جينات الذوق والسعادة!!

الحديث عن «الذوق» أو تفسير معناه يصبح معقدًا بل محرجًا أحيانًا لأنه يضعك فى خانة تحتاج أن تصدر حكمًا يكون فى غير محله أو منطقه.. هذا المجهود الذى نبذله من أجل أن نجد إجابة مقبولة لهذا المعنى الحيوى المرتبط «بهبة» يمنحها الخالق للبعض وبين ممارسة بشرية يصبح فيها الكثير ضحايا لما يطلق عليه «انعدام الذوق» -حيث لم يُمنَحوا هذه الصفة التى لا ذنب لهم فيها- يرفع تساؤلًا أكثر إنسانية وهو: «هل يمكن تعليم الذوق أو تعليم العبقرية؟ لتصبح الإجابة حينها:- «لن يكون ذوقًا أو عبقرية»!!.

لذا فإن هذه الهبة الموهوبة من الخالق يمكن أن نشبهها إلى حد كبير بمفهوم السعادة الذى يحار فى تفسيره الناس ويرتبكون أكثر عندما يعلمون أن السعادة مصدرها جينات مركبة بنسب ثابتة لا تتأثر بالأحداث السعيدة أو الكارثية التى يبتلى بها الإنسان حامل هذا «الجين السعيد».

إذن المسألة.. مسألة حظ وهبة فى كلا النموذجين «الذوق والسعادة» وما علينا إلا أن نتفهم هؤلاء الأقل حظًا - أصحاب الأمزجة التعيسة - الذين

يعانون نقص هذه «التركيبات الجينية السعيدة» وأن نكون - نحن - أصحاب «هبة الذوق» أكثر لطفًا.. صبرًا وتواضعًا فى حكمنا على ذوق الآخرين لأنهم فى النهاية بشر وسعداء بذوقهم فى تركيبة جينية خاصة بهم.. تركيبة بين الذوق والسعادة.

وحتى أكون أكثر عملية أو قريبة لهذا الواقع العلمى حاولت اختبار نفسى إذا كنت حاملة لهذا الجين أم لا.. فقمت مساء يوم بتصفح الإنترنت وبعض كلمات ورسائل الأصدقاء على جروبات «السوشيال ميديا» كان الكثير منها مضحكا.. وبالرغم من أن «مزاجى» فى هذا اليوم لم يكن على ما يرام ولكنه كان فرصة للتعرف على حقيقة هذه الأبحاث الجديدة وأيضا حقيقة «جينى» وبعد فترة من هذا الضحك الادعائى من خلال هذه الرسائل، قمت ونظرت إلى نفسى فى المرآة وأطلت النظر فترة فلم أجد إلا إنسانة حزينة يحمل وجهها خطوط الكآبة.. فبكيت.. بكيت بشدة لأننى أدركت أننى لا أحمل هذا «الجين» وأن «مزاجى العكر» لم تقهره هذه الرسائل المضحكة.. استدرت بعيدًا عن المرآة وارتديت «قناع السعادة» مدعية أن كل شىء حولى يسير فى الاتجاه الصحيح ولكن سرعان ما أزحت هذا القناع المزيف وعدت أنظر إلى المرآة بعد بضعة أيام ورأيت وجهًا آخر.. وجها أكثر هدوءًا.. صحيح يحمل قليلا من الحزن ولكنه على الأقل صادق!!. استدرت مرة أخرى بعيدًا عن المرآة -ولكن كان كلى- دعوات أن أكون من المحظوظين الذين يملكون هذا «الجين» فى خلاياهم!!.

التعليقات