لماذا احب عمرو دياب ؟

في طفولتي، اشترى لي والدي من محلات "راديو طلعت" بوسط البلد، (ووكمان) أبيض أنيق ماركة "Sony"..
كانت الهدية بمناسبة إستعدادنا للسفر إلى بورسعيد، حيث اعتدنا أن نقضي في كل صيف، أسبوع مع العائلة بفندق "هلنان إيتاب"، تشتري خلاله أمي وعماتي خردوات المطبخ من محلات (الفار) الواقعة على سور قرية النورس، وما تيسر من علب الكومبوت والصلصة المستوردة، وأطنان من عبوات شامبو وبلسم "سانسيلك"، و"بريل كريم" -الأحمر والأخضر- وأنابيب كريم "لاكتويل"، الذي كنت أظن ان اسمه كاملاً (لاكتويل آي لايك ايت).
بينما أستسلم أنا للغرق في قطع شوكولاته "مارس"، النسخة الأصلية من حلوتي المصرية المفضلة (شوكولاته ماكسي)..

كانت رحلة بورسعيد السنوية ممتعة، باستثناء جولات التسوق، التي تجبرني خلالها أمي على قياس عشرات البنطلونات الجينز.. في إحدى هذه الجولات قال لي البائع بلهجته البورسعيدية مداعباً : "مالك أكابتن! زعلان ليه؟!"، فبكيت حتى جف دمعي، وتمردت حتى اليوم على قصة شعري الـ (آلا جارسون)، التي كانت أمي تفضلها لترتاح من عناء تصفيف ضفائري في الصباحات المدرسية.

كنت أضيق أيضاً بالمدة التي تستغرقها الرحلة من بوابات القاهرة وحتى مشارف المدينة الباسلة.. ساعتين تقريباً بالسيارة "الفولفو" البيضاء، أسمع خلالهما مرغمة أحاديث والدي الساخطة مع إخوته، عن ما يحدث في جلسات مجلس النواب المذاعة تلفزيونياً. وفي خلفية أحاديثهم أسمع على كاسيت العربية باقة من الأغاني المختارة لستنا أم كلثوم ووردة الجزائرية ونجاة وفيروز، والعديد من الألبومات الشبابية التي لم أختار أي منها..

بعد حصولي على الووكمان السوني، انتهى عهد الوصاية على أذناي.. ذهبت إلى محل شرائط الكاسيت الملاصق لمقلة اللب في الشارع المقابل لبيتنا، وأشتريت من مصروفي أول شريط كاسيت بحياتي..
في الصباح الباكر، ارتديت الشورت الأخضر الفوسفوري والبادي الوردي ماركة "أوكتوبس"، وثبتّ على خصري حقيبتي العزيزة، وعلى عيناي النظارة "الريبان"، وعلى أذناي "الهيدفون"، وركبت سيارتنا المتجهة إلى بورسعيد، وقد اتخذت قراري بأن أسمع من اليوم ما أختاره من المزيكا، وليس ما يختارونه لي.. ثم ضغطت على الزر السحري، فبدأت الأغنية ولم تتوقف أصداءها حتى الآن :
من كام سنة وانا.. ميال ميال.. ميال ميال.. ميال ميال..

هل فهمتم لماذا أحب عمرو دياب وإن لم تعجبكم موسيقاه؟! لأنه اختياري.. #عمرو_دياب إختيار جيلي

التعليقات