هل حقاً نحتاج إلى الصيادلة؟

وصلتنى تلك الرسالة من الصيدلى د. ممدوح عز سامى يقول فيها:

مع احتقان أزمة نقص الأدوية التى يعانى منها المصريون فى الآونة الأخيرة كثر الكلام عن دور الصيادلة وتنافس البعض على توجيه أصابع الاتهام إليهم، باعتبارهم سبب الأزمة الرئيسى، ومع تردّد هذا الكلام على مسامعى، خطر على بالى هذا السؤال:

«هل حقاً يحتاج المجتمع إلى الصيادلة، أم يمكن ببساطة الاستغناء عنهم؟».

يعتقد البعض أن دور الصيدلى دور ثانوى يقتصر فقط على قراءة الروشتات الطبية وبيع الأدوية للمرضى، وبالتالى يمكن لأى شخص يجيد القراءة القيام بهذا الدور بكل سهولة، فهل يا تُرى الأمر بهذه البساطة؟

تعالوا نتخيل معاً مجتمعاً دون صيادلة، كيف سيكون شكله؟ وما المشكلات التى قد يعانى منها؟ سنطرح بعض الأسئلة لشرح وجهة النظر:

1 - سؤال بسيط «كيف أستعمل هذا الدواء؟»:

معظمنا يعرف أن الإجابة غالباً ما تكون تناول قرص واحد ثلاث مرات يومياً بعد الأكل، أليست هذه الطريقة التى نتناول بها كل الأدوية؟

والحقيقة أن هذا أبعد ما يكون عن الصحة، لأن كل دواء له خصائص مميزة، وبالتالى فمواعيد تناوله وطريقة أخذه تختلف عن الأدوية الأخرى وعدم معرفتك بهذه المعلومات واتباعها بكل دقة قد يتسبب بكل بساطة فى فشل العلاج بالكامل، والمثال على ذلك المضاد الحيوى (أزيثرومايسين كبسول) فهو يجب تناوله قبل الأكل بساعة أو بعده بساعتين، وإلا يقل تأثير العلاج بنسبة كبيرة، وقد يفشل العلاج ويتفاقم المرض.

2 - «كتب لى الطبيب عدة أنواع من الحقن كل يوم، ولا أريد تحمل ألم الإبر الكثيرة، لذا فسأقوم بخلط الأنواع كلها فى السرنجة نفسها، منعاً لأخذ أكثر من حقنة فى اليوم نفسه، فما رأيك؟»:

لو سألت الصيدلى لقال لك إن هذا تصرف خاطئ تماماً، لأن خلط الأدوية معاً فى السرنجة نفسها، قد يتسبب فى تفاعل بين هذه الأدوية، وبالتالى ضياع مفعولها، ويستطيع أن يُحدّد لك الأصناف التى يمكن خلطها بأمان، وتلك التى يجب تجنب ذلك معها.

3 - كتب لى الطبيب دواء «ديجوكسين» لعلاج القلب، وأنا أستعمل أدوية كثيرة للمعدة، منها كبسولات «أوميبرازول»، لأنها تخفف حرقان المعدة الذى أشعر به باستمرار، وبالتأكيد لا علاقة لدواء القلب بأدوية المعدة، هل هذا صحيح؟»:

والحقيقة أن هذا افتراض خاطئ، لأن تناول هذين الدواءين فى الوقت نفسه يتسبب فى زيادة امتصاص دواء القلب، وزيادة تركيزه فى الدم، وقد يُسبب لك أعراض السمية من الجرعة الزائدة، وهو أمر فى منتهى الخطورة على صحتك.

4 - كتب لى طبيبى دواءً مسكناً ونصحنى «باستعماله عند اللزوم» أى وقت الشعور بالألم، وقد تناولته خمس مرات اليوم، لأن الألم كان شديداً جداً!»:

هذا بالطبع تصرّف خطير، ورغم أن الطبيب كتب الدواء «عند اللزوم»، إلا أن هناك جرعة قصوى لا يجب تخطيها فى اليوم الواحد، وعدم معرفتك هذه الحقيقة قد يُسبب لك مضاعفات خطيرة قد تصل إلى التسمم بالدواء الذى تستعمله.

5 - طفلى الرضيع يعانى من أعراض البرد والإنفلونزا، وعند زيارة الطبيب كتب لى دواءً خافضاً للحرارة يحتوى على «الباراسيتامول»، لأنه آمن للرضع، وحدد لى الجرعة بدقة. ولما لاحظت أن طفلى لا يستطيع النوم من الرشح، قررت إعطاءه دواءً لعلاج البرد والرشح، حتى يستطيع النوم بسهولة، فهل هناك مشكلة؟»:

قد لا تعرفين يا سيدتى أن معظم -إن لم يكن كل- أدوية البرد تحتوى على مادة الباراسيتامول نفسها، كخافض للحرارة، وأن استعمالها فى الوقت نفسه مع المسكن قد يُعرض طفلك لجرعة زائدة قد تُسبب له التسمم بالدواء!

هذه فقط بعض الأمثلة البسيطة للدور الحيوى الذى يقوم به الصيدلى كخبير فى الدواء، وتوضع أهمية وخطورة الدور الذى يؤديه، حتى إن لم نشعر به بوضوح.

فغياب الصيدلى عن المجتمع قد يُسبب مشكلات كبيرة وآثاراً كارثية نتيجة الاستعمال الخاطئ للأدوية، كما وضح من الأمثلة السابقة، ووجوده أمر حيوى مع باقى أعضاء الفريق الطبى فى نجاح العلاج وشفاء المريض وتجنّب الكثير من المشكلات التى قد تنتج عن الاستعمال الخاطئ للدواء.

فما رأيك الآن عزيزى؟ هل ما زلت ترى المجتمع دون صيادلة؟

 

التعليقات