محمد صلاح.. صانع الأمل

(1)

في مسلسل «الأيام»، المأخوذ عن كتاب السيرة الذاتية لعميد الأدب العربى طه حسين والذى يحمل نفس العنوان، مشهد يجمع بين الدكتور طه حسين وزوجته السيدة سوزان وهما على ظهر الباخرة العائدة بهما من باريس إلى أرض الوطن، وكان هناك بائع لأوراق اليانصيب على ظهر الباخرة يروج لجائزتها الكبرى ليغرى الركاب بشرائها، وسأل طه حسين عن ثمن الورقة وموعد السحب، وعلم أن ثمنها جنيه والسحب بعد ثلاثة أشهر، فطلب من سوزان أن تشترى واحدة، فكان ردها: كل ما معنا ثلاثة جنيهات، هل نشترى بجنيه منه ورقة لا نعلم هل سنكسب بها جائزة كبرى أم سنخسر الجنيه؟ فأجابها بأسلوبه المتمهل: إننا نشترى الأمل يا سوزان، نشترى بجنيه أملا لمدة 3 شهور. تذكرت هذا المشهد وأنا أشارك أبناء وطنى فرحة الأمل الذي ولدت في نفوسنا بعد فوز المنتخب الوطنى على الكونغو وتأهله لكأس العالم بعد ما يقرب من ثلاثة عقود عجزنا فيها عن تحقيق حلم التأهل لكأس العالم. أعرف أنه ليس لدينا يقين بنتائج المنتخب في مباريات كأس العالم التي ستجرى في موسكو في يونيو من العام القادم، ولكن منذ الآن وحتى ذلك الحين يكفينا أن نعيش بالأمل الذي صنع حالة من الوهج المبهج في الشارع المصرى ليلة أمس (الأحد) بدد كثير من عكارة ارتفاع الأسعار.

(2)

متى كانت آخر مرة، نزلنا الشوارع وطفنا بالحوارى وفى أيدينا علم مصر وفى قلوبنا فرحة لا يعكر صفوها غضب أو شكوى أو تمرد؟

متى كانت آخر مرة تشاركنا حب الوطن، وهتفنا«مصر ..مصر... مصر» دون أن نفكر في الخلافات السياسة والأزمة الاقتصادية ؟

متى كانت آخر مرة أغتسلنا من هموم الحاضر وتوتره، وارتدينا ثوب الأمل، وتعلقنا بالمستقبل القريب الذي أصبح يمثل لنا حلما نعيشه ولو إلى حين؟

لقد استطاعت الساحرة المستديرة أن تحقق لنا ما فشلت فيه الأحزاب السياسية المصرية والحملات الإعلامية، استطاعت أن تهدينا نصرا يسعد قلوب كل المصريين، لا يحسب لفئة ولا يأتى على حساب فئة، نصرا نظيفا دون ضحايا... نصرا كنا في أمس الحاجة إليه لاستعادة الأمل الذي فقدناه نتيجة المسارات المغلقة.

(3)

الأمل، بالنسبة لى هو معنى الحياة وهو يمثل اليقين بالمستقبل.. وبالأمس نمنا على أمل، دفع طه حسين ثلث ما كان يملكه من أجل أمل لمدة ثلاثة أشهر، وتدفع حكومات مكافآت سخية للاعبى كرة القدم في منتخبها الوطنى حال فوزه ببطولات كبرى، من أجل صناعة الأمل، أتمنى أن نحقق مزيدا من الانتصارات في مجالات أخرى إلى جانب كرة القدم، فنحن نحتاج إلى تحقيقها في مجالات كثيرة: التعليم والبحث العلمي، الطب وصناعة الدواء، التصنيع وزيادة الصادرات عن الواردات، الزراعة التي نحقق بهاالاكتفاء الذاتى في الغذاء، وأن يستعيد الجنيه قيمته، أتمنى أن تصبح بلادى منارة للفكر والثقافة والفنون وأن نكون قدوة لدول المنطقة في احترام الحريات وحقوق الإنسان، وأن نمارس الديمقراطية حقا وفعلا، ونكافح الفساد ونحترم الدستور والقانون، أحلم بأن تملأ انتصاراتنا حياتنا كما كنا نردد في أغنية «وطنى حبيبى الوطن الأكبر».

(5)

وأخيرا، لا يسعنى كواحدة من ملايين المصريين، إلا أن أقول لمنتخبنا الوطنى لكرة القدم: شكرا.. شكرا على ماقدمتوه لنا من فرحة وأخص اللاعب محمد صلاح بشكر خاص فهو بالنسبة للمصريين «صانع الأمل»، فهو نجم المباراة الذي حقق الفوز الذي وحد المصريين في الداخل والخارج.. وهتف الجميع وهم يرفعون العلم :«مصر ..مصر...تحيا مصر».. وبحبك يا بلادى.

التعليقات