إن فاتك الميكروباص.. اتمرمغ في ترابه

إذا لم يكن لك نصيب في الدنيا ونسبة حظ عالية، فسيقودك مصيرك المحتوم إلى ركوب الميكروباص. والميكروباص لمن لا يعلم هي كلمة إنجليزية الأصل تعني الحافلة الصغيرة. لا يهم، فهي وإن كانت صغيرة في الحجم، لكنها عالم مواز يحتوي على تفاصيل غاية في التعقيد.

قديمًا قال المثل: -تعرف الميكروباص؟

-آه أعرفه!

-ركبته؟

-لا!

-أرجوك ماتركبوش!

فلكي تركب الميكروباص لابد أن تكون من متعلمي اللغات، إذ لا يمكن لك أن تركب "العربوية" دون أن تعرف إلى أين ستتجه، ولن يخبرك السائق بصوته الإنساني عن وجهته، عيك أن تفهم إشاراته إذا..

http://https://www.youtube.com/watch?v=g_Pvs8jgLGM

أنا شخصيا أحفظ أكثر من 130 إشارة للميكروباص، ربما أكثر من الشتائم الموجودة في قاموس إلياس الكبير للغة الإنجليزية، أو تلك التي قالها مرتضى منصور بخصوص أمهات الكثيرين، ومع ذلك، لا أعد نفسي من متقني اللغة، فما زلت مبتدأ. لكن لا تقلق، يمكنك الالتحاق بالمركز الثقافي لموقف عبود.. وأسعار الكورس زهيدة.

أعرف الآن أنك في حيرة من أمرك، فلكي تذهب إلى موقف عبود لكي تتعلم لغة الميكروباص، عليك أولا أن تستققل ميكروباص للموقف، كأي مشكلة في مصر. نحتاج لحكومة إصلاح، ونحتاج لإصلاح الحكومة. لكني سأساعدك بعض الشيء. مبدأيا، كأي لغة نتعلمها، فإن الميكروباص ليس فقط إشارات بمعاني، إنما ثقافة، وكل خط له ثقافته الخاصة، فمثلا، ميكروباص حلوان- تحرير ستخدم نفسك بنفسك، أما ميكروباص قليوب، ستجد تباعا يتمنى خدمتك. وأقصد هنا خدمتك له وليس خدمته لك بالطبع. لكن خط الجيزة أرض اللواء، فستجد تباعا، بله واشرب ميته، هو لا يفعل إلا أن يخبط على باب الميكروباص ما يسبب لنا صداعا، ولا يجعل السائق يقف، لإن السائق يصدق الراكب أكثر، أو ربما على خلاف مع التباع.

بالمثل، فإن الميكروباص التويوتا الصغير، أنت ملزم أن "تبعت الأجرة ورا" أول ما تركب، أما في خط قليوب مثلا، سيمر عليك التباع بكل رحبة صدر يلم منك الأجرة ولا يعطيك باقيا.. "لما أفك يا باشا". أما في خط الجيزة أرض اللواء مثلا.. ماذا تنتظر أن أقول لك؟ ألم تبل التباع وتشرب ميته؟ هو لن يمر ولن يفعل شيئا، هو هيستناك بره الميكروباص وانت نازل ياخد منك الأجرة..

الآن يمكنك الذهاب إلى موقف عبود ولكن احذر، الجلوس بجانب السائق يجعلك مساعدا له بالقهر، وسيضغط عليك لكي "تاخد الكرسيين".. الجلوس في الكنبة الأولى في الكرسي خلف السائق يجعلك ملكا، الجلوس في الذي يليه سيجعلك "تلم الأجرة" وإن كنت غير دقيق في الحسابات فستدفع من جيبك، الجلوس بجانب الباب سيجعلك بالضرورة تباعا، أو بوابا، أو ناشطا في مجال فتح باب الميكروباص، الجلوس على أي كرسي قلاب سيجعلك تتمنى أن تصل إلى وضع سوريا والعراق، أما بقية الكراسي فمخصصة للأطفال ومن هم دون الـ130 سنتيمتر.

التعليقات