لماذا نشاهد فيلم الممر؟!

لم نشهد منذ سنوات بعيدة، التفاف الأسرة المصرية حول شاشة التليفزيون، لمتابعة فيلم أو مسلسل أو مسرحية، كما رأينا بالأمس، حيث تجمع الكل كبارا وصغارا لمشاهدة فيلم " الممر"، الذى تم عرضه على مجموعة من القنوات، بما فيها التليفزيون المصرى، ليتأكد مبدأ مهم جدا، وهو أن جودة الأعمال الفنية والدرامية هى المبدأ الحاكم، وليس صحيحا أن الجمهور سطحى أو يحتاج إلى الأفلام التى كنا نراها خلال السنوات الماضية، التى تمتلئ بمشاهد السب والعنف وكل ألوان البذاءة.

الجمهور فقط يحتاج إلى أعمال فنية هادفة بجودة معتبرة، تخاطب عقله وقلبه معا، دون أن نفرض لونا معينا أو فكرا معينا، وأعتقد أن هذا الخط سينهض بصناعة السينما والدراما فى الفترة المقبلة، وقد ظهرت البوادر بعدما نجحت أفلام من إنتاج مصرى، فى أن تتخطى عوائدها 100 مليون جنيه، بما يؤكد أنه بإمكاننا أن نستعيد دور السينما، التى كانت واحدة من أهم مصادر الدخل القومى فى مصر، بعد محصول القطن فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى، حيث كانت تعرض الأفلام المصرية وتباع فى مختلف دول المنطقة، وأتصور أننا بدأنا الخطوات الصحيحة لاستعادة دور السينما الحقيقى فى  زيادة الوعى وتثقيف الجمهور.

ما قدمه فيلم الممر من مشاهد عبقرية عن حرب الاستنزاف وما تلاها من فترات عصيبة مرت على مصر، له تأثير السحر على النشء والبراعم الصغيرة، فى الفترة العمرية من 5 إلى 10 سنوات، الذين لا يعرفون شيئا عن ما قدمه أبطال مصر من بطولات نادرة خلدها التاريخ، خاصة فى ظل العصر الذى نعيش فيه بكل صخبه وتشويشه، وكل وسائل التكنولوجيا، التى باتت تتدخل فى كل شىء ويتزايد دورها يوما بعد الآخر.

فيلم الممر خلق حالة حب بين الأطفال الصغار وجيل أكتوبر وما تحقق من نصر، ولا أخفى سرا أن ابنتى رنا – 6 سنوات – تحدثنى منذ عدة أيام عن فيلم الممر وما جرى فى الحرب، وقد فرحت جدا عندما علمت أن الفيلم سيعرض على شاشة التليفزيون، على الرغم من أنها شاهدته فى السينما من قبل، إلا أن مشاهد البطولة، وفكرة محاربة العدو، واستعادة الأرض سيطرت على عقل الطفلة الصغيرة، وظلت بالأمس تنتظر الفيلم، إلا أن النوم غلبها قبل العرض بنصف ساعة، وعندما استيقظت صباحا، كان أول ما سألت عنه: "شفت فيلم الممر يا بابا؟" فأجبتها: أيوا يا رنا إن شاء الله هيتعرض تانى كتير الأيام الجاية".

نحتاج أعمالا فنية ودرامية تخطف قلوب الأطفال الصغار، ويتأثرون بها، بدلا من الأعمال الهزيلة التى نتابعها ونحن خائفون من أن يصدر لفظ خادش للحياء من هذا الممثل أو تلك الممثلة، ويسمعه الصغار ليقلدوه أو يرددوه..  نحتاج إلى أعمال فنية نفخر ونستمتع بمتابعتها ومشاهدتها، وأظن أن "الممر" كان بداية جيدة تماما لهذه التجربة، نتمنى أن تتكرر خلال الفترة المقبلة.

(اليوم السابع)

التعليقات