اتحضّر!

تعجبنى جدًا صياغة حملة (اتحضر للأخضر) أحيى من فكّر فى الحملة من الأساس، وأحيّى بالأكثر من كتب هذا الـ«سلوجان» (اتحضّر للأخضر) لأنها ترسخ ما هو أكثر من فكرة الجاهزية للحفاظ على البيئة لكن أيضا ما يحمله ذلك من كل معانى التحضر...

يشغلنى جدًا ذلك التحضر الذى يسكن فى التفاصيل اليومية البسيطة..

ذلك التحضر الذى يبدأ من صندوق القمامة فى بيتك، وكيف تحرص على فصل بسيط لما هو عضوى وما هو ورقى أو زجاجى، مرورًا بابتسامتك فى وجه الغرباء فى الشارع واحترامك للناس، أهلا، شكرًا من فضلك.. أنا آسف. وغيرها من مرادفات اللطف.. وقوفك فى الطابور، عينك البسيطة التى لا تخترق خصوصيات الآخرين..

تفاصيل! أليست كذلك؟! لكنها كفيلة بتغيير وجه الحياة ورفع مؤشرات السعادة!!

نصف أزمات البشر وتعاستهم ليست فى الخلافات نفسها بل فى طريقة التعامل معها، فالخلافات من الطبيعى أن تحدث بين البشر، فكل منا نتاج بيئته وثقافته، كيف عاش وماذا قرأ، كم تألم وكم مرة بكى..

فمن الجنون أن تعتقد أننا لن نختلف!!

ومن المثالية أن نطلب من الناس تعلم ثقافة الاختلاف بينما لم نعلمهم فى الأصل كيف يتفقون، كيف يتواصلون فى حياتهم اليومية..

ثقافة التواصل جزء من مقومات التحضر...

إذا تعلّم الناس التواصل ستصبح مهمة شرح ما تريد حقًا مهمة أكثر وضوحًا، ومهمة فهم القصد من وراء ما يقال مهمة أكثر سلاسة!

يختفى الكثير من الاحتقانات بين الناس إذا تم فك الاشتباك بين «مقصود لم ينطق، ومنطوق لم يقصد».

سيتعلم بعضنا أن يقول (لا) لا أريد أن أفعل ذلك! ويتعلم الآخرون أن الجسد يتكلم وأن نبرة الصوت تقدم رسالة!

التحضر فى التصرفات اليومية الصغيرة يقلل من مستوى الدراما فى التفاصيل اليومية، فالصراخ والصوت العالى والتشابك المستمر مع كل فكرة وكل رأى.. بعيدًا عن كونها سلوكيات همجية متكررة فى المجتمعات الأقل تحضرًا..

إلا أنها سلوكيات تؤدى بالناس إلى تعاسة بالغة، فهم دائما يشعرون بالتحدى، دائمو التوتر، دائمًا فى حالة عجز عن فهم الآخرين أو جعل الآخرين يفهمونهم!

التعليقات