الورثة أحيانًا آخر من يعلم!

عندما يتحدث الورثة فى العادة ننصت ونصدق ثم نبصم بالعشرة، وتلك هى (أُم المشاكل).

دأبت الصحافة أن تصبح مرجعيتها فى أى تفصيلة، هم الأسرة وتحديدًا الزوجة والأبناء، عدد من الورثة يخجلون من الاعتراف بأنهم لا يمتلكون إجابة قاطعة، أو لم يعايشوا تلك الواقعة، وبعضهم يخترع قصة وهمية، ليثبت أنه يعلم كل شىء.

قرأت مؤخرا حوارا للأستاذ محمد رياض السنباطى، ابن الموسيقار الكبير على صفحات (أخبار النجوم)، السنباطى (الأب) كان مبتعدًا عن الإعلام، أقام سورًا عاليًا حول نفسه، وكأنه كتب عليه ممنوع الاقتراب، من هنا جاءت أهمية الملف الذى أشرف عليه الناقد الدؤوب هشام يحيى. السنباطى (الابن) حرص على التأكيد أن علاقة وردية جمعت بين عبدالوهاب والسنباطى، بينما العديد من المواقف والتصريحات تؤكد أن العكس هو الصحيح، ما استوقفنى أكثر هو التلاعب بالتاريخ لإثبات حقيقة، رغم أنه لو التزم بالتاريخ سوف تتأكد الحقيقة أكثر.

أراد أن يؤكد خوف عبدالوهاب من تلحين قصائد لأم كلثوم بعد النجاح الاستثنائى الذى حققته قصيد (الأطلال) شعر إبراهيم ناجى، وتلحين السنباطى، فقال إن عبدالوهاب توقف عن تلحين القصائد لأم كلثوم بعد (الأطلال)، والتى شدت بها أم كلثوم عام 66، بينما العكس تماما هو الصحيح، القصائد الثلاث التى لحنها عبدالوهاب لأم كلثوم هى (أصبح عندى الآن بندقية) نزار قبانى، و(أغدا ألقاك) الهادى آدم، و(هذه ليلتى) جورج جرداق، وستلاحظون أن كلاً منهم من بلد عربى، سوريا والسودان ولبنان، وهى قطعا مقصودة من أم كلثوم، التى أرادت الغناء لشعراء عرب من دول مختلفة.

التحليل والذى يصب أكثر لصالح السنباطى ويؤكد تفرده، أن عبدالوهاب أراد منافسة السنباطى والتفوق عليه، وأغراه نجاح (الأطلال) بتلحين القصائد الثلاث لأم كلثوم، على أمل التفوق وتحقيق نجاح أكبر، وظلت (الأطلال) طبقا لتقييم (اليونسكو) قصيدة القرن العشرين، بينما كان للقصائد الثلاث تلحين محمد عبدالوهاب، بالقطع نصيب وافر من النجاح، لا يحتمل التشكيك، ولكن لا مقارنة مع شموخ (أطلال) السنباطى.

وريث آخر هو الأستاذ مجدى مرسى جميل عزيز، ابن شاعرنا الكبير، عندما قال إن والده كتب أغنية شادية (يا نور عنيه وأكتر شوية) فى عيد الميلاد الأول لابنة مرسى (شقيقة مجدى). والحقيقة كما ذكرها الموسيقار محمود الشريف أكثر من مرة، أن هذه الأغنية جاءت بطلب مباشر منه لصديقه مرسى جميل عزيز، فى عيد الميلاد الأول لابنة الشريف الوحيدة إكرام، حضرت شادية الحفل وحفظت اللحن ورددته، حبًا وعرفانًا لأستاذها وأبيها الروحى محمود الشريف، الأغنية مطلع الخمسينيات، ولا أتصور أن هناك توافقًا فى يوم ميلاد ابنتى الشريف ومرسى، نشرت الصحافة وقتها صور عيد الميلاد، وعندما نجحت الأغنية قرر الثلاثة مرسى والشريف وشادية، تسجيلها على فرقة موسيقية كاملة، هل كان مجدى يعلم الحقيقة وأراد أن يمنح الأغنية خصوصية علاقة دافئة بين أب وابنته؟ ربما، بينما الحقيقة أحلى، وتحسب لصالح مرسى جميل عزيز، الذى انفعل حبًا لصديقه وكتب لإكرام (زوقنا عيدك بشمعة واحدة/ يا وردة لسه راح تبقى وردة)، منتهى الشاعرية فى التعبير عن مرور عام واحد على الميلاد (وردة لسه راح تبقى وردة)، لماذا يلجأ الورثة أحيانًا لتغيير الحقيقة؟ لأن لديهم قناعة أن لا أحد سيجرؤ بعدهم على إعلان الحقيقة!!

(المصري اليوم)

التعليقات