«محتاج الحق لقوة»

عندما تكون المبادئ الأساسية مثل الصواب والخطأ، الحق والواجب محل اختلاف..و يصعب الوصول فيها لقرارات حاسمة، تصبح الأمور الأعلى فى سلم الرقى الإنسانى أكثر تعقيدا!!

أشارككم اليوم بواقعة ليست الأولى من نوعها ولن تكون بالتأكيد الأخيرة! سرقة الملكية الفكرية للأعمال الفنية والأدبية.. فقد تابعنا فى الأسبوعين الماضيين قضية الكاتبة الكبيرة رشا سمير وخلافها مع مخرج فيلم حكايات بنات، والتى أثبتت فيه الكاتبة من خلال تاريخ تسجيل كتابها «بنات فى حكايات» ومحادثات المخرج معها الكترونيا حول القصة والتى أبدى فيها إعجابه بالكتاب ورغبته فى استغلاله كفيلم.. وما تلا تلك القصة المتكررة من انصراف صناع الفيلم عن كاتبته وعن دار النشر واستغلال الفكرة دون الرجوع للكاتبة أو دار النشر.

جريمة سهلة لا يلتفت إليها المجتمع كثيرا، ولا يقف أمامها ولا يضعها فى بند الكبائر حتى.. بل إن الناس قد اعتادت أن تسمع أخبارًا مماثلة ولا تنتفض ولا تشعر بضيق أو غضاضة فى ذلك..

بل إن بعضهم يتمادى فى التبجح ويقول إن هذا مجرد توارد خواطر!!.. توارد خواطر مثبت قانونيًا والكترونيًا!!

أزمة الكاتبة الكبيرة والمخرج ستمر، كما مرت قبلها عشرات السرقات الفنية والأدبية طالما ليست لنا أداة ردع أو مساءلة أو عقوبة واضحة لممتهنى السرقات..

فى الجامعات والبحث العلمى تتكرر المأساة، فرسائل ماجستير ودكتوراه كاملة (تنسخ) من سابقيها نسخاً! ثم يذهب أصحابها فخورين بإنجازهم الوهمى وهروبهم من جريمة لن يعاقبهم عليها أحد!

القصة تتكرر كل يوم على منصات التواصل الاجتماعى من منصات أصحابها مشاهير ولا يخجلون أبدًا من عدم ذكر مصادرهم!! ولا عدم نسب الرأى لأصحابه. لا يعتقدون أن فى هذا أصلا خطأ أو غضاضة..

الخط على امتداده يسوقنا من استباحة إلى استباحة.. من استباحة الفكرة حتى استباحة المجهود حتى استباحة الحقوق!

الصورة العامة تحتاج إلى بعض من المقاتلين من أجل الحق، أحب تلك الجملة العبقرية التى كتبها د. محمد العدل فى أغنية الحلم العربى «محتاج الحق لقوة علشان تقدر تحميه».

الحق فى هذه الأيام يحتاج إلى مقاتلين لأجله، فالصمت عن السلب يشجع السالبين أكثر..

أثمن موقف الكاتبة رشا سمير التى تعرف تماما أنها تحارب فى معركة قد لا تفوز فيها من الجولة الأولى، وسيعرض الفيلم ويمر.. لكن سيتبقى لنا فيها وفى غيرها نموذج للوقوف من أجل الحق.. والقوة للثبات عليه!

التعليقات