عاجل من عمارة ومدكور إلى من يهمه الأمر.. ومهزلة الإدارة التعليمية

ونحن على أعتاب الحوار الوطنى الذى أتمنى أن يكون حوارا متسقا مع شدة وصعوبة الأزمة التى تمر بها كل دول العالم، ومنها مصر، كما نريده حوارا صادرا من عقل وقلب خبراء وطنيين لا يبغون منصبا ولا جائزة للاتفاق على خريطة واضحة المعالم لمسيرة مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى الفترة القادمة.. ولابد أولا أن نعترف جميعا، وبكل وضوح، بأن الثورة الإصلاحية التى قادها رئيس الدولة فى البنية التحتية والطرق والمدن الجديدة والعشوائيات وتوفير الكهرباء والغاز والثورة الزراعية من أجل توفير الطعام والمبادرات الرئاسية فى المجال الطبى ومحاولات إصلاح التعليم وغيرها فى هذه السنوات القليلة وبعد فترة شديدة القسوة وحالكة الظلام من حكم جماعة الإخوان هى إنجازات معجزة لم تحدث فى تاريخ مصر الحديث.. لكن على الجانب الآخر من الصورة هناك بالفعل أخطاء وسلبيات زادت وضوحا مع الأزمة الفيروسية ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى ما نحن فيه الآن.. ورجائى من كل مواطن مهموم ببلده وفاهم ودارس لما حدث ويحدث أن يدلى بدلوه وأطالب كل وسائل الإعلام بأن تتفرغ لعرض هذه الأفكار بلا أى حساسية طالما تتمتع بالصدق والخلفية العلمية بعيدا عن الترصد والكراهية.. وسوف أعرض اليوم رأيين لمواطنين متميزين أضعهما أمام السيد رئيس الوزراء ومجلس أمناء الحوار الوطنى.

الأول.. هو د. محمود عمارة، ولمن لا يعرفه فهو مواطن عاشق لبلده استطاع أن يشق طريقه بعد تخرجه فى كلية الحقوق فى أوائل السبعينيات، وسافر إلى فرنسا، حيث استطاع، بالجهد والذكاء والمثابرة، أن يؤسس أكثر من 18 شركة فى مجالات مختلفة، ومنها الزراعة، وأصبح رئيسا للجالية العربية فى باريس وبالتوازى حصل على درجتى الماجستير والدكتوراة من جامعة السوربون فى الاقتصاد السياسى والديون الخارجية، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث أقام عدة مشروعات، خاصة فى استصلاح الأراضى، وفى مصر فقد تفرغ لعرض آرائه وأفكاره فى كل وسائل الإعلام المتاحة فيما يخص الإصلاح الاقتصادى والاستثمار بصفة خاصة.. وكنت ومازلت أتصور أن يكون مثل هذا الرجل فى مقدمة المشاركين فى الحوار الوطنى، وقد طلبت منه تلخيصا لبعض ما لديه من أفكار فى هذه الفترة الحرجة فكان هذا جوابه (الرئيس السيسى كما غير البنية التحتية والتى لا يستطيع أحد غيره أن يغيرها بهذه الكيفية وهذه السرعة، ويستحق عليها أن نعمل له تماثيل فى كل مدينة وقرية، يستطيع أن يفعل نفس الشىء فى البنية الاقتصادية وجذب الاستثمارات خلال سنتين، والمطلوب على وجه السرعة أن يتخذ هو قرارا بفتح جميع المصانع ووحدات الإنتاج المغلقة، وأغلبها متوقف على ورقة أو ختم أو موافقة أو تمويل، ويتم أخذ تصريح بالعمل فورا لمدة 18 شهرا يمكنه خلالها أن يوفق أوضاعه.. والتمويل موجود بالبنوك «مبادرات بالمليارات» غير مستغلة.. ويكون شعار المرحلة: تصنيع.. تشغيل.. وتصدير.. ويمكن لسيادته أن يجتمع مع مجموعة قليلة من الاقتصاديين المخضرمين الفاهمين مع تنفيذ سريع لكل المتطلبات بلا تردد ولا تأخير.. وعلى الجانب الآخر يتحتم التنبيه على كل المحافظين بأن بقاءهم فى مقاعدهم مرتبط أساسا بقدرتهم على جذب الاستثمار لمحافظاتهم وعدد فرص العمل التى أتيحت فى كل محافظة مع المراقبة والمتابعة المستمرة لكل منهم وسوف نرى النتائج).

الثانى.. هو الإعلامى الشاب المتميز شريف مدكور، الذى تخرج فى كلية التجارة جامعة عين شمس، ومر بعدة تجارب عمل لم يجد نفسه فيها حتى استقر على مجال الإعلام، وأصبحت له شهرة واسعة لتلقائيته وأدبه ومواهبه الكثيرة وحبه الواضح لبلده، الذى يظهر فيما يقدمه من فقرات، ويكفيه أنه حفيد الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية الأسبق، وهو من كبار عظماء قيادات الجيش المصرى، وقد اتصلت به هاتفيا لسؤاله عما صدر منه من اقتراحات لخدمة الوطن ويمكن تلخيص ما قاله فى الآتى:

1) تطوير الساحل الشمالى: يقترح شريف أن تقوم الدولة بالتعاقد مع إحدى الشركات العالمية التى تعمل فى مجال تأجير المساكن للقيام بتأجير شقق وفيلات وقصور وشاليهات على طول ساحلنا الشمالى فى فصل الشتاء لمدة 3 أشهر لكل كبار السن فى دول العالم، خاصة فى أوروبا، حيث يعانون من قسوة الشتاء، خاصة فى السنوات القادمة ومع أزمة الطاقة، والأمر يتطلب من الدولة عمل حملة ترويجية عالمية لهذه الفكرة مع توفير كل احتياجات الضيوف من مطاعم وأماكن للترفيه ورعاية صحية وغيرها، وهو الأمر الذى سيعيد الحياة إلى ساحلنا الشمالى بعد أن كان يستغل فقط لبضعة شهور، مع توفير عمل للكثيرين من الشباب، وتوفير العملة الأجنبية والمساهمة فى الترويج للسياحة الترويحية والصحية.

2) تسويق المنتجات المصرية: أقترح تخصيص شارع بأكمله فى العاصمة الإدارية الجديدة لا يقل عن 180 مترا يضم أعدادا من المحال الصغيرة (70- 80 مترا)، تحتوى على ورشة صغيرة يعمل بها الشباب لتصنيع الملابس والإكسسوارات والأحذية وملابس الأفراح وغيرها من الأنشطة، ويضم الشارع 3 شركات شحن وفندقين 3 نجوم لاستقبال القادمين لشراء المنتجات المصرية بالجملة، على ألا يقل الشراء عن 1000 دولار وباستخدام الفيزا، ويسبق ذلك حملة ترويجية من شركة عالمية متخصصة تقوم بتعريف العالم بهذه المنتجات المتميزة، وقد جاءتى هذه الفكرة من عدد كبير من هؤلاء الشباب الذين عرضوا بعضا من منتجاتهم المتميزة فى برنامجى، وكانوا جميعا يبحثون عن وسيلة للإعلان والترويج والتصدير ولم يجدوا إجابة واضحة.

خلاصة القول: نحن فى حاجة ماسة إلى مصارحة النفس فى هذا الوقت العصيب، كما نحتاج إلى تغيير جذرى فى فلسفة الإعلام، وعليه أن يفتح كل نوافذ الرأى والرأى الآخر لكل المتخصصين والفاهمين، واستدعاء كل القدرات المصرية فى كل مجالات العمل بغير شروط سوى حب هذا الوطن والإخلاص له لا لغيره، وقد ضربت اليوم مثلين أحدهما د. محمود عمارة الذى بح صوته حتى كاد ييأس، والإعلامى المتميز شريف مدكور الذى يؤدى ما عليه إعلاميا من اكتشاف المواهب الشابة، ولا يجد أى استجابة، وبالطبع فإن غيرهم كثير، فإلى متى نستمر فى إضاعة الفرص؟

مهزلة الإدارة التعليمية

انتقل حفيدى ياسين إلى الصف الأول الإعدادى، وتطلب الأمر أن يقدم والده، نجلى د. أيمن، استمارة قيده بالمدرسة مختومة من الإدارة التعليمية بمدينة القاهرة الجديدة، وسوف أتركه يحكى لكم بقلمه رحلة الحصول على الاستمارة المختومة:

(تزامنا مع بداية الدراسة ولحاجة ملحة للتوجه إلى إدارة القاهرة الجديدة التعليمية قررت الذهاب مبكرا وكانت ملاحظاتى كالتالى:

1- المكتب المنوط به العمل يوجد بسور الإدارة على رصيف الشارع مباشرة.

2- المكتب مكون من شباكين فقط ولا توجد لافتة تشير إلى طبيعة عملهما.

3- مساحة المكتب لا تكفى ثلاثة أشخاص ومن ورائهم كم هائل من الملفات الورقية!.

4- على المواطنين أن يقفوا فى الشارع الرئيسى! مما يعوق حركة المرور، ناهيك عن الأجواء المحيطة بالإدارة من باعة جائلين وفوضى وقمامة..

5- فترة العمل من 9 صباحا وحتى 2 ظهرا فقط!.

6- عند احتياجك إلى التوقيع على أى مستند، فما عليك إلا التوقيع وقوفا على الرصيف!.

7- لا توجد شبهة للتعامل الإلكترونى! ولا مكان لكبار السن ولا ذوى الهمم.. ولك أن تتخيل ما يعانيه المواطن من حرارة الشمس أو سقوط الأمطار..

وفى اليوم التالى ذهبت لتسلم الاستمارة فوجدت عطلا فى ختم النسر!! وانتظرت حتى تم إصلاحه !).

انتهت رحلة د. أيمن المؤسفة وهى بالتأكيد ليست حالة خاصة، فهناك طوابير من المنتظرين فى الشارع تشير إلى خلل كبير يستوجب إجراءات حاسمة من الوزير المسؤول عن التربية والتعليم، ولكِ الله يا مصر المحروسة (توجد صور موثقة للمكان لمن يهمه الأمر).

**عن المصري اليوم

التعليقات