شخلل عشان تعدى..!

معادلة الرئيس الجديد للولايات المتحدة «دونالد ترامب» معروفة، وملخصها: «شخلل عشان تعدى»، فقد سبق وتناول خلال حملته الانتخابية كلاماً عن الجيش الأمريكى «الغلبان» الذى دافع عن شعوب الخليج بالمجان (على أساس أنه لم يقبض الثمن)، وأن أى تحرك جديد للقوات الأمريكية لا بد أن يكون مدفوعاً، ولاحقاً تحدث «ترامب» عن بترول العراق، وقال إن أمريكا كانت مطالبة بالسيطرة عليه، بعد الغزو الأنجلو أمريكى لهذا البلد العربى عام 2003، ثم استدرك قائلاً إن الباب ما زال مفتوحاً حتى الآن!.

«ترامب» رجل يحب لعبة «المقايضة»، ويلعب بتكتيك التاجر، الذى يدرك أن كل شىء وله ثمن، وأن من الواجب على «الزبون» أن يدفع الثمن كاملاً لكى يحصل على ما يريد. تعال نعيد قراءة مشهد تهديد كبير متحدثى البيت الأبيض بإدراج مصر والسعودية، ضمن الدول التى سيمنع رعاياها من دخول الولايات المتحدة الأمريكية. بالتزامن مع هذا التصريح، أجرى «ترامب» اتصالاً مع الملك «سلمان» عاهل المملكة العربية السعودية، ذكر مصدر سعودى لـ«رويترز» أنه استغرق ساعة كاملة، وناقش العديد من القضايا التى تخص المنطقة والعالم، بما فى ذلك منع رعايا 7 دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية. ومع الاتصال جاء تهديد كبير متحدثى البيت الأبيض. قبل تصريح البيت الأبيض بساعات أيضاً جاء حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وذلك فى معرض إجابته عن سؤال حول هذا الأمر، خلال المؤتمر الدورى للشباب. وأجاب الرئيس عليه قائلاً: «نحن منتبهون لما يقال عن هذا الموضوع منذ وقت مبكر، ولا نريد أن تتعقد الأمور بخصوص السلام فى الشرق الأوسط.. وتحقيق السلام للفلسطينيين نقطة فاصلة فى المنطقة». لا أستطيع أن أحسم بدقة مدى العلاقة بين تناول الرئيس للأمر والتهديد الصادر عن البيت الأبيض، لكن يبقى أن الربط ما بين المسألتين جائز.

معادلة حسابات المكسب والخسارة يجب أن تكون لها الكلمة العليا فى مثل هذه المواقف. «ترامب» -فى تقديرى- كسب الانتخابات، لكنه خسر، وسيظل يخسر الشعب الأمريكى، وكذا شعوب العالم الأخرى. وسيكون سر الخسارة دائماً، هو نفس المعادلة التى يظن «ترامب» أنه يكسب بها: «معادلة التاجر». هذه المعادلة قد تصح فى إدارة حملة انتخابية يستهدف المرشح من خلالها ترجيح كفة بضاعته على منافس، لكن لا بد للأمور أن تختلف وتوزن بموازين السياسة عندما يصبح المرشح مسئولاً رسمياً. الكثيرون توقعوا أن «ترامب» عندما يصل إلى البيت الأبيض سيتخلى عن الكثير من الأفكار التى تاجر بها خلال حملته الانتخابية، لكن الأيام الأولى لرئاسته شهدت العديد من القرارات السريعة التى تترجم هذه الأفكار. ولو استمر «ترامب» على ذلك فأتوقع أننا سنكون بصدد تجربة تتشابه مع تجربة الرئيس ميخائيل جورباتشوف الذى تحقق على يديه ما لم يكن يتخيله أحد بتفكك الاتحاد السوفيتى. وفى ظنى أن الأطراف التى تتعامل مع «ترامب» مطالبة بالتنبه إلى معادلة «المكسب والخسارة السياسية»، وهى تدير علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية. وعليها أن تستوعب أن من يجارى «ترامب» فيما يريد أن يفعله، لا يدرك أنه أمام رجل «منتحر صفة»!.

 

التعليقات