أقوى نقد لتترات المسلسلات .. نيللي تكتب عن غدر الليثي وبكاء شيبه

 هي الأختصار لكل الحروف .. هي التعبير عن كل معني وكل أحساس .. هي الألوان والرتوش .. هي الرواية و الأحداث ..إنها الموسيقي , بكل نغماتها و إيقاعاتها , تختصر المواقف والأحداث , و تعبر عما بين السطور ,وما أجملها عندما تحكي لنا قصة وتختصرها بكل عمق و تجلي , إنها تتر موسيقي العمل الدرامي , و أشهر أنواع التترات الدرامية , هي تترات المسلسلات , سواء كانت التترات موسيقية بحته (بدون غناء) أو غنائية .
 
 تتر المسلسل هو جزء هام جدآ من الدراما , ولا ينفصل عنها , التتر الموسيقي أو الغنائي هو أختصار و تشويق لمضمون الدراما داخل المسلسل , ودائمآ نجد التتر هو تعبير واضح عن الأحداث بشكل مباشر في بعض الأحيان و في أحيان أخري يأتي بشكل فلسفي للتلميح عن المضمون الدرامي للأحداث دون مباشرة , ومن هنا تأتي أهمية التتر بالنسبة للمسلسلات , فهو بأختصار مرآة لأحداث المسلسل دون الكشف عن تفاصيل الأحداث و تطورها.
 
   علي مدار أعوام كثيرة أستمعنا إلي تترات مسلسلات كثيرة جدآ , منها ما عالق في أذهاننا و وجداننا رغم السنين , و منها ما نسيناه رغم تكرار إذاعته يوميآ , من اهم أسباب تعلقنا بتتر معين هو تكاتف عناصر التتر لتحقيق الهدف الرئيسي منه و هو تعميق و توصيل الهدف والفكرة من العمل الدرامي , فنجد الكلمات أشبه إلي فلسفة الراوي في الحكي , ونجد الموسيقي مجسدة للكلمات بوضوح و رقي , و عادة ما تستخدم الجملة الموسيقية الخاصة بتتر المقدمة أو النهاية كموسيقي تصويرية طوال الحلقات.
 
   تعالوا نتذكر بعض أهم التترات التي أثرت في وجدان أجيال كثيرة متتالية علي مدار أعوام طويلة دون أن نفقد منها حرف أو ننسي معني أو قيمة قدمها المبدعين القائمين علي هذه التترات , علي سبيل المثال لا الحصر تتر مسلسل " الأيام " والذي كان يحكي قصة حياة عميد الأدب العربي " طه حسين " , التتر كلمات الشاعر الكبير / سيد حجاب , ألحان الموسيقار / عمار الشريعي , غناء الفنان / علي الحجار , هؤلاء العمالقة الثلاثة قدموا لنا العديد من التترات الرائعة الراسخة في أذهاننا , والتي شكلت بقيمها الأجتماعية و الأدبية وجدان كثير من الأجيال , مثل تتر مسلسل " الشهد و الدموع " بكل أجزاءه , كما قدم لنا الشاعر الكبير / سيد حجاب و الموسيقار / ياسر عبد الرحمن تتر مسلسل " المال و البنون " بكل أجزاءه غناء الفنان / علي الحجار و شاركه الغناء في تتر النهاية الفنانة / حنان ماضي , و من منا لا يتذكر تتر مسلسل " ليالي الحلمية " كلمات الشاعر الكبير / سيد حجاب , و ألحان الموسيقار / ميشيل المصري و غناء الفنان / محمد الحلو , كذلك مسلسل " من الذي لايحب فاطمة " كلمات الشاعر الكبير / سيد حجاب و ألحان الموسيقار / ميشيل المصري و غناء الفنان / محمد ثروت , أيضآ تتر مسلسل " حديث الصباح و المساء " كلمات الشاعر / فؤاد حجاج و ألحان الموسيقار / عمار الشريعي , غناء الفنانة / أنغام .
 
   و هناك أيضآ تترات موسيقية خالدة لم يقدم بها غناء , فقد أكتفت بالموسيقي وحدها لتعبر عن الدراما و تقوي لدي المشاهد الفكرة و الهدف من الأحداث الدرامية , نذكر من هذه التترات علي سبيل المثال لا الحصر , تتر مسلسل " ضمير أبله حكمت " و تتر مسلسل " البخيل و أنا " و تتر مسلسل " صابر يا عم صابر " كلها للموسيقار / عمر خيرت و غيرهم الكثير . و من منا يستطيع أن ينسي تتر مسلسل " رأفت الهجان " و تتر مسلسل " دموع في عيون وقحة " للموسيقار / عمار الشريعي  . هناك أيضآ تتر مسلسل " ذات " للموسيقار / تامر كروان , و تتر مسلسل " نيران صديقة " للموسيقار / هشام نزيه , والكثير من التترات التي لم يكن بها غناء و اكتفت بالموسيقي دون سرد كلمات .
نتيجة بحث الصور عن ضمير ابلة حكمت
   في الأعوام الاخيرة نجد أنا تتر المسلسل أتخذ شكل آخر في مصر , و أصبح أكثر ميلآ إلي الأسلوب الشعبي في الغناء و المحتوي , و أعتمد علي أسماء العديد من المطربين الشعبيين مثل " شيبة " و " الليثي " و عبد الباسط حمودة " و غيرهم من الأسماء , و يبدو أن تترات المسلسلات تأثرت و بشكل كبير بالمناخ الموسيقي السائد ، أيضآ هذه الظاهرة نقلت تباعآ من السينما إلي التليفزيون , و أحد أهم أسباب أنتشار ظاهرة التتر الشعبي للدراما التليفزيونية هو الأنتاج , و التعامل مع المسلسل علي إنه سلعة يجب ترويجها جيدآ و من عوامل الترويج هو ذلك التتر الشعبي المرتبط دائمآ بمشاعر الألم و الحسرة و الغدر , أو بأختصار أصبح " عويل و بكاء " , كل ذلك جعل الكثير من التترات الحديثة و بالأخص التترات الشعبية تمر علي وجداننا دون أن تقدم لنا معني أو هدف يستطيع العقل أختزاله , فهي دائمآ مقحمة علي الدراما مما أفقد التتر مصداقيته لدي المتلقي  . الغناء الشعبي شكل من أشكال الموسيقي الذي يرضي عدد كثير من المتذوقين لهذا الفن ولابد من وجوده , لكن دون فرض و سيطرة و أقتحام لكل الجمهور بمختلف أذواقه .
صورة ذات صلة
   مؤخرآ بدأ الجمهور المصري يلتفت للدراما اللبنانية والسورية , و أصبحت تشكل هذه الدراما أهمية كبيرة لدي المشاهد المصري , لما تحتويه هذه المسلسلات علي عناصر جذب كثيرة بداية بالقصة ثم الصورة و أداء الممثلين والإخراج و الموسيقي , الدراما اللبنانية والسورية قدمت لنا تترات موسيقية و غنائية مميزه و مؤثرة , نذكر منها علي سبيل المثال تتر مسلسل " تشيللو " و تتر مسلسل " لعبة الموت " و تتر مسلسل " قلبي دق " و تتر مسلسل " أنتي مين " , كل هذه التترات كلمات و ألحان و غناء الفنان / مروان خوري , كذلك تتر مسلسل " لو " كلمات و ألحان الفنان / مروان خوري و غناء الفنانة / إليسا , أيضآ تتر مسلسل " 24 قيراط " كلمات وألحان الفنان / مروان خوري و غناء الفنان / راغب علامة , و مسلسل " الطريق " المأخوذ عن رواية الكاتب الكبير " نجيب محفوظ " التتر كلمات الشاعر / غادي رحباني و ألحان الموسيقار / أسامة رحباني و غناء الفنانة / هبة طوجي . كل هذه و غيرها الكثير من التترات اللبنانية و السورية المتميزة , والتي لاقت نجاح كبير في الوطن العربي كله , وأصبحت تغني في حفلات النجوم الذين غنوها و ذلك بناءآ علي رغبة الجمهور .
  
   تتر المسلسل جزء لا يتجزأ من الدراما ولا يجب أن نغفل أهميته , و دوره الفعال في توصيل المعني و دوره في نجاح العمل الدرامي و بقائه خالدآ رغم مرور السنين .
التعليقات