ليس بـ«التابلت» وحده نطور التعليم!

أتابع باهتمام ما يحدث من نقاش واسع حول تجربة «التابلت» والمجهود الكبير الذى يبذله وزير التربية والتعليم الطموح طارق شوقى، ربما لأن التجرية حديثة أخذت كل هذا الجدل، ولكن المطلع على الأنظمة العالمية فى التعليم سيجد أننا تراجعنا كثيرا، وكان لابد من ظهور أفكار من خارج الصندوق من أجل تطوير منظومة التعليم فى بلدنا وليس مجرد تطوير المناهج وتغيير الكتب المدرسية، الموضوع أكبر وأعمق مما يتصوره البعض، لذا لابديل عن دعم الوزير فى مقترحاته، ولكن...

تطوير المنظومة التعليمية ككل بحاجة إلى إعادة نظر، وعدم اقتصار نظرتنا على «التابلت» فقط، فالمدارس بحاجة إلى تجهيزها بشكل أفضل من الوضع الحالى، ليس فقط بشبكة الإنترنت القوية، ومنع القرصنة على «سيستم» الامتحانات، بل بكل مشتملاتها من مبان وأماكن جيدة للجلوس، أماكن يمارس فيها التلاميذ هوايتهم وتفجير الطاقات الإبداعية بداخلهم، وربما يكشفون عن هوايات لم تكتشف بعد، وحينها سيكون استخدام التابلت فى مساره الصحيح، وليس فى سماع الأغانى واستخدامه بشأن خاطئ كما تم الكشف عن ذلك مؤخرا.

المدرس أيضا بحاجة لتدريب وتأهيل قدراته ليس فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة فقط، وإنما فى تقديم المعلومة بشكل مختلف، ووسائل مناسبة تسهل شرح المنهج بشكل مبسط، مع تطوير المناهج بشكل حقيقى وتفريغه من الحشو الذى لازم الكتب المدرسية طوال عقود مضت، ولم تقدر كل المحاولات التى أقدم عليها وزراء التعليم من قبل، حتى جاء التابلت واعتقد البعض أنه سيكون وسيلة مناسبة، وتطوير عقليته على احتواء التلاميذ والتعامل معهم ببساطة كما يحدث فى الخارج، وعدم الانشغال بالدروس الخصوصية أكثر من انشغاله بالتعامل مع التلاميذ بشكل مختلف، ولكن يبدو أن الطريق لا يزال طويلا لتحقيق ذلك.

الإشكالية الأكبر حاليا هى تزويد المدارس بشبكة إنترنت قوية، وعمل تجارب أخرى قبل الاعتماد على التابلت فى امتحانات مايو المقبل، ومن الآن لابد من وجود بدائل حتى لا نضع مستقبل أبنائنا فى مهب الريح، ولابد من خلق ثقة بداخلهم وداخل أسرهم، بأن هناك بدائل قوية ستكون متاحة فى حال فشل الاعتماد على التابلت كما كان مقررا، وفى نفس الوقت لست مع الاستسلام وترك الأمر برمته والارتكان إلى الامتحانات الورقية كما جرى فى السابق، حينها سيكون الأمر انتكاسة وردة عن أس محاولات للتطوير، مع مراعاة أن أعداء النجاح لا يدعون أى فرصة للانقلاب على الدولة وأفكارها بشأن التطوير، ولن يدخروا أى مجهود فى عرقلة مسيرة التقدم، كما أن مافيا الاستنفاع بالنظام القديم كما كانت فى السابق فى كامل استعدادهم لإفشال التطوير، وكل هؤلاء ينتظرون إشارة الفشل من الوزارة كى ينعموا بكل الحوافز التى كانوا يحصلون عليها فى السابق.

فهل لدينا استعداد لذاك التحدى أم نستسلم للوضع الراهن؟!


* برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية

التعليقات