لأول مرة.. حقيقة علاقة سيد حجاب بـ"جاهين" و"الأبنودي".. أسرار يكشفها صديقه

"دي دمعة من قلبي على الخد جارية؟!

ولا دى بسمة.. نسمة فى مسامّى سارية؟!

لا لا.. دى أرواح طاهرة.. طايرة ف براح

وذكرى عمر ف توهة وف توبة راح

يا قلبي عيش.. على زقزقات الكناريا

................

يا هوى يا سيسى

نشِّفْ لي قميصى

أنا عروسة النيل السمرا

وأبو سمرا عريسي

باستخدام هذه الأبيات الشعرية كتب الشاعر الكبير فريد أبو سعدة على صفحته بعضًا من ذكرياته مع شاعر مصر الراحل الكبير سيد حجاب.

قال أبوسعدة : "لازلت أذكر هذه الكلمات منذ سمعتها أواخر عام 1968، كنت فى أولى سنواتى بكلية الفنون، وكان صديقي الشاعر الراحل محمد صالح يقوم بإجراءات النقل من عمله بالمحلة إلى القاهرة، يتنقل بالأوراق بين مكاتب شقة فى عمارة من عمارات باب اللوق، بينما انتظره أنا فى مقهى الحرية، ثم جاء : تعالى نشرب شاى، : طيب ما نشرب هنا : لأ. قوم بس، وقمت ، لم يأخذنى إلى مقهى وكلما أبديت اندهاشى، أو حتى استنكارى قال هنروح عند واحد صاحبنا يا أخى ونشرب هناك .

أبو سعدة يستطرد في حكايته: "لا أعرف أين هذه الشقة التى أخذنى إليها محمد صالح فى باب اللوق، والتى فوجئت بأن الذى يفتح لنا هو سيد حجاب !!، كانت كلمات ياهوى ياسيسى معدّة لتغنيها عفاف راضى وكان يترنم بها سيد وقال  إنها  على وصول.

ولد الشاعر الكبير سيد حجاب فى المطرية عام 1940م ، مدينة صيادين، على ضفاف بحيرة المنزلة ، لها سحرها الخاص، وهو صغير كان يخرج من الفجر ليرى عودة الصيادين محملين بما رزقهم الله من خيرات البحيرة، والده الأزهري كان معلّمه الأول، في ليالي الشتاء الباردة، وفي جلسات المصطبة الشعرية حول الموقد، كان يُنصت إلى والده يلقي الشعر للصيادين في مباراة أشبه بالتحطيب الصعيدي.

لم يكن الصغير يكتفي بما يسمعه، بل كان يدوّنه ويحاكيه. ثم اطّلع والده على ما كتب، فشجّعه على «كتابة الشعر» وعلّمه العروض والقافية وهو في العاشرة. وفى المدرسة الثانوية صادق المعلم الثانى كان "شحاته سليم نصر" مدرس الرسم الذى علمه كيف يكتب عن مشاعر الناس فى قريته حصل على شهادة الثانوية، ورحل إلى مدينة الإسكندرية للالتحاق بكلية الهندسة، وقد شغفته الإسكندرية حبا بعالمها الثرى والمتنوع، الذي يعج بمختلف ألوان النشاط الأدبي والفني لمختلف جنسيات العالم وقتها هجر الفصحى التي كان يعتقد أنّها «الأرقى»، واتجه إلى العامية «الأكثر قرباً من الشارع والبشر العاديين».

و استجاب لنصيحة أستاذه: «أهلك اللي حواليك ثلاثون ألف صياد، وبداخل كلِّ صيَّاد عشر قصائد تحتاج إلى من يكتبها». غادر سيد حجاب الإسكندرية واستقر في القاهرة ليلتقي بكبار الشعراء الذين سبقوه، كصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وفؤاد حداد، وزملاء جيله كعبد الرحمن الأبنودي ويحيى الطاهر وغيرهما ومع بداياته بالقاهرة قدم سيد حجاب مع عبد الرحمن الأبنودي برنامجاً إذاعياً بعنوان "بعد التحية والسلام ثم تعرف على أستاذه الثالث صلاح جاهين، التقاه أول مرة بصحبة الملحن سليمان جميل، وشاعر العامية فؤاد قاعود. وعندما استمع إليه، قام جاهين واحتضنه صارخاً بفرح ومحبة «زدنا واحد يا فؤاد».

يتذكر حجاب: «كان يقول لي: اللي تقدر تقوله في سطر متقولهوش في سطرين». قدّم جاهين قصائد حجاب الأولى في بابه الصحافي الشهير «شاعر شاب يعجبني»، في مجلة «صباح الخير» عام 1961، وأسس خصيصاً دار نشر لتطبع الأعمال الأولى للشباب، ونشر فيها عبد الرحمن الأبنودي ديوانه الأول، وكذلك ديوان حجاب الأول «صيّاد وجنيّة» الذي كتب له كلمة ظهر الغلاف الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي.

قبل النكسة، كان النقّاد يعتبرون سيد حجاب، «شاعر المثقّفين الذي يكتب بالعامية»، إذ تتوافر في قصائده إحالات ثقافية معرفية، ويختلط الواقع بهامشه السحري، أو ما عُرف لاحقاً بالواقعية السحرية... بعد النكسة، اختلف الأمر تماماً انتقل إلى العمل بالاذاعة مع “الأبنودى” الذي كان يقدم معه برنامج “عمار يا مصر” بالتناوب كل 15 يوماً، ولكنهما انفصلا بعد فترة وقدم كلاً منهما برنامجا منفصلا.: «كان هناك ضرورة لمخاطبة الناس بشكل مباشر، وهذا استدعى بالضرورة تغيير التقنيات».

في تلك الفترة ، تعرَّف حجاب على الشيخ إمام الذي طلب منه أن يكتب له، فكانت أغنية: «حطٌه يا بطٌه يا دقن القطٌه/». يُعد “سيد حجاب” واحد من أهم الشعراء العرب المغنى لهم في الأعمال الدرامية، واشتهر بلقب “سيد شعراء العامية” في الوطن العربي، ومن أهم الأعمال المصرية الناجحة التي حظيت ببصمة “سيد حجاب”: “الليل وآخره” و”أميرة في عابدين” و”الأصدقاء” و”أرابيسك” و”العائلة” و”بوابة الحلواني”. ، بالإضافة إلى مجموعة من الأشعار الغنائية للعديد من المسرحيات منها مسرحية “أبو علي” لمسرح العرائس بالقاهرة عام 1973م ومسرحية “حكاية الواد بلية ” للمسرح الحديث عام 1988م. كانت الأغنية أسرع فى الوصول إلى الناس في مجتمع أمّي، فقرر حجاب التوقف عن النشر والتوجّه إلى كتابة الأغاني والبرامج الإذاعية... وقدمه جاهين لكرم مطاوع ليكتب له مسرحية "حدث في أكتوبر". ، وترجم «أوبرا الثلاثة قروش» لبريشت، وكتب الأوبريت عن قصص قصيرة ليوسف إدريس، وعن رواية «ميرامار» لنجيب محفوظ. ي

قول حجاب « النص الشعري الذي أكتبه للدراما والأطفال من أهم المنجزات في مسيرتي الشعرية» ، وبالفعل فمن منا لم يستمتع بما كتب لعفاف راضي من أغنيات للأطفال؟ تلك الأغنيات التي وزعت «مليون نسخة فى عشرة أيام»... سيد حجاب، شاعر الفقراء، حامل همومهم، وحلمهم أيضا، يقول : " لو كنت أميرْ من أمراء الحواديت، كنت أدي لكل فقيرْ وفقيرة بيت، بيت بجنينه مليانه زهور وبعشه مليانه كتاكيت، وأعلق فوقه قمر بنّور، ونجوم لولي فتافيت فتافيت".

شاعر متوهج الموهبة أسهم في إثراء القاموس الشعري بكلمات وإيقاعات أصبحت اليوم تشكل وجدان أجيال، وهو شاعر استعاد للشعر التصاقه بالتجربة الحسية، لقب بشاعر الفقراء، فهو حامل همومهم، تميز بكتابة الكلمة البسيطة المعبرة عن رؤى المجتمع المصري، والتغلغل في أعماق الأعمال الدرامية التي يكتب كلماتها.

وبالرغم من انخراطه في كتابة الأغاني وتميزه في هذا المجال إلا أنه استمر في إصدار دواوينه الشعرية والتي كان من أبرزها "في العتمة"، "أصوات" و "نص الطريق" و كتب سيد حجاب العديد من الأغاني التي ارتبطت بها الأعمال الدرامية مثل "ليالي الحلمية"، "الأيام"، "الوسية"، "الشهد والدموع"، "المال والبنون"، "حدائق الشيطان"، "ناصر"، "غوايش"، "أحلام لاتنام"، "الأصدقاء"، وغيرها الكثير من المسلسلات، كما كتب أغاني فيلم الاراجوز، وعدد من الأغنيات التي تغنى بها مجموعة من المطربين أشهرهم المطرب علي الحجار كما في أغنيات "هنا القاهر" و"يا مصري".

حصل سيد حجاب على العديد من الجوائز أهمها جائزة كفافيس الدولية لعام 2005 في الشعر عن مجمل أعماله، كما كرمه معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين باعتباره أحد رموز الشعر الشعبي في العالم العربي. نفس الشموس بتبوس على روسنا نفس التراب يحضن خطاوينا طب ليه بنجرى ونهري فى نفوسنا وليه نعيش ناكل فى بعضينا آدى الحقوق وآدى اللى طالبينها والحق تاه فى الباطل البطال وقلوبنا تاهت عن محبينها ونجومنا عالية بعيدة ما تنطال

التعليقات