
أفلام "الذكاء الاصطناعي" تثير الجدل في مهرجان الإسكندرية "للفيلم القصير"
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الفني العالمي، وتزايد حضور التكنولوجيا في عمليات الإبداع، يفتح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير نافذة جديدة أمام السينما العربية، نحو حقبة قد تتغير فيها مفاهيم الإبداع والإنتاج، لا لتحل الآلة محل الإنسان، بل لتمنحه أدوات جديدة يروي بها قصصه، ويعيد بها تشكيل وعيه.
أطلق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته الحادية عشرة، التي تختتم فعالياتها الجمعة، مبادرة غير مسبوقة عربيًا، تمثّلت في استحداث مسابقة خاصة لأفلام الذكاء الاصطناعي ضمن برامجه الرسمية، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا بين صنّاع السينما والمثقفين.
ضمت لجنة تحكيم المسابقة نخبة من الأسماء ذات الخبرة والبصمة البصرية، هم: المخرج والمونتير يوحنا ناجي، والفنان البصري وصانع الأفلام إسلام كمال، إلى جانب المخرجة والكاتبة دينا عبد السلام، واعتُبرت هذه المسابقة، محاولة جريئة لمواكبة تطورات الصناعة السينمائية عالميًا، واستجابة واعية لتغيّر أدوات الحكي والإنتاج.
أثارت المبادرة ردود فعل متباينة في الأوساط السينمائية، بين من يرى فيها فرصة للتجديد وكسر الأنماط التقليدية، ومن يخشى أن تتحول الآلة إلى بديل للمبدع الحقيقي. وفي هذا السياق، عبّرت المخرجة الشابة أمل عسكر، المشاركة بفيلمها "الحضارة" في المسابقة، عن تفاؤلها بالمستقبل، رغم ما وصفته بـ"تخوفات مشروعة".
وقالت عسكر في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية":" مسابقة أفلام الذكاء الاصطناعي هي انعكاس لما يحدث في العالم. هناك إنتاج ضخم عالميًا في هذا الاتجاه، لكن لا يزال البعض يرفض التجربة بدافع القلق أو عدم الفهم. ومع ذلك، أرى أن ما فعله المهرجان خطوة متقدمة جدًا".
فيلم "الحضارة"، الذي تُشارك به أمل عسكر، لا يقتصر على كونه تجربة تقنية، بل يتجاوز ذلك ليطرح تساؤلات فلسفية حول واقع الإنسان الحديث، وقدرته على التوازن بين التقدم التكنولوجي والتطور الإنساني.
تقول عسكر: "الفيلم يقدم رؤية درامية لعام 2024، حيث يمتزج الواقع بالوهم والتكنولوجيا بالدراما، ويطرح سؤالًا وجوديًا: هل نعيش فعلاً في حضارة؟ أم أننا داخل نسخة تجريبية ما زالت بحاجة إلى تحديث؟"
وتضيف: "الذكاء الاصطناعي في هذا الفيلم ليس أداة إنتاج فحسب، بل عنصر درامي داخل السرد نفسه".
وتطرقت المخرجة إلى أبرز التحديات التي واجهتها خلال تنفيذ الفيلم، قائلة: "أصعب ما في التجربة هو التغلب على الخوف من الذكاء الاصطناعي. البعض يتصور أنه قادر على استبدال البشر، لكن الواقع أن الآلة لا تصنع الفكرة، ولا تكتب السيناريو. التقنية تبدأ دورها بعد تحديد الرؤية الإبداعية، حينها يمكن استخدامها في بناء الشخصيات، أو تنفيذ المشاهد والإضاءة بالشكل المطلوب".
وشدّدت عسكر على أن استخدام الذكاء الاصطناعي يتطلب فنانًا مدركًا لأدواته، قائلة: "الناس تتخيل أن الأمر سهل، لكنه يحتاج إلى عقلية واعية، قادرة على توجيه التقنية لخدمة القصة، وليس العكس".
أما عن كواليس تنفيذ "الحضارة"، فأوضحت أنه استغرق شهرًا من التحضير، مشيرة إلى أنه خرج في نسختين مختلفتين: "أردت أن أختبر مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على دعم الرؤية الفنية، فجاءت النتيجة مفاجئة لي شخصيًا. أعتقد أن هذه مجرد بداية، وأن التجربة ستتطور أكثر مع الوقت".