الصندوق السيادي النرويجي نموذجا

يعتبر الصندوق السيادي النرويجي أكبر وأعظم الصناديق السيادية في العالم. وقد اتيحت لي الفرصة قبل عدة سنوات للقاء عدد من كبار مسؤولي الصندوق، وعرفت منهم عن قرب الكثير من أسباب نجاح الصندوق الذي تديره ادارة مستقلة تماما صغيرة العدد شديدة الكفاءة تخضع لأشد قواعد الرقابة المحاسبية والأخلاقية.

إستثمارات الصندوق بدأت في العام 1996 بمبلغ 255 مليون دولار أمريكي، ويستقبل الفائض الذي تحصل عليه الدولة من ايرادات النفط والغاز التي تتكون من الضرائب والرسوم والأتاوات المتحصلة من شركات النفط والغاز. وخلال فترة امتدت لنحو عقدين من الزمان بلغت قيمة الاصول المستثمرة للصندوق اكثر من تريليون دولار تدر دخلا سنويا بلغ 131 بليون دولار في العام الماضي 2017.

النرويج تعتبر ثرواتها الطبيعية ملكا لكل الأجيال للأبد، ليس لجيل واحد فقط أو عدة اجيال. ولا تسحب الخزانة العامة للدولة في اي سنة من السنوات اكثر من 4% من قيمة الاصول المستثمرة بواسطة الصندوق. ومن ثم فإن مالية الدولة لا تستنزف الصندوق في اي وقت من الأوقات، وانما هي تحرص على تنميته.

ويبلغ نصيب الفرد في النرويج من استثمارات الصندوق حاليا 195 الف دولار، ومن ثم فان النرويج وهي دولة رئيسية منتجة للنفط والغاز لا تعتمد اساسا في ثروتها وماليتها العامة على ايرادات النفط والغاز حاليا، وانما على جزء ضئيل من حصيلة استثمار هذه الثروة في كل انحاء العالم.

ويملك الصندوق السيادي النرويجي ما يقرب من 1.4% من قيمة الأسهم والاوراق المالية في كل انحاء العالم، كما يملك نسبا مهمة في كبرى الشركات العالمية، فالصندوق على سبيل المثال يملك ما يقرب من 1% من أسهم شركة (أبل) للكمبيوتر، وهي الاسهم التي ارتفعت قيمتها في العام الماضي بنسبة 46% تقريبا.

وقد وضعت إدارة الصندوق عددا من القواعد الأخلاقية الأساسية التي يجب الإلتزام بها في الاستثمار. على سبيل المثال لا يستثمر الصندوق في اسهم شركات الدخان والسجاير، ولا في اسهم شركات النفط!

وتتوزع استثمارات الصندوق في كل انحاء العالم على الوجه التالي:
أوروبا 36%، أمريكا الشمالية 41%، آسيا واستراليا 20%، بقية انحاء العالم 3%.

المهم هو الاستراتيجية الواضحة في ادارة الصندوق، والانضباط الشديد في تنفيذ الاستثمارات بعيدا عن تأثير التغيرات الحكومية وعن الأهواء الشخصية.

هذا صندوق بدأ قبل اغتيال صندوقي التأمينات والمعاشات بواسطة الوزير يوسف بطرس غالي بأقل من 10 سنوات، بدأ باستثمار اولي قيمته 255 مليون دولار امريكي فقط، وظل ينمو وينمو حتى تجاوزت قيمته حاليا تريليون دولار، يولد دخلا سنويا يتجاوز 130 مليار دولار. هل هناك مقارنة بينه وبين صندوقي التأمينات والمعاشات في مصر اللذين تم دمجما في الموازنة وضاعت اموالهما ...ولا نعرف حتى الان رقما مؤكدا عن قيمة اموالهما المنهوبة؟؟؟؟؟

 

التعليقات