كله بإسم الدين!

لا يمكن لأحد في مصر أن ينكر أن أكبر جريمة تم ارتكابهابحق الاجيال هي التدمير المنهجي والمنظم لعقول الشباب عبر ترسانة من الأفكار الدينية المشوهة ظلت تعمل لعقود على تخريب الشباب فكريا ونفسيا والزج بهم في فرق وجماعات ومنظمات تحت الأرض وفوقها في أكبر وأخطر عملية استقطاب شهدتها مصر على مدى أكثر من 30 عاماً.
والسؤال هو: لماذا اختار الشباب المضلل دينيا الحياة في غياهب أفكار القرون الوسطى والعصور المظلمة بدلاً من الحلم بالمستقبل والعمل لجعل الحاضر أفضل؟
الاجابة الوحيدة والبسيطة في رأيى تبدأ بكارثة التربية الدينية في المدارس التي وضعت حجر الأساس لبناء القاعدة العريضة من المتطرفين والعدوانيين المتوتريين دينيا والعنصريين الكارهين للآخر بل للوطن نفسه، فالوطن تحول عندهم إلى الكم الهائل من التغيرات والاتجاهات الدينية الخاطئة التي تمتلئ بها مناهج التدريس الديني من الابتدائي والإعدادي وصولاً إلى المعقل الكبير الأزهر الذي حاول المتطرفون تشويهه ودفعه للانحراف عن مساره وتاريخه الوسطي الطويل.
والسؤال الأهم: لماذا تنهار كل علوم ومناهج التعليم الحديث في مدارسنا في حين تصمد فقط مادة الدين رغم الهجوم المتكرر على مافيها من أخطاء أنتجت لنا أجيالاً من المتطرفين .. إخوان .. وقاعدة .. وداعش وكلهم روجوا لأفكار العنف والارهاب .. وكله بإسم الدين!
إن الرياضيات والفيزياء والتاريخ عندما تتدهور  .. تكون النتيجة جهل وتخلف، ولكن عندما تتدهور مادة الدين  .. تكون النتيجة قنبلة موقوتة تتفجر في كل بيت وشارع وجامعة وجامع وكنيسة!
ورغم كل الجهود ودعوات إصلاح وتنقية مناهج الدين في المدارس والأزهر إلا أنه مازالت هناك معضلات أزلية غير مفهومة .. فمثلا:
- لماذا تلقن المدارس أحاديث لا يفهمها الكبار لأطفال فى سن 9 سنوات؟
- هل من الطبيعي ومن التربوي والأخلاقي أن نفصل بين التلميذ المسلم والمسيحي في حصة الدين؟ .. ولماذا لا تجمعهما معا حصة واحدة للمواطنة والأخلاق؟
- هل مستوى المعلم الحالي بأحواله الاجتماعية المتدهورة وكفاءته العلمية المحدودة يطمئننا أن نترك بين يديه أبناءنا ليعلمهم صحيح الدين؟
ملحوظة:- (نقابة المعلمين كلها ظلت لسنوات تحت سيطرة الإخوان ثلث مدارس مصر الحكومية والخاصة كان يديرها أو يملكها إخوان)
ونحن إذا إتفقنا على أن المستقبل الذي نريده لبلادنا لن يتحقق إلا بالعلم والمعرفة فأظن أن البداية لابد أن تكون من المدرسة التي تخرج منها أجيال تحترم الآخر والوطن والمواطنة تكره التعصب والتمييز .. وكل هذا يتحقق بألا نفصل بين تلميذ وزميله في حصة الدين، وقبل هذا نتأكد من أي تفسير ديني نحشو به عقول أبناءنا، حتى لا يخرجوا علينا بالسيوف والقنابل والإرهاب .. وكله بإسم الدين!!

التعليقات