أسطوانة الإخوان المسلمين المشروخة

لم يعد الأمر في حاجة إلى تفكير أو بحث، لكى يعرف كل من يعنيه الأمر، موقف جماعة الإخوان المسلمين من كل عملية إرهابية تقع في مصر، بعد أن فتح الله على إدارة الإرهاب العمومية والإفتاء في الجماعة، فوضعت قاموساً خصوصياً لتفسير وتحليل هذه الغزوات الإرهابية المظفرة، وهو قاموس يحفظه كل من ينتمى إليها أو يتعاطف معها، سواء كان من ربات البيوت أو من سائقى التاكسى الأبيض، أو من مقدمى البرامج على الشاشات التي تنطق باسمها، وهو قاموس عنوانه المرشد المتين للبنات والبنين من شباب جماعة الإخوان المسلمين في تفسير غزوات الإخوة الإرهابيين.. نفعنا الله بعلمهم.. آمين.

وخلاصة ما يضمه هذا القاموس من أفكار ثمينة أنه لا يوجد شىء اسمه «الإرهاب» في مصر، إذ هو مجرد أكذوبة اصطنعها المنقلب عبدالفتاح السيسى، وأجهزة إعلامه التي يديرها سحرة فرعون، وليس أدل على ذلك، من أنه في 23 يوليو 2013، طلب من المصريين في خطاب أذاعه عليهم أن يخرجوا إلى الشوارع بعدها بثلاثة أيام لكى يفوضوه باتخاذ كل الإجراءات التي تمكنه من مواجهة الإرهاب المحتمل مما يكشف عن أنه كان يخطط للقيام بهذا الإرهاب، صحيح أن خطباء الإخوان وحلفاءهم، لم يكونوا يكفون آنذاك، وعلى امتداد الأسابيع السبعة التي تلت ذلك، عن توجيه التهديدات- من فوق منصة اعتصام رابعة العدوية- بأنهم سوف يدمرون البلد، ولا يتركون فيه حجراً قائماً على حجر، وأنهم سوف يحرقون المؤسسات، ويفخخون السيارات، ويحولون مياه النيل إلى دماء، ما لم يتراجع السيسى عن استجابته لمطلب ملايين المصريين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. ثم إنه لم يستخدم التفويض الذي طلبه وحصل عليه، حين انطلقت جحافل الإخوة الإرهابيين في اللحظة نفسها، التي بدأ فيها فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، تدمر الكنائس وتحرق المحاكم وأقسام الشرطة، وغيرها من المرافق والمؤسسات العامة.

ولا تكف أسطوانة الإخوان المسلمين المشروخة عن تكرار الادعاء بأن ما يحدث في مصر من عمليات إرهابية، هي عمليات يخطط لها وينفذها النظام الحاكم ضد نفسه، أو ضد مواطنين أبرياء، لكى يوحى للقوى الدولية التي تشتبك في معركة كونية ضد الإرهاب بأن هذا النظام جزء من الحملة العالمية لمقاومة الإرهاب، مما يؤدى إلى تسامح دول العالم مع ما يشيعه الإخوان المسلمون عن جرائم ضد الإنسانية يرتكبها هذا النظام، وإلى قبولها التعاون معه كإحدى القوى المحاربة للإرهاب من جانب آخر.. فضلاً عما يسعى للحصول عليه، من أسلحة ومعونات وقروض، لمواجهة الإرهاب المزعوم الذي يدعى أنه يحاربه، ويتعمد أن يطيل مدة مقاومته المصطنعة له إلى أطول مدة ممكنة قبل أن تكتشف الجبهة العالمية لمكافحة الإرهاب أنه ينصب عليها، فتحاسبه على ما يرتكبه من جرائم في حق شعبه، وتسحب الحماية التي تضفيها عليه، وتوقف ما تمنحه له من معونات وأسلحة.

وفضلاً عن أن مواصلة النظام القائم في مصر، القيام بعمليات إرهابية رهيبة في سيناء، تحقق له الفوائد المذكورة أعلاه، فهى تتيح له الفرصة، وتعطيه المبرر، لكى يواصل عملياته العسكرية ضد أهالى سيناء، بهدف ظاهرى هو مقاومة الإرهاب، وهدف باطنى، هو إجلاؤهم عن موطنهم في شبه الجزيرة، وبذلك تتاح الفرصة، لتوطين أهالى غزة من الفلسطينيين، وقسم من أهالى الضفة الغربية لنهر الأردن، مكانهم في سيناء، فتحل- بذلك- القضية الفلسطينية وتبرم- تفسير الإخوان- صفقة القرن!.

ذلك هو التفسير الشرعى المعتمد لدى جماعة الإخوان المسلمين، ما يعانيه الشعب المصرى من الآثار المدمرة للعمليات الإرهابية، التي لم يعد لدى أحد من المصريين أو غير المصريين شك، في أنها تتم بمشاركة جناح منهم، ومع أن الجماعة تعودت- خاصة خلال العام الأخير- أن تتظاهر بأنها تشاطر المصريين أحزانهم، في عدد الشهداء من العسكريين والمدنيين، إلا أن مشاعر الشماتة، ما تلبث أن تقلب أعضاءهم، فإذا بهم يكفكفون دموع التماسيح التي يذرفونها، ويعودون إلى قاموس «المرشد المتين» ليكرروا ادعاءاتهم بأن العمليات الإرهابية التي تقع في سيناء يديرها النظام الحاكم لأنه نظام عميل للصهاينة ويسعى لإخلاء سيناء من أهلها لكى يوطن فيها الفلسطينيين، لكى ينفرد الصهاينة، بكل أرض فلسطين التاريخية، من دون شريك حتى لو كان أصحاب الأرض الأصليين.

وليس لهذا النوع من التفكير معنى، إلا أن الإخوان المسلمين لايزالون- بعد ست سنوات- عاجزين عن استيعاب- صدمة رفض المصريين لهم، وعن فهم سبب إصرارهم على إجلائهم عن السلطة، ولايزالون أجبن من أن يبحثوا عن الأخطاء التي دعتهم إلى النفور منهم، فلم يجدوا إلا هذه الأسطوانة المشروخة يكررون إذاعتها، من دون أن يدركوا أنها أصبحت بمثابة نشيد الوداع الذي يقطع إلى الأبد كل صلة لهم في مصر والمصريين!.

التعليقات