودان نفسه جزء من المملكة المصرية، وكان لقب الملكين فؤاد ثم فاروق " ملك مصر والسودان "، واشترت مصر سواكن من الدولة العثمانية ايام كانت خاضعة للحكم العثمانى.

ومع إعطاء مصر السودان حق تقرير المصير عام ١٩٥٦ استقل السودان وتركت مصر سواكن ، والتى عادت للأضواء مؤخرا بعد زيارة الرئيس التركى رجب طيب اردوجان الذى ابرم اتفاقيات مع حكومة السودان بينها إعطاء ادارة وتطوير الجزيرة لتركيا لتحويلها إلى ميناء هام والحصول على تسهيلات عسكرية، وبالطبع فتلك خطوة تحمل تهديدا للأمن المصري، وردا على قيام مصر بإنشاء أسطول بحري جنوبي للبحر الأحمر وتخصيص إحدى حاملات الطائرات الفرنسية ميسترال للمرابطة هناك ومراقبة محاولات تهريب السلاح وتسلل الجماعات الإرهابية عبر البحر الأحمر الى سيناء ، فيما يستعين السودان بخصوم مصر الاقليمين تركيا وقطر وإيران للضغط على مصر.

 

رابعا : احتضان السودان أعضاء من الاخوان وتنظيمات إرهابية ، على الرغم من مطالبة مصر بانهاء تواجد هؤلاء فى السودان، إلا أن الخرطوم لم تقطع علاقاتها مع الكثير من قيادات وكوادر تلك الجماعات، وتجاهلت عمدًا تأمين حدودها مع مصر وخاصة المثلث الحدودى الذى يضم ليبيا ايضا ، وتحولت هذه المنطقة الى منفذ ومسار لتسلل التتنظيمات الإرهابية والسلاح الذى يصل الى الصحراء الغربية والتى يحاول تنظيم داعش دخولها وتهديد مصر عبر فتح هذه الجبهة الجديدة عبر بحر الرمال الأعظم.

 

خامسا : علاقلات مصر القوية مع جمهورية جنوب السودان والحركات المتصارعة فى الجنوب ونجاحها فى رعاية اتفاق مصالحة بمساعدة المخابرات المصرية، وهو ما تشير إليه الخرطوم باعتباره محاولة من مصر لزيادة نفوذها فى الجنوب على حساب الخرطوم التى تفشل فى إقامة علاقلات طبيعية مع اشقاء الامس.

 يبقي السؤال الهام ، ماذا ستفعل مصر وكيف سترد على قرار السودان بسحب السفير، هل تسحب مصر سفيرها، أم تلتزم سياسة هادئة تتجنب التصعيد ، وتنتظر الوساطات السعودية والإماراتية التى راحت تتحرك بسرعة لتطويق أزمة كبيرة بين القاهرة والخرطوم.

التعليقات