جوهر الخلاف حول التشريعات الصحفية بين «سيد قراره».. وآخرين!

فى أعقاب انتهاء المؤتمر الصحفى الذى دعت إليه لجنة الثقافة والإعلام فى مجلس النواب ، اتصل بى أحد الزملاء الذين كلفتهم صحفهم بتغطية وقائعه، وقال لى إنه أمضى أكثر من ساعتين، يستمع إلى خطب منبرية لا صلة لها بالموضوع الذى كلف بمتابعته، وهو: جوهر الخلاف بين أسيادنا الذين فى مجلس سيد قراره من جانب وبين نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة من الجانب الآخر، حول مشروع تنظيم الصحافة والإعلام الموحد، فلم يفهم شيئاً مما قيل، لأن معظم المتحدثين فى المؤتمر، كانوا يتحدثون بنبرة زاعقة، حتى يكاد يطق لكل منهم عرق، فى موضوعات قد تكون لها صلة بالصحافة، مثل الأوضاع التحريرية والاقتصادية المتدهورة للصحف القومية، والسياسات الخاصة التى يتبعها مجلس نقابة الصحفيين، والشلة التى يقال إنها ناصرية، وإنها تسيطر على المجلس الأعلى للصحافة وعلى النقابة، وهى كلها موضوعات قابلة للنقاش، ولكن لا صلة لها بالأزمة الراهنة، فأوضاع الصحف القومية المتدهورة، تعود إلى عقود ماضية، وديون تراكمت فوائدها، حتى تضاعف أصل الدين مرات، فى عهود كان بعض هؤلاء شركاء فى إدارتها، والملاحظات على أداء مجلس نقابة الصحفيين، ليس مكانه إحدى قاعات مجلس سيد قراره، بل إحدى قاعات النقابة، خاصة أن ما يفصل بيننا، وبين انتخابات النقيب وتجديد نصف أعضاء المجلس هو عدة أسابيع، يستطيع المعارضون للنقيب والأعضاء أن يستعدوا خلالها لخوض معركة غزوة الصناديق.

والمجلس الأعلى للصحافة ليس فى حاجة هو الآخر، لكى يصطنع أزمة، حتى يحتفظ أعضاؤه بمواقفهم، لأنه سواء أخذ برأى مجلس سيد قراره، فتمت تجزئة القانون الموحد، إلى قانونين، أو أخذ برأى المجلس الأعلى ومجلس النقابة، فصدر موحداً، فسوف ينتهى وجود المجلس الأعلى للصحافة، ويغادر أعضاؤه أماكنهم، بمجرد صدور أى من القانونين، وبالتالى فلا مصلحة لهم فى تعطيل التجزئة، كما ادعى بعض السفهاء.

جوهر الخلاف هو أن تجزئة مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام الذى وضعته لجنة الخمسين، وتحاورت بشأنه مع الحكومة، التى وافقت عليه، إلى قسمين كما يذهب سيد قراره، يحمل الأول اسم «قانون التنظيم» المؤسسى للصحافة والإعلام ويضم 89 مادة، ويقتصر على الأبواب الثلاثة الأخيرة من مشروع القانون الموحد، التى تشمل قواعد تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام واختصاصاته وإدارته، كما تشمل قواعد تشكيل واختصاصات وإدارة الهيئتين الوطنية للصحافة والإعلام.. على أن يتم حالاً بالاً، لأن الدستور - كما يزعم سيد قراره - ينص على أخذ رأى هذه المجالس والهيئات فى القوانين واللوائح التى تنظم نظام عملها.

ويحمل الثانى اسم «قانون تنظيم الصحافة والإعلام» ويضم ما تبقى من مواد قانون الإعلام الموحد، وعددها 127 مادة، تشمل أبواباً وفصولاً تنظم حقوق وواجبات الصحفيين والإعلاميين وتأديبهم، وضمانات التحقيق والمحاكمة فى الجرائم التى تقع بواسطة الصحف ووسائل الإعلام، وأخرى تنظم قواعد وشروط ملكية المؤسسات الصحفية سواء كانت عامة أو خاصة، وطريقة مزاولتها نشاطها، ومواد تنظم نفس الأمر بالنسبة للوسيلة الإعلامية - المرئية والمسموعة والإلكترونية - ويلى ذلك قواعد تنظيم الإعلام العام ليشمل أحدها الصحف القومية، والثانى ماسبيرو وقنواته ومحطاته الإذاعية!

جوهر الأزمة يدور حول فصل الأبواب الأخيرة، التى تشكل رأس الهرم فى القانون الموحد، لكى تصدر فى قانون منفصل، يبقى النظام الإعلامى الذى كان قائماً قبل ثورة يناير كما هو، فنص القانون يلغى فقط الفصل الرابع من القانون رقم 96 لسنة 1996، الذى ينظم تنظيم واختصاص المجلس الأعلى للصحافة، لتحل محله الهيئة الوطنية للصحافة التى سوف تقوم بتطبيق المواد الباقية من القانون نفسه، سواء بالنسبة لاختيار رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير والأعضاء المعينين والمنتخبين فى مجلس الإدارة والجمعية العمومية.

وبالمثل ألغى مشروع قانون «سيد قراره»، قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لتحل محله الهيئة الوطنية للإعلام، وتحتفظ هذه الهيئة، بالقوانين القائمة الآن، التى تنظم شؤون ملكية وإدارة وتأسيس القنوات التليفزيونية والإذاعية، أما الصحف الإلكترونية فقد ضاعت فى الباى باى، لأن المواد المنظمة لها من بين المواد الـ127 التى قرر سيد قراره أن يحتفظ بها فى الثلاجة!

وذلك جوهر الخلاف.. أما ماعدا ذلك فهو نوع من الهرتلة على الطريقة المصرية!

التعليقات