مجتمع غاضب.. محتقن.. مخنوق !

قلنا من قبل أن المصريين مستقطبون !.. ليسوا شعبا واحد ا بل أكثر من شعب ، وكل شعب له مصالح وتوجهات وزعماء ، وهم جميعا مختلفون حتى على المبادئ والمفاهيم الأساسية في الحياة ،  وكل شعب أصبح له تفسيره الخاص للأمن والعدل والحرية والوطن والسيادة ...الخ !
والمصريون رغم استقطابهم  وانقسامهم ، إلا أنهم جميعا يشتركون في حالة واحدة وإحساس مشترك هو : الغضب !.
نحن شعب غاضب ومحتقن ومخنوق !
وأكثر الغاضبين هم الشباب (65 % من السكان ) ، وينضم لهم الآن معظم الفئات ،.. صحفيون وأطباء وعمال ومهندسين ورجال أعمال ومثقفين وفنانين ،.. كلهم محتقنين ومخنوقين ، وكل منهم له أسبابه ودوافعه ومعاركه مع الحكومة العاجزة تماما عن لم الشمل  والحوار وتقديم الحلول ومعالجة اسباب الغضب .
والشباب بالذات الذين نقول عنهم أنهم ( نصف الحاضر وكل المستقبل ) لا يرون في حاضرهم غير الأزمات والمشاكل والسجن أو المخدرات والضياع ، ولا يرون في مستقبلهم إلا الخوف من المجهول !
وإذا سألنا الدولة ماذا تقدم للشباب ؟.. لا شيء !!
تعليم .. ابتدائي ، اعدادي، ثانوي، جامعي، مهني.. زفت !
وظائف ، سكن، رياضة .. مفيش !
حرية ، ممارسة سياسية ، ممارسة اجتماعية .. فنية حتي جنسية .. مفيش !
وحتى نوقف انفجار قنبلة الغضب ونعطي للشباب بعض الأمل، وحتى نستعيدهم من براثن التطرف والمخدرات وكراهية المجتمع والسلطة والبلد ، ومن حالة " الاستبياع " والعبث والعدمية ، أتصور أن البداية يجب أن تكون بتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة وتهيئتهم بما يحتاجونه من علم ومهارات :
(1) تجهيز مراكز تدريب مهنية في كل المحافظات ، مراكز بجد مش "مراكز زينة " ،مراكز بمعايير دولية ولا مانع من تشجيع المدارس العالمية للتدريب المهني بالتواجد في مصر بدون اتهامها بالتجسس والعمالة وهناك مؤسسات دولية تمول هذه المراكز وتوفر مدربين ومدرسين ولكن جهابذة الجهل اعتبرتها مؤسسات "تجسس على مصر" !
(2) الابتعاد عن نظام الثانوية العامة ومكتب التنسيق والمجموع ، فمن يريد التدريب المهني فليتأهل من خلال امتحان قبول وإذا نجح فليبدأ من الإعدادية .
(3) إعداد تشريع يوحد مدة الخدمة العسكرية للجميع حتى لا يتوجه الشباب بأي وسيلة إلى التعليم الجامعي فقط لتقصير مدة الخدمة العسكرية .
(4) تمكين بعض الشباب الحاصل على تعليم عالي من الاعفاء من الخدمة العسكرية مقابل تقديم خدمة التدريس أو التدريب في المدارس والمعاهد التدريبية .
(5) التسهيل على الشباب المؤهل مهنيا وفنيا لعمل مشروعه الخاص ، ورشة أو مصنع صغير أو مكتب أو محل من خلال قروض بدون شروط مجحفة .
(6) تشريع خاص للتمويل العقاري للشباب حتى لا يستهلك الشاب كل مدخرات أهله لشراء شقة الزوجية .
(7) تخفيض قيمة الأراضي بصفة عامة على الجميع حتى يعود السوق العقاري إلى مستوى معقول ، فالدولة هي المسؤولة عن رفع أسعار الأراضي من خلال النظام العقيم للمزادات على أراضي البناء السكني والصناعي .
(8) أخيرا علينا أن نترك شبابنا ينطلق في الفكر والفن والعمل والرياضة ولا نكتم أنفاسه بعادات وتقاليد يرفضها ويريد تغييرها وألا نجبره أن يسلك نفس الطريق الذي سلكناه ، عليه أن يختار طريقه لأنه يمكن أن يكون أفضل بكثير وهذا ما أتمناه .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __ _ __ _
هذه مجرد مقترحات أولية وبديهية لنزع فتيل قنبلة الشباب الغاضب ، ولكن كل هذا يظل كلاماً في كلام مالم تتوفر الارادة السياسية لإزالة الاحتقان ووقف الاختناق ، وأول خطوة في رأيي هي الافراج الفوري عن الشبان والبنات المحبوسين في قضايل سياسية وتظاهرات وقضايا رأي ،  مطلوب قرار شجاع يفتح صفحة جديدة ويعطي الشباب بعض الأمل في مستقبل مملوء بالتفائل والثقة المتبادلة ويعيد الانتماء المفقود لوطن لا تقدم ولا مستقبل له بدون الشباب .

التعليقات