د. عزة هيكل

دى النوعية الجديدة من الدراما التليفزيونية، التى هى مزيج من الدراما التركية والمكسيكية مع خلطة مصرية حديثة عن العائلة والأجيال المتعاقبة وتلك الطبقة المظلومة، ألا وهى الطبقة الوسطى، هى نقلة فى مفهوم ومعنى الدراما التى يؤثر ويتأثر بها المجتمع، وتعبر عن الواقع أكثر منها ترسم خطوطًا بلورية فى سماء الاستشراف لما هو آتٍ، فالفن فى مجمله ليس كاميرا نسجل بها صورًا تذكارية لنؤرخ لفترات مختلفة من حياتنا، وليس الفن ناقلًا حيًا ودقيقًا لكل ما يفرزه المجتمع من أمراض وعشوائيات، كما أن الفن ليس صورًا جمالية مرسومة بدقة وعناية لنزين بها أركان الغرفات وجدران المنازل وقاعات القصور.. الدراما والفن لهما دور تنويرى وتثقيفى بالإضافة إلى الدور الترفيهى والجمالى الذى يتسم به الفن بشكل عام، ولهذا فإن الأعمال الدرامية التى عكست الصورة القبيحة والعشوائية أو الإجرامية لبعض أشكال السلوك المجتمعى لم تكن معبرة بواقعية عن الحال، وإنما كانت دراما صادمة تركز على الجانب المظلم من المجتمع ومن الإنسان، وحدثت بعد ذلك فى السنوات الثلاث الأخيرة، بداية من «أبوالعروسة»، نقلة جديدة فى الدراما تسمى «دراما الأسرة»، وهى تلك الدراما التى تتعرض للأسرة المصرية المتوسطة باختلاف الأعمار والأدوار، وهى دراما تستعرض المشاكل الحياتية البسيطة جدًا دون الدخول فى معارك فكرية أو فلسفية أو اقتصادية،
 
وطبعًا لا توجد أى إشارات سياسية أو دينية أو أيديولوجية، إذًا فهى دراما على غرار النموذجين التركى والمكسيكى، زواج وطلاق وخيانة وحب وحمل وتربية وأمراض فى إطار الأم والأب والأجداد والأبناء من البنين والبنات والجيران والأصدقاء، مسلمين ومسيحيين.. وهكذا نحقق المعادلة المطلوبة من فن الكتابة الدرامية للتليفزيون وتتحول الدراما إلى تكرار وإعادة فى البناء والصراع والحوار والشخصيات مع اختلاف ديكور المنازل أو المدارس.. إذًا فهى دراما مريحة ورحبة ومسلية لا تسبب أى مشكلات، كما أنها لا تستدعى أى تفكير أو تقعر أو فلسفة.. الحوار مسطح كما الشخصيات، والصراع أحادى لا يوجد به أى عمق نفسى أو فكرى، حياة منفصلة عن أى واقع فلا توجد أى إشارات أو إرهاصات تؤرخ لمرحلة من خلال الوضع السياسى أو الاقتصادى وانعكاسهما على الحياة الاجتماعية اليومية للمواطن.. «بينا ميعاد» مسلسل شيك وأنيق ونظيف اللهم من صورة كريهة للأبناء الذين فقدوا أحد أبويهم بالموت أو الطلاق، أبناء «حسن» قمة فى الأنانية والعنف والطمع كأنهم لم يتربوا، والبنات بهن قسوة وتطاول وقلة أدب سلوكى ولفظى تجاه الأم.. وابن «مراد» الخال شاب عاق جاحد لا يحمل أى ذرة من الإنسانية وهو الطبيب المعالج للمرأة الكبيرة.. حدوتة الزواج ليست هى لب الموضوع والصراع وإنما كيف نشأ هؤلاء الأبناء والبنات بكل هذا السلوك غير القويم والسليم لدرجة الكذب والنفاق والرياء وحياكة المؤامرات المدمرة لإفساد الزواج.. الصورة الجميلة والأناقة والديكور والتصوير الإعلانى المعاد والمكرر للقاهرة الكبرى لن يخلق دراما مؤثرة تعيش فى الوجدان وتحفز الفكر وتقدم لوحة اجتماعية فى ضفيرة فنية تتداخل فى نسيجها أطراف الحياة المتعددة والمتنوعة.. الرسالة هى أحقية الآباء والأمهات فى الحياة وأن تربيتهم فاشلة، وهذا الجيل هو نتاج عملهم، وأن الحياة ما هى إلا حب وزواج وطعام ومال من عمل أو غيره فى عزلة عن كل المؤثرات الخارجية والحقيقية، ولا يجب على الفرد أن يُعمل العقل والفكر، وأن تكون له قضية فى الحياة سوى ما نراه على الشاشة فى دراما الأسرة المصرية الجديدة.. «صبرى فواز» و«مدحت صالح» و«شيرين رضا» نجوم مضيئة مع قصة حلوة لـ«هانى كمال.
 
مقال تم نشره في المصري اليوم
 

قناة القاهرة الإخبارية قناة مصرية أثبتت تميزها وتفردها خلال الأحداث الأخيرة فى حرب غزة، خاصة أنها طورت من آلياتها وطرحها، واستطاعت أن تواكب جميع المتغيرات التى حدث على الساحة...

دى النوعية الجديدة من الدراما التليفزيونية، التى هى مزيج من الدراما التركية والمكسيكية مع خلطة مصرية حديثة عن العائلة والأجيال المتعاقبة وتلك الطبقة المظلومة، ألا وهى...