منافذ بيع زهور لمصنع إنتاج بارود!

ما نفعله الآن فى حربنا ضد الإرهاب هو كفعل مَن يمتلك مصنعاً لإنتاج البارود والديناميت ويريد أن يفتح منافذ توزيع زهور وورود وفل وياسمين لتصريف وبيع مخزون إنتاج هذا المصنع!! المنبع فكر إرهابى فكيف سنجد عند المصبّ سلاماً وتسامحاً؟! البذور حصرم إقصاء للآخر، وصبار حضّ على كراهيته فكيف ستحصد عنباً وتيناً ومانجو إسماعيلاوى؟!!، مؤسسات تصرف عليها الدولة المليارات من ضرائبنا لتدرس مناهج الكراهية وتفرز أفكار الإرهاب ثم تصرخ طالبة المدد: أغيثونى، أنا أحارب الإرهاب، وبناء عليه تمتص أموالاً إضافية لتحارب الإرهابيين وليس الإرهاب أو مصدر الفكر الإرهابى بل وتبلغ قمة الحوَل الفكرى والاستجماتيزم السياسى أن تطلب المساعدة وطوق النجاة ممن ألقانا فى اليم وقذف بنا إلى المحيط!! «اللى شبكنا يخلصنا» مجرد أغنية ولا تنفع كدستور سياسى أو كميثاق عمل لدولة مدنية متحضرة، اللى شبكنا يعاقَب واللى ورطنا يحاسَب، هذه هى الأغنية التى من المفروض أن نغنيها جميعاً.

هل نكرر نفس المأساة بلا ملل؟ ونغنى نفس الأسطوانة المشروخة بنفس الحماس المزيف؟! أطلقنا سراح باراباس قاطع الطريق وهتفنا أن اسجنوا المسيح واصلبوه فهو قد أعلن رأيه وأهان وازدرى، ظل الحكام يخشون مغبة تحمل ذنب صلبه إلى أن خشى الحاكم بيلاطس عاصفة الرأى العام للشارع، وافق على الحكم وختم القرار وغسل يديه من دمه، لن يشفع التاريخ لبيلاطس ولن تُقبل حيثيات براءته لمجرد أنه غسل يديه!!

حكى لى صديقى الذى يمتلك مطعماً فى أمستردام أنه منذ عدة أيام كان قد لمح شخصاً من أصول عربية يحاول سرقة سيدة عجوز هولندية، صرخ فيه بلغة عربية فامتنع خوفاً، وبكل بجاحة ذهب الحرامى ليعاتبه قائلاً: «لماذا لم تتركنى يا أخى فسرقتها حلال.. دى ست كافرة»!! من الذى شكّل عقلية هذا الحرامى التقى الورع الذى لا يسرق إلا الكافرات؟! هذا هو السؤال المهم الذى علينا إجابته، موزعو صكوك الغفران وأصحاب بوتيكات الجنة الذين يستحلون سرقة البعض وقتلهم بعد ختمهم بختم الكفر، مثلما فعلت فتوى الشيخ عمر عبدالرحمن الذى شيعته مصر منذ أيام قليلة والتى أفتى فيها بسرقة محلات الذهب التى يمتلكها أقباط لأنها حلال بلال!! أليست رسالته للدكتوراه عن تفسيره لسورة التوبة والولاء والبراء؟!

يمتد خيط الاستحلال والتكفير فتُسرق المسيحية ويُضرب الإعلامى وتُقتل الممثلة وتُذبح الراقصة وتُفجر سيارة النائب العام ويغتال رئيس الجمهورية المكفر فى احتفال النصر... إلخ، خلق المبرر هو بداية الكارثة، وتزييف الوعى لإراحة النية وإزاحة الذنب هو جوهر الماساة.

هناك فى شارع جانبى فى أمستردام متحف صغير مظلم كالقبو اسمه متحف التعذيب، يستعرض كل أدوات التعذيب التى كان يستعملها الحكام ويستخدمها الكهنة فى العصور المظلمة التى عاشتها أوروبا لتعذيب من تراهم الكنيسة من المهرطقين والزنادقة عقاباً على آرائهم الخارجة عن صندوق المجتمع المحفوظ سلفاً، أدوات خوزقة، كراسى تباعد ما بين الساقين لفصل الجسد وشقه نصفين، شوكة ما بين مقدمة الصدر والذقن حتى تخترق أنيابها المدببة لحم أسفل الذقن إذا نام المتهم، عضاضات لحلمات الأثداء لهصرها كالكماشات.... إلى آخر ما وصلت إليه القريحة الأوروبية من أرفع فنون التعذيب. وعلى عكس ما تتوقعون خرجت متفائلاً بأنه مهما بلغت قسوة سماسرة الدين ومحتكرى السماء على أصحاب الرأى فإن النور مقبل لا محالة والدليل ما حدث لأوروبا وما هى عليه الآن من تقدم وتحضر، لكن هناك ثمناً لا بد أن يُدفع ونحن فى مرحلة الدفع وسداد الديون.

 

التعليقات