المحافظ النبيل والأسقف الحكيم!!

طالعت بقلق بالغ بيان الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا، وتعقيب اللواء عصام البديوى، محافظ المنيا، وخلاصته هناك ما يستدعى تدخلاً فوقياً، أخشى القول رئاسياً، لجنة تقصى حقائق من ثقات يتوفرون على حل قضية الكنائس المغلقة فى المحافظة التى تصدر منها تباعا انبعاثات طائفية مقلقة.

ليس بالبيانات تورد الإبل، أبدا لن تحل المشكلة بالبيانات التى تبلبل الرأى العام، فليكفّا (المحافظ والأسقف) عن إصدارها، لا تخلف سوى غضب على غضب، فليجتمعا على كلمة سواء لصالح الوطن دون سواه، والمحافظ يثق فى حكمة وعقلانية الأسقف، والأخير يصفه بالنبل، فليجتمعا، النبيل والحكيم، ماذا يؤخرهما طالما توفرت النوايا الطيبة بعيدا عن بيانات الفتنة، تفتن الناس!.

الثابت أن هناك مسافة بين البيانين تلعب فيها الأصابع السوداء، فليقطعها المحافظ النبيل والأسقف الحكيم ويلتقيا ويفوتا الفرصة سانحة أمام الصائدين فى الماء العكر، لا ينكر نبيل أن هناك مشكلة تحتم حلا عادلا وعاجلا، ولا يمارى حكيم فى أن المسيحيين فى المنيا يشعرون بالغبن، يعتورهم إحساس عارم بالغضب، مكتوب عليهم قلة الراحة.

ثابت أن هناك من يتقصد الأقباط ويضيّق عليهم، فإذا فتحت كنيسة ما تلبث أن تغلق غيرها بفعل فاعل، والاعتداءات بزيادة، أخشى نفاد الصبر، والنبيل والحكيم يعلمان أن ما يجرى فى المنيا بروفة لما يحاك للوطن، هناك من يحرّض على أقباط هذا الوطن، هناك من يدفع بهم إلى أتون الفتنة الطائفية، إلى متى يظل أقباط المنيا تحت نير ظلم وعدوان على كنائسهم وأموالهم وممتلكاتهم؟

الحكيم يصرخ، والنبيل يتلطف، وهناك من يمرق بينهما ويتحدى سلطة الدولة، مثلاً الرئيس وجّه بفتح كنيستى «الفرن» و«كدوان» قبل أسابيع، سرعان ما يتم إجهاض التوجيه الرئاسى بعمدية فى إغلاق كنائس أخرى فى قرى أخرى ليست بعيدة فى حدود المحافظة (اختلف المحافظ والأسقف فى عددها)، وكأن الصلاة جريمة يجب أن يُعاقَب عليها الأقباط.

بيت القصيد، ما يجرى فى المنيا ليس طبيعياً وفى عام الانتخابات الرئاسية، والمحافظ يشير إلى هذا بوضوح، والمراد شق صف الأقباط من حول الرئيس، وعقاب الأقباط على محبة الرئيس، وتأليب شباب الأقباط رفضاً للرئيس، وإحراج البابا تواضروس فى شعبه، خلاصته دق إسفين فى العلاقة الطيبة التى تجمع الرئيس بالبابا!

يلفتنى تسارع وتيرة الحوادث الطائفية فى المنيا تؤشر عليها الحوادث والبيانات مع اقتراب عيد الميلاد المجيد، مَن ذا الذى يروم رفضاً قبطياً لزيارة الرئيس المستحبة لشعبنا القبطى فى الكاتدرائية، أليس حرياً تحرى الأمر، هناك من يتربص بهذه الزيارة. ألا يلفتكم هذا المسلسل المتسلسل فى هذا التوقيت الحرج الذى تلملم الدولة فيه جراحها من رفح إلى الواحات.

معلوم إغلاق كنيسة فى قرية فى بطن الجبل يسمّع فى القاهرة، وتتسمعه العواصم العالمية، وهذا هو المطلوب إثباته، إعلان عجز الدولة المصرية عن حماية الحقوق الأساسية للأقباط، وفرصة لمنظمات حقوق الإنسان والمنابر الطائفية لتنشب أنيابها الزرقاء فى لحم الوطن، أليس هذا جارياً وعلى أشده الآن.

ماذا تنتظرون بالله عليكم؟ التعجيل بمراجعة دفتر أحوال الكنائس المغلقة على أيدى ثقات، ووفقاً لقانون بناء الكنائس الجديد ضرورة قصوى، لا نملك رفاهية الوقت، يدهمنا قطار الطائفية السريع، أخشى أن نسقط تحت عجلاته صرعى.. حذار من النار من مستصغر الشرر!.

 

التعليقات