استقالة الحريرى من الرياض وخطاب ترامب ينبئان بضربة عسكرية لحزب الله

كلمة متلفزة من مكان مجهول خرج بها سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني ، ليتلو خطابًا محكمًا يعلن فيه إستقالته من منصبه، عبر عدسات القنوات السعودية والتى كان لها السبق في بث كلمته، وأنه يخشى من محاولة اغتيال تدبر له ، - بالطبع يقصد حزب الله وإيران، مما أثار دهشة الكثيرين فى لبنان وخارجها.

وبمجرد إعلان إستقالته من الرياض اتجهت أصابع الإتهام للملكة العربية السعودية، بأنها صاحبة هذا التوجيه وهى من أجبرت الحريري على الإستقالة، وهي من كتبت هذا البيان وهو كان مجرد قارئ له، البعض رأى ذلك احراج لإيران وتوريط لحزب الله تمهيدا لضربة عسكرية، فيما ذهب البعض لسيناريو آخر وهو تورط الحريرى فى قضايا فساد مع الملياردير السعودى الأمير الوليد بن طلال.

ولكن مقابلة سعد الحريري لخادم الحرمين الشريفين اليوم، أضعفت حجة من قالوا أن الحرير اجبر على الاستقالة وأنه محتجز فى المملكة، أو هكذا كان المقصود من ظهوره، خاصة بعد أن قام الحريري بنشر تدوينه له وصورة تجمعه بالسفير السعودي الجديد في لبنان وليد بن محمد اليعقوب، أرفقها بعبارة: “بعد أدائه للقسم أمام خادم الحرمين الشريفين سررت بلقاء سعادة السفير السعودي وليد اليعقوب”، لينفي من خلالها اتهام المملكة أنها وراء استقالته، أو وضعه قيد الإقامة و الجبرية أو إعتقاله واتهامه في قضايا فساد.

ولاقت هذه الإستقالة أيضا، تأييدًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو الأمر الذى يعزز سيناريو استهداف حزب الله من وراء هذه التطورات الدراماتيكية المتلاحقة.

كل هذه المؤشرات والتحليلات طرحت تساؤلات عديدة، ما الدافع وراء إستقالته؟، هل حزب الله السبب؟، أم أنها توجيهات سعودية؟، حسبما أشار البعض، أم أن عملية اغتياله الفاشله هي كلمة السر وراء هذه الخطوة؟.

خلال هذا التقرير نرصد أسباب إستقالة الحريري من منصبه كما يرى المحللون والمختصون حتى نصل للحقيقة الكاملة وراء الإستقالة

حزب الله السبب:

أشارت بعض التحليلات أن الأسباب التي دفعت الحريري للاستقالة، هو استشعاره وجود دولة داخل الدولة، في إشارة إلى حزب الله اللبناني.

وكان قد أشار الحريري في كلمته، عن رفضه التام استخدام سلاح الحزب ضد اللبنانيين والسوريين، قائلا "إن تدخل حزب الله تسبب لنا بمشكلات مع محيطنا العربي".

وذكر رئيس الوزراء البناني السابق، أن إيران لديها رغبة جامحة في تدمير العالم العربي، مبينا أنها تسيطر على المنطقة وعلى القرار في سوريا والعراق، مضيفا: "أينما حلت إيران يحل الخراب والفتن"، مشددًا على أن "أيدي إيران في المنطقة ستقطع".

محاولة إغتياله:

جرت محاولة لاغتيال الحريري في بيروت قبل أيام، حيث عطل مخططي اغتيال الرئيس الحريري أبراج المراقبة خلال تحرك موكبه، وهو الأمر الذي يوجه أصابع الاتهام لحزب الله ومن ورائها إيران.

وقال الحريري إن إعلان استقالته من رئاسة الحكومة، يأتي خوفا من تعرض حياته للخطر.

وأضاف خلال كلمة الإستقالة، أنه يخشى التعرض للاغتيال، مشيرا إلى أن المرحلة تشبه المرحلة التي سبقت اغتيال والده رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، قائلا "لمست ما يحاك سرا لاستهداف حياتي"، حسب تعبيره.

إيران السبب

خمّن النائب أنطوان زهرا، من كتلة "القوات اللبنانية"، أسباب قرار الحريري، فقال بأن السبب الرئيسي وراء الاستقالة، يعود لكلام مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، بأن الانتصار اللبناني السوري العراقي ضدَّ الإرهابيين، يشكل انتصارا لمحور المقاومة، فهو ضم لبنان إلى المحور الإيراني دون استشارة اللبنانيين.

وأعرب عن أمنياته أن تكون استقالة الحريري انتفاضة كرامة بوجه كل العراقيل السياسية أمام انطلاق الحكومة، مشددا على أن الاستقالة هي رفض للأمر الواقع، فالمرحلة السياسية كما قال الحريري تشبه مرحلة ما قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

ووافقه الرأي أحمد العناني عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والذي أكد أن استقالة الحريري، جاءت نتيجة التدخلات الايرانية بالشان اللبنانى عن طريق وكيل طهران بالمنطقة حزب الله.

وأضاف العناني في تصريحات صحفية أن حزب الله يتدخل بكل صغيرة وكبيرة، مما يسبب أزمة كبرى في لبنان.

ولفت إلى أن الحريري، أراد أكثر من مرة أن يستقيل ولكن كان يتراجع ولكن هذه المرة شعر باحتدام الأمر، وأن الأمور وصلت لذروتها، مابين حكومته وحزب الله، وشعر أيضا بخطر الاغتيال كماحدث من قبل لوالده فقدم استقالتة.

توجيهات السعودية سبب الإستقالة

الكاتب والمحلل السياسي اللبناني غسان جواد، رأى أن استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية بشكلها ومضمونها الذي أتت به تُفسركخطوة “سعودية مجنونة، وتفريط بالاستقرار الداخلي، وإطاحة بالمناخ الإيجابي الذي يسود لبنان منذ التسوية الرئاسية”.

وفي تصريح لموقع قناة المنار قال جواد إن خروج استقالة الحريري عبر الإعلام السعودي يعني أن المملكة تخلّت عن آخر موطئ قدم لها في المنطقة، كان يمثله سعد الحريري في لبنان.

واعتبر أن كلام الحريري يُترجم “تلويحاً سعودياً بالحرب، وهو منطق المفلسين والعاجزين. رفع السقف في هذه المرحلة يأتي لتحصيل مكاسب في اليمن وغيرها، ولتمرير انتقال الحكم في داخل السعودية.

وسأل الكاتب والمحلل السياسي اللبناني: “في عز النفوذ السوري أو ما يُسمى بالوصاية السورية على لبنان، هل سمعتم ببيان استقالة أو تعيين لرئيس حكومة أُعلن من دمشق؟!”

وسخر جواد من مزاعم الحريري عن أن الأجواء التي يعيشها لبنان اليوم هي أقرب إلى تلك التي عاشها لبنان قبيل اغتيال الحريري الأب. وشكّك بصحة مزاعم الحريري الإبن عن تلمسه ما يحاكي استهدافه. وقال جواد: “نحن من نشك بأنه تعرّض لتهديد من قبل المملكة السعودية نفسها.

هناك تلميحات أن سعد الحريري أُجبر على الخروج بهذا الإعلان وقد يكون اليوم تحت الإقامة الجبرية”، و الحديث عن ضغط تعرض له الحريري، لم يتبناه جواد وحده. أكثر من شخصية لبنانية ألمحت إلى الشيء نفسه.

رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، اعتبر في غريدة أن إستقالة الحريري مؤسفة في هذا الوقت ليسأل:” لماذا أعلنها من الرياض. هل الرجل في الإقامة الجبرية وأجبر على الاستقالة؟”

أراء المحللين والسياسيين:

يرى سامر خليوي، المحلل السياسي الدولي، أن حقيقة ماسرده سعد الحريري ببيان استقالته عن تدخل إيران بلبنان والمنطقة العربية وأفعال حزب الله بلبنان والدول العربية، ليس بجديد، مشيرًا إلى أن سعد الحريري يعرف ذلك قبل غيره.

وأضاف خليوي من لندن في تصريحات أن سبب الاستقالة وتوقيتها مرتبط بعدة عوامل منها ما أشيع عن تهديد مستشار خامنئي للحكومة اللبنانية ولسعد الحريري، بهيمنة إيران على القرار اللبناني بشكل كامل والذي زار لبنان منذ يومين.

وأضاف: "أيضًا من العوامل الأخرى تهديد أمريكا لإيران وانتقاد تدخلها بالمنطقة، بجانب انتقاد متصاعد لحزب الله، وكذلك فرض الكونجرس الأمريكي لعقوبات على حزب الله وإيران مما يشير أن هناك عمل ما يحضر للبنان".

وفي منشور، كتب المحلل السياسي اللبناني حبيب فياض إن استقالة الحريري أتت “متماشية مع الأجواء التصعيدية السعودية الأميركية ضد إيران”.

التعليقات