قصة مؤامرة "كوب الشاي" التي أضاع صوت الشحرورة صباح

فجأة ضاع صوتها، ولم تكن قادرة على الكلام أو الغناء، تحاول أن تتكلم لكن صوتها يعاندها، ويرفض الخروج من حلقها وفمها، امتلأت عيناها بالدموع، ورأسها مثقلة بالتساؤلات؟ ماذا يساوي المطرب بدون صوته، وما قيمته وهو لا يتكلم ولا يغني؟

الصوت هو رصيد وحياة المطربين، وبدونه يضيع تأثيرهم في الناس، ويفقدون شهرتهم ونجوميتهم، وبدون هذا الصوت يصبح المطرب مجرد ذكرى من ماض بعيد.. هكذا كان حال الفنانة جانيت جرجس الفغالي والشهيرة فنيا بـ"صباح".

تعرضت صباح لمؤامرة بسبب تناولها كوب الشاي، وأفقدها صوتها لمدة عامين؛ حيث كانت تستعد للغناء في حفل كبير، كان مفروضا إقامته في لبنان، غير أنها كانت تستعد لتقديم أغنية جديدة من ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب (افتكرني الهوا)، وفقًا لما نشرته مجلة آخر ساعة عام 1979.

وبعد أن أجرت البروفات، ورتبت كل شيء، وهيأت نفسها للغناء، لم تكن تعلم بأنها وقعت ضحية لمؤامرة دنيئة، وتواجه لحظات مؤلمة بعد أن شربت كوب الشاي الذي ملأ بسموم من خططوا لهذه الجريمة، وبعد أن توجهت إلى خشبة المسرح، واتخذت الفرقة الموسيقية أماكنها، ورفع الستار، ودوي التصفيق بدأت تغني وتغني.

وفجأة انحبس صوتها في حلقها وجحظت عيناها وتقطعت أنفاسها، ورأت الذعر، والهلع في عيون العازفين والدهشة التي تعاظمت على وجوه الحاضرين، وأخذت تلوح بيديها، مصعوقة تستنجد بهم، وبسرعة شديدة كان لابد من أن يسدل الستار، والتف الجميع حولها مذهولين.

وأخذت تجهش في بكاء مرير، وتتفاهم بالإشارات، أو الكتابة على الورق، مما كان يشعرها بأنها النهاية بالنسبة لها، وهرول الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي كان متواجدا في لبنان إليها يخفف عنها، ويطمئنها بأنه لا داعي للبكاء، وأن صوتها سيعود، لأن كل من يعملون بالغناء يتعرضون دائما لمثل هذه الأزمات.

أزالت كلمات عبدالوهاب مخاوفها وهواجسها، وفي نفس الوقت لم يتركها الفنان عبدالسلام النابلسي الذي وقف إلى جانبها وعاش معها، وكان لذلك أثره البالغ في رفع روحها المعنوية.

وسافرت إلى لندن، تبحث عن علاج لصوتها، لكن الأطباء أوضحوا لها أن اختفاء صوتها ليس من تخصصهم، ونصحوها بالذهاب إلى باريس حيث وجدت الطبيب المختص في مثل هذه الحالات، وطلب منها ألا تغني لمدة عامين، مما كان أمرا صعبا، وأشق أمر تتلقاه، وهو أنها ستمتنع عن رؤية جمهورها، لكنها لابد وأن تنفذ تعليماته بدقة شديدة، من أجل أن يعود صوتها كما كان.

وبعد عامين من العذاب والانتظار بعد هذا الصبر الذي طال، عاد إليها صوتها وابتسامتها، وشعرت بأنها على قيد الحياة، وأثناء عودتها للغناء فوجئت بخروف مغطى بالورود، وحول رقبته جرس يتدلى لا يكف عن الرنين، وعلت ضحكات الجمهور والتعليقات.

وعندما تطلعت الأمر اكتشفت أن الفنان عبدالسلام النابلسي الذي اعتلى خشبة المسرح قائلا: لقد عاد صوتك إلينا، وعدت من جديد، وقد ندرت أن أذبح هذا الخروف احتفاء بعودتك، وعودة صوتك، وضجت صالة المسرح بالتصفيق.

وبعد ذلك تأكدت ظنون صباح، واكتشقت تفاصيل المؤامرة، ومن قاموا بدس مادة منومة في كوب الشاي لها، وأرادوا أن يضعوها أمام الجمهور في هذا الموقف الصعب وأضحوكة، وتساءلت أن الذي دفعهم إلى فعل ذلك هو الخوف والنجاح، بعدما حققت اسطواناتها في ذاك الوقت توزيعا جغرافيا، وتعلمت من الدرس بألا تتناول أي مشروب يقدم لها قبل صعودها خشبة المسرح.

التعليقات