تلغرافات الست إحسان فى اليوم العالمى للختان

طغت أجواء مباراتنا مع الكاميرون على واجب الاحتفال باليوم العالمى للختان، لذلك قررت أن أتحدث بالبلدى واللغة العامية وبشكل بسيط ومباشر مع الحاجة إحسان، وأرسل لها تلك التلغرافات:

العفة والأخلاق والشرف مسئولية عقل وروح وعمرها ما كانت مسئولية قطعة لحم أو جزء جلد زى ما أنصار ختان البنات بيقولوا ويروجوا، العفة تصرفات والأخلاق سلوكيات والشرف عمره ما كان شكليات، والتصرفات والسلوكيات مكانها المخ، وعمر ما كان مكانها خلايا الجلد أو عضلات اللحم، لا يمكن نختزل الشرف فى جزء نصف سنتى فى ربع سنتى، ونلخص الأخلاق فى تشريح ميكرسكوبى للحم والدم والأعصاب، باختصار لا يمكن نشترى الشرف بالدم.... والأخلاق بالصراخ، والعفة لا يمكن نوصل لها على جسر من الدموع والألم.

- الإحصائيات بتقول إن كل سنة بيتم ختان 2 مليون طفلة على مستوى العالم، يعنى بمعدل 228 طفلة كل ساعة!، شىء مرعب ومؤلم ووحشى وغير إنسانى، لكن اللى بيرعبنى وبيؤلمنى أكتر الأرقام والإحصائيات فى مصر، صحيح النسبة بتقل، وصحيح الأرقام فى تراجع، لكن لا بد كلنا نحس بالعار لما نسمع إن النسبة فى مصر ما زالت متجاوزة الـ85% على الأقل، عار على مهد الحضارة وبلد الثقافة والقيم إن اسمها لسه موجود على خريطة ختان البنات، ولسه بيتصدر قائمة الإحصائيات، هل فيه وصف تانى غير العار أوصف بيه تلك المذبحة أو تلك المهزلة فكروا معايا أظن مفيش!.

إحنا مجتمع مغرم بإطلاق أسماء الدلع على الكوارث، بنسمى الكوليرا أمراض الصيف، وبنسمى الهزيمة نكسة، وبنسمى ارتفاع الأسعار تحريك الأسعار، وعلى نفس منهج تدليع الأسامى بنسمى ختان البنات طهارة!، برغم أن اسمه الحقيقى فى كل العالم البتر التناسلى للإناث أو التشويه التناسلى للإناث، لأنه فعلاً بتر ولأنه فعلاً تشويه، فيه تشويه أكتر من التقطيع والبتر والنزيف وتغيير تركيبة وتشريح ووظيفة الجهاز التناسلى للأنثى، والأهم من التشويه الجسدى والبدنى التشويه النفسى والمعنوى، تشويه الروح وقتل الثقة وتدمير الكرامة وبتر الحلم.

أحب شىء إلينا فى الحياة الفصال، بنحس وإحنا بنفاصل بمتعة غير طبيعية وخاصة لما ننتصر فى النهاية ونحقق السعر اللى فى دماغنا، والفصال شىء مسموح بيه فى الأسواق وفى المحلات والمولات والمتاجر، لكنه مرفوض وممنوع بل ومجّرم إذا استخدمناه فى الأرواح والقوانين، والحمد لله إن قانون منع ختان البنات رفض الفصال ورفض يمسك العصاية من النص، زمان كانوا بيقولوا ممنوع الختان إلا إذا قام به الطبيب، وأنا مبخافش من حاجة فى الدنيا أد إلا إذا دى، يا جماعة مفيش فصال، ممنوع الفصال فى أرواح بناتنا وأجساد بناتنا وكرامة بناتنا، المسألة يا أبيض يا أسود مفيش رمادى، الطبيب اللى بيعمل ختان للبنات جريمته زى الداية بالضبط بل أخطر، صدقونى مفيش جريمة شيك بجونتى وديتول، الجريمة جريمة حتى ولو كانت لابسة بالطو أبيض.

سلو بلدنا...إحنا اتولدنا وكبرنا لقينا جدودنا وأبهاتنا وأمهاتنا بيعملوا كده.. عادة ومش حنقدر نغيرها.. دى طبيعة فينا ومش حتتغير...الجمل دى وغيرها هى سبب كل الكوارث ومنها كارثة ختان البنات، المجتمع بيخاف ويصاب بالرعب والفزع لما تتكلم عن تغيير عادات وتقاليد مستقرة، ولما تيجى تغيرها يبقى كأنك بتغير جلد ولحم وأعصاب المجتمع، مش معنى إن قريتك أو أهلك كانوا بيجروا عملية الختان، مش معناها إن ختان البنات صح، مش ممكن العادة تتحول لعبادة، ومش ممكن أى شىء كان بيحصل فى الماضى ما يتناقش لمجرد أنه ماضى، ومش ضرورى إن كل قديم مقدس، علينا أن نقتنع أن ختان البنات كان بيحصل ومن العبث إنه يفضل يحصل، ولابد نعرف إن الجريمة بتفضل جريمة حتى لو فضل المجتمع يكررها ألف سنة، وعمر ده ما هيعفيه من الاتهام ولا هيديله البراءة.

أكبر وهم مرضى بيتسلط على عقولنا فى قضية ختان البنات مسألة المؤامرة الغربية على ثقافتنا!، كل ما نيجى نفكر فى حل أو نعرض قانون، يخرج البعض ويقولوا إوعى.. حاسب.. حرام.. مؤامرة غربية على ثقافتنا، ونفضل محبوسين فى سجن وقمقم المؤامرة دى طول العمر مش قادرين نخرج منه ولا بمليون مصباح علاء الدين، المشكلة إن إحنا بنتعامل مع الثقافه السائدة والأعراف والتقاليد على أنها جبل ثابت لا يمكن تحريكه أو زحزحته، الثقافة بتتغير وبتتغربل وبتحتاج كل حين إلى إعادة فرز لطرد الدخيل والضار على هذه الثقافة، وأهم شىء لازم يضاف إلى هذه الثقافة هو ثقافة حقوق الإنسان، وأولها حقه فى جسد غير منتهك.

التعليقات