نهاية مخطط الفوضى

بانتهاء الولاية الثانية للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما وتسلم الرئيس الجمهورى دونالد ترامب، تنتهى حقبة نشر الفوضى فى الشرق الأوسط، تلك الحقبة التى بدأت فى عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن تحت مسمى «الفوضى الخلاقة أو البناءة» وفق الهندسة التى صاغتها مستشارته للأمن القومى فى الولاية الأولى ووزيرة الخارجية فى الولاية الثانية كوندوليزا رايس، وتلقفتها إدارة أوباما ووضعت لها مسمى «الربيع العربى» وتولت الإشراف على التنفيذ وزيرة الخارجية فى ولايته الأولى هيلارى كلينتون، والتى تفرغت فى ولاية أوباما الثانية لخلافته. خلال تلك الحقبة عملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على نشر الفوضى فى المنطقة، وتفكيك الكيانات الكبيرة إلى دويلات صغيرة، يسهل التحكم فيها وممارسة لعبة التوازنات فيما بينها وبحيث تصبح إسرائيل كبير المنطقة ورجل الأمن فيها ومن ثم تكون محور التفاعلات ووجهة طلب المساندة والمساعدة ومن ثم تنتهى مرحلة نبذ إسرائيل فى المنطقة وتنتهى عملية الاعتماد على الولايات المتحدة فى ضمان بقاء إسرائيل وأمنها.

نجحت الإدارات الأمريكية منذ عام ٢٠٠١ وحتى نهاية الولاية الثانية لأوباما فى تسييل التفاعلات داخل المنطقة العربية عبر إضعاف وإسقاط نظم حكم مستقرة مثل تونس ومصر، وأخرى كانت مستمرة مثل سوريا وليبيا، ونشرت الفوضى فى هذه الدول وظهر تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) ونشر الدمار والخراب وابتدع أساليب همجية فى القتل والسحل والتعذيب لا تمت للبشرية بصلة، وبدا واضحاً أن المخطط فى سبيله إلى النجاح ونشر الفوضى فى المنطقة بالكامل حتى جاءت ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ فى مصر لتعصف بالمخطط وتبدأ المنطقة فى استعادة حالة الأمن والاستقرار، فعندما خرج الشعب المصرى لاسترداد بلده وهويته الوطنية بإسقاط حكم المرشد والجماعة، أوقف تفاعل نظرية الفوضى الخلاقة ومسمى الربيع العربى، فسقوط الجماعة فى مصر ونجاح الجيش المصرى فى كسر شوكة الجماعات الإرهابية والقضاء على وجودها فى القاهرة والمحافظات المصرية وحصرها فى شمال سيناء كان بمثابة طلقة البداية فى اعتدال ميزان الحرب على الإرهاب فى المنطقة واستعادة توازن قوى عربية فى حربها على الإرهاب. فقد استنفدت القوى الداعمة للمخطط الفوضوى جهدها فى مواجهة مصر، بذلت كل جهد ممكن لإسقاط ثورة المصريين عبر إرهاقها أولاً وإضعافها سياسياً واقتصادياً، ولكن الشعب المصرى صمد خلف قيادته السياسية وقواته المسلحة ونجح فى تأمين الثورة وتحصينها، وهنا بدأت التداعيات الإقليمية للنجاح المصرى فى الانتشار وكانت سوريا والعراق الساحتين اللتين تأثرتا بما جرى فى مصر، توازن النظام السورى ونجح فى كسر شوكة الإرهابيين الذين وجدوا على أراضيه بتواطؤ عربى مجاور وتركى، ثم امتد التأثير إلى العراق الذى انتفض من أجل تحرير شماله من احتلال «داعش» وتدريجياً طال التأثير ليبيا المجاورة لنا وبدأت عملية إزالة التنظيم كنوع من الجراحة الدقيقة، ومع النشاط الذى دب فى موقف روسيا الاتحادية بدأت حالة عامة من تحرير البلاد من براثن الجماعات الإرهابية، وبهزيمة هيلارى كلينتون فى انتخابات الرئاسة الأمريكية وفوز دونالد ترامب انتهى إلى غير رجعة مخطط نشر الفوضى فى بلادنا وبدأت الدولة فى استعادة عافيتها ودخلت مرحلة نفض غبار الفوضى الخلاقة ومعها ما سمى «الربيع العربى» وبدأت مرحلة التطهير والبناء وهى مرحلة طويلة وتتطلب صبراً ومؤازرة للجهود الوطنية المخلصة التى تبذل اليوم لاستنهاض الأمة المصرية وجوارها العربى وتشكل صيغة جديدة فى علاقاتنا والمنطقة بالعالم.

التعليقات