استيقظوا.. أو موتوا؟!

الحمد لله

مازال هذا الوطن عامرًا بأبنائه المخلصين لترابه، وما أكثر العقلاء وأهل الرأى والحكمة الذين يعصف بهم الحزن كلما ألمّ بهذا البلد الآمن مكروه، هؤلاء الذين تشملهم الفرحة كلما وقعت أعينهم على خبر سار، وترتفع أياديهم بالدعاء عند الخروج من أى أزمة أو تحقيق أى انتصار، الذين عرفوا مجد وحضارة بلادهم، سواء من كتب التاريخ أو حكايات الأجداد للأبناء والأحفاد على مر العصور.. هؤلاء هم الذين شملهم الحزن وسالت الدموع على الوجوه التى لم تعرف غير البشاشة طوال تاريخها.. الحزن على شهداء أول أيام العيد الأبرار والذين قبلهم والذين قبلهم.. ومن الصعب تذكر عدد المرات لأن المرارة دائماً وأبداً فى الحلق لا تزول.. عقلاء هذا البلد يدركون خسة العدو الأحمق الجاهل بالدين والدنيا، المتطرف قاسى القلب والمأجور الخائن فاقد البصر والبصيرة.. حكماء هذا الوطن وأخلص أبنائه اتفقوا على أن مقاومة جميع العناصر الإرهابية لا تكون بالدم والنار فقط.. علينا أولاً إخصاء ومنع دعاة الإرهاب من التكاثر والنمو وتنشئة أجيال جديدة تكون الأشد عنفاً وقسوة وجهلاً واستقبالاً للخرافة والإيمان بها.. ومع هذا لا أحد يفكر فى مجرد الاستجابة لهذا الطرح، والعمل به ولو لفترة قصيرة، على اعتبار أنه تجربة تتم دراسة نتائجها.


.. رئيس الجمهورية يطالب سراً وعلانية بتجديد الخطاب الدينى، لكن كأنه يؤذن فى مالطة، وكأن الأزهر والمؤسسة الدينية بكاملها دولة أخرى لا تخضع للإدارة المصرية.. وبعيداً عن المؤسسة الدينية نجد التيار السلفى فى مصر يتكاثر تكاثر الفئران ويتمدد وينتشر فى كل الأنحاء رغم علم الجميع بأنه الوهابية ذاتها وأغلب شبابه هم صفوة جنود داعش.. وكون أنه يظهر للدولة الولاء والطاعة فهو غير مخلص فى هذه الطاعة الكاذبة، وكل رجال الأمن فى مصر يعلمون أن نسبة المعتصمين فى رابعة وبين السرايات من السلفيين كانت أكثر من الإخوان.. وشأنهم شأن الإخوان وأكثر.. هم يريدون لمصر التشدد والتخلف ورفض العلوم والفنون وفرض النقاب اليهودى على الرأس والجسم.. إن الثورة التى أطاحت بالإخوان أو أبعدتهم عن الساحة لم تفعل ذلك ثم تسلمها للتيار السلفى الجامح والأكثر استبداداً وغلظة.. فمن يوقف هذا الزحف الهمجى المخرب الذى يبغى لمصر الهلاك.. وإلى متى تظل أجهزة الإعلام منبراً لغلاة الدعاة وأيضاً الثعالب الماكرة التى تتخفى تحت الملابس العصرية، تلامذة أحد الدعاة المشهورين والمدربين على دس السم فى العسل.

تركنا هذه الثعالب المدربة تمرح فى حقولنا وتدمر عقول خيرة شبابنا وتفسد علينا الحياة السوية التى خلقها الله لكل الناس، تركنا بيوتنا وعقولنا بلا أبواب أو نوافذ حتى دخلتها الذئاب وغرست أنيابها فى عقول البسطاء قبل ضلوعهم، وتم تدمير الدولة المدنية المسلمة والمستنيرة والحالمة بمستقبل أفضل لتتحول إلى دولة متأسلمة أهملت العلم والمعرفة والبحث، وصار الفن محرما والشعر رزيلة والأدب هو كلام الشيطان.. حتى الدين الحنيف نفسه صار مسخا مشوها على أيديهم وبفعل فكرهم الضال المنحرف الذى تم تلقينه لهم ليفرضوه علينا بعد أن حصلوا على الأموال الأجنبية والجنسيات الأخرى وبعضهم لم يكتف بذلك، بل امتد نشاطهم إلى الخيانة والتجسس، والمدهش أنهم نالوا الحماية والرعاية من الدولة ومن القيادات فى كل مجال.. وصار كل مسؤول سواء كان كبيرا أو صغيرا حريصا على أن يعلن إسلامه بمناسبة أو بغير مناسبة، حتى تغيرت هوية الدولة المصرية وتغيرت طبائعها وعاداتها وأيضا لهجة شعبها المميزة مع زيادة أمراض المجتمع الإنسانية والأخلاقية، وصار التفتيش فى الضمائر مباحا ومتاحا وكل من يحمل راية التنوير يتهم بالعداء للإسلام رغم أن التاريخ يثبت لنا أن الإسلام كان فى أوج مجده وتألقه فى ظل الدولة المدنية.. هؤلاء أشد قسوة وأكثر غلظة من الطغاة والمستبدين أعوان الشيطان، سواء كانت على رؤوسهم عمائم أو إصحاب ذقون طويلة سوداء.. أيها السادة استيقظوا أو موتوا.

التعليقات