في ذكرى إسماعيل ياسين.. عندما قال للملك: "مرة واحد مجنون زي جلالتك"

برغم مرور 55 عاما على وفاته، إلا أنه لا يزال حاضرا وبقوة في قلوب الصغار قبل الكبار، فهو الوحيد الذي قام ببطولة سلسلة أفلام تحمل اسمه، بعدما أصبح اسم إسماعيل ياسين "علامة مسجلة" لا تخص أحدًا غيره. حياته نفسها تحولت إلى فيلم طويل، له بداية وأحداث وذروة ونهاية، فمثلما بدأ حياته فقيرا مفلسا، خرج منها مديونا بائسا، بعد مشوار طويل من الفن والإبداع.
بدأت حياة البؤس تلازم أسطورة الكوميديا بعد وفاة والدته وهو لم يكمل المرحلة الابتدائية بعد، خاصةً مع دخول أبيه السجن بسبب تراكم الديون عليه، حيث كان يمتلك محل صاغة لكنه أساء إدارته وخسر أمواله، فاضطر الطفل "إسماعيل" وقتها إلى ترك المدرسة وبدأ حياة الشقاء والعناء، واضطر للعمل لكسب قوت يومه فعمل مناديًا بأحد محلات الأقمشة، إلى أن قرر السفر إلى القاهرة ليتلطم بعدها في شوارعها حيث كان ابن السابعة عشر من عمره يسكن في اللوكاندات الرخيصة ويعمل في المقاهي ومع الراقصات.
جاءت بدايته الفنية من خلال اكتشاف أبو السعود الإبياري له وترشيحه لإلقاء المنولوجات على المسارح، ليصبح بعدها واحدا من أشهر مقدمي المنولوج، وأصبح من الأعمدة الرئيسية في فرقة بديعة مصابني، أما علاقته بالسينما فبدأت خلال عام 1939 حيث أخذ في تقديم مجموعة من الأدوار كان من أهمها أدواره مع علي الكسار في أفلام " نور الدين والبحارة الثلاثة" و" علي بابا والأربعين حرامي"، إلى أن أصبح بطلًا للمرة الأولى سنة 1949.
شكَّل إسماعيل يس والمخرج فطين عبد الوهاب وأبو السعود الإبياري ثلاثيا متفاهما ونتج عن هذا التفاهم سلسلة من أروع أعمال إسماعيل يس، والتي حملت اسمه، منها " إسماعيل يس في مستشفى المجانين" و"إسماعيل يس طرزان" و"إسماعيل يس في دمشق"، و"إسماعيل ياسين في الجيش"، و"إسماعيل يس في البوليس" و" إسماعيل يس في الأسطول" و"إسماعيل يس بوليس حربي" و"إسماعيل يس في الطيران".
ترك لنا الراحل إسماعيل يس تراثًا فنيًا هائلًا تجاوز الـ230 عملًا فنيا، بين أفلام ومسلسلات ومسرحيات نتذكر معظمها حتى الآن، فمن منا ينسى " ابن حميدو" و" مغامرات إسماعيل يس" و" عفريتة إسماعيل يس" و" لوكاندة المفاجآت" و" العمر واحد" و" الآنسة حنفي" و" الستات ميعرفوش يكدبوا" و"المليونير الفقير" و"العتبة الخضراء" و" عريس مراتي" و" حماتي ملاك" و"الترجمان" و"زوج بالإيجار" و"العقل والمال".
في العام 1950، طلب الملك فاروق من أحد رجاله دعوة إسماعيل ياسين إلى الاستراحة الملكية للترفيه عنه، بحسب ما ذكره المؤرخ الفني محمد فتحي، وحضر ياسين وحدثه الملك قائلا: ''يالا يا إسماعيل سمعنا نكتة جديدة''، وارتبك ياسين قبل أن يقول: ''مرة واحد مجنون زي جلالتك كده''، ليصرخ الملك قائلا: ''إنت بتقول إيه يا يا مجنون''؟ ليدرك الراحل الموقف ويسقط متظاهرا بالإغماء، وغادر الملك غاضبا قبل أن يظل البعض من حراسته حول إسماعيل ياسين انتظارا لتنفيذ العقاب الذي يأمر به الملك، ولم يخرج ياسين من هذا الموقف، إلا بحضور طبيبه الخاص الذي أخبرهم بأن ياسين تصيبه حالة من ضعف الذاكرة وعدم الإدراك، ليأمر الملك بوضعه لفترة بمستشفى الأمراض العصبية والنفسية.
ورغم العدد الهائل من اﻷعمال التي قدمها إلا أنه مات فقيرًا مفلسًا، تراكمت عليه الديون والضرائب حيث طالبته مصلحة الضرائب مرة واحدة بدفع كل الضرائب عن أعماله السابقة، ولم يقدر على دفعها وهرب إلى لبنان يعمل في أدوار لا تليق به وأصيب بمرض النقرس وانهار كل ما بناه خلال أعوام كثيرة، ومات في مثل هذا اليوم 24 مايو عام 1972.
 
التعليقات