إعلام الأمر بالمعروف والنهي عن فستان رانيا !


لم يلتفت احد من بين كل الذين تركوا كل شئ وانشغلوا بفستان رانيا يوسف ان الفستان نفسه كان وحش !!، بل ان ذوق معظم الفنانات في المهرجان "كان ضايع " وبعض الفساتين التي لم تتلاءم مع احجام وكتل بعض الاجسام كانت عار على الذوق والفن والمهرجان " الدولي " !
وكان معظم الذين تجمعوا حول جثة رانيا يوسف مهتمين بالجزء العاري من جسد الفنانة الذي (بعد ان تفحصوه جيداً ) اكتشفوا والعياذ بالله ان .. كده عيب خالص !، وان الفنانة كانت ضروري تاخد بالها انها تحضر ختام مهرجان " محترم " ، والغريب ان احداً من هؤلاء النقاد للفستان الاسطوري لم يهتم ان يحدثنا عن المهرجان نفسه ولم يقيم المستوى الفني لافلامه وفي الوقت الذي كانوا يقارنون فيه بين فستان رانيا يوسف الفاضح وبين فستان الحاجة ياسمين الخيام ، لم يهتموا ان يقارنوا بين مستوى مهرجاننا وافلامه وفنانيه وبين مهرجانات اخرى " محترمه برضه " مثل مهرجان فينسيا او مونتريال او نيودلهي اوحتى ابو ظبي ، ولن اقول مهرجان الاوسكار او كان لانه صعب ان تقارن بين شارع فيصل والشانزلزيه ! .
والحقيقة انني هنا لا اهتم بالكلام عن فستان رانيا يوسف ولن أسير في زفة جوقة المتباكين على القيم التي ضاعت ولن اعلق على موقف نقابة الاخلاق الحميدة ولا عن مواقف قنوات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ليس لانهم على حق او باطل ، ولكن لأن الذي بيته من زجاج عيب أن يلقى الناس بالحجارة ، وأيضا لأن المصريين لديهم من الهموم والقضايا ما هو أكبر وأدح وأهم بكثير من فستان عريان لفنانة أخطأت في إختيار المكان والزمان لإرتداءه !.
ياريت تكلمونا عن احوال الفن وعن صناعة السينما وعن الدور الضائع للنقابات الفنية وعن المستوى المتواضع والردئ احيانا لكل المهرجانات !
كلمونا عن الفراغ الاعلامي ولا أقول تفاهة ما يقدمه الاعلام ومايشغل به الناس وعن الوعي الضائع الذي إشتكى منه رئيس الدولة لدرجة انه تولى بنفسه مهمة الحديث في كل مناسبة عن تحديات وأوجاع وأولويات المواطن التي من الاولى ان تكون الشغل الشاغل للاعلام ( الذي مازال حتى الان يروج لاسطوانة تخويف الناس من المؤامرة الكونية ومن بعبع الاخوان ) !!.
ياسادة .. مصر فيها مايستحق ان نهتم به اكثر من فستان رانيا ، وفيها من الفن والفنانين ومن الابداع الحقيقي في كل مجال مايستحق ان نسلط عليه الضوء .
ان المصريين احترموا الفن والفنانات عندما كانت هناك سينما ومسرح وكان هناك تليفزيون يقدم المتعة الراقية ويعكس حياة الناس ويعبر عنها ، هل قامت الدنيا في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي بمايوه لسعاد حسني او بفستان لهند رستم او بشورت ساخن لميرفت امين ؟!، هل اهتز عرش الفضيلة والاداب العامة وفسدت الاجيال وانحرف الشباب بسبب ملابس نوم نادية لطفي او بدلة رقص نعيمة عاكف ؟!.
ان المأساة الحقيقية ان المصريين بما فيهم قادة اعلامهم وصناع الرأي العام للاسف أفسدتهم نميمة السوشيال ميديا واصبحوا اسرى للفراغ والسطحية والجهل ، لدرجة ان سوء اختيار فنانة لفستانها أو أيا ماكان قدحدث ، يتحول على مدي أسبوع لقضية قومية وحدث خطير غطى على أحداث وقضايا وهموم وطن ، بل ونجحنا ان نحول " فستان رانيا " لقضية عالمية علقت عليها صحف وفضائيات دولية نظرت الينا بمنتهى السخرية وقالت : " شوفوا المصريين بيهدروا دم فنانة وبيحاكموها عشان ايه ؟!"

.. وبعدين تيجوا توعظونا عن الخطاب الاعلامي اللي بيشجع التطرف الديني وبيربي الاجيال على الكراهية وتحريم الفن وتجريم الفنانين !!.... أفيقوا يرحمكم الله !!

التعليقات