علي الكسَّار.. حكايات وأسرار «أشهر نوبي في تاريخ السينما»
تحل اليوم الاثنين ذكرى رحيل الفنان علي الكسار، إذ رحل عن عالمنا قبل 67 عاماً تاركاً بصمته وخصوصاً شخصية "عثمان" النوبي التي اشتهر بها.
ولد علي الكسار، واسمه الحقيقي علي خليل، في 13 يوليو عام 1887 بالعاصمة القاهرة، وتحديداً في حي السيدة زينب، وبدأ حياته ممارساً لبعض المهن البسيطة قبل أن يتوجه إلى الفن.
بدأ حياته الفنية في عام 1907 بتأسيس فرقة "دار التمثيل الزينبي"، ثم عمل في فرقة "جورج أبيض" وتعرّف هناك إلى أمين صدقي ليكوِّنا فرقة تمثيل تحمل اسم "علي الكسار وأمين صدقي" في عام 1916.
وبحلول عام 1919، انتقل الكسار بفرقته إلى مسرحه الجديد "الماجستيك" في شارع عماد الدين، وسط القاهرة، مع شريكه وكاتب مسرحياته أمين صدقي، وكانت أقوى وأنجح الفرق الكوميدية بلا منافس، والتي صمدت أمام كل التحديات التي عرفها تاريخ المسرح المصري الحديث.
ورغم أن الشريكين انفصلا في نهاية صيف 1925، فإن علي الكسار نجح في العبور بفرقته إلى بر الأمان والاستمرار في تقديم الأعمال الفنية والتألق حتى عام 1950 عندما قرر حل الفرقة بعد أن أتعبه البحث عن خشبة مسرح يعمل عليها باستمرار.
ومع تألقه على خشبة المسرح، خصوصاً بشخصية "عثمان عبدالباسط"، طرق الكسار أبواب السينما وقدم انطلاقاً من عام 1935 عشرات الأفلام، والتي بلغت حتى وفاته نحو 40 فيلماً سينمائياً.
ورغم أن الكسار كان بطلاً متوجاً في عدد كبير من أعماله السينمائية فإن نجوميته تراجعت بعد ظهور وجوه جديدة وكوميديانات آخرين، ما دفعه لقبول أدوار مساعدة وأحياناً هامشية، خصوصاً أنه لم يكن يملك في جعبته الفنية سوى شخصية "عثمان".
وهناك بعض الأعمال التي ظهر فيها بمشهدين أو أكثر فقط لحاجته للعمل والمال، منها فيلم "آخر كدبة" مع فريد الأطرش وسامية جمال، و"أمير الانتقام" مع أنور وجدي.
توفي أشهر نوبي على شاشة السينما العربية بمستشفى القصر العيني في 15 يناير عام 1957، بعد صراع مع سرطان البروستاتا.
الاسم الحقيقي للفنان هو علي خليل، واكتسب لقب "الكسار" من عائلة والدته التي تدعي زينب علي الكسار، أما والده فكان سروجي وهي أول مهنة عمل بها الكسار لكنه تركها لأنه لم يتعلمها جيداً.
ولد علي الكسار لأبوين لا ينتميان إلى بلاد النوبة، ولم يتمتع بالبشرة السمراء التي بدى عليها في أعماله السينمائية، ولكنه اختار أن يكون نوبياً واكتسب تلك البشرة السمراء بالاستعانة بالمكياج.
لم يدخل إلى مجال الفن إلا بعدما مر على عدد من المهن الأخرى، ومن ضمنها عمله طباخاً، إذ استلهم شخصية "عثمان" من تلك الفترة خصوصاً أنه اختلط بعدد من النوبيين، الذين تعلم منهم بعض الكلمات النوبية واكتسب من بعضهم ملامح وتفاصيل هذه الشخصية.
ويقال إن الكسار ابتكر شخصية "عثمان عبدالباسط" لينافس بها شخصية "كشكش بيه" التي قدمها نجيب الريحاني على المسرح، وحقق بها نجاحاً كبيراً.
قدّم الراحل شخصية "عثمان عبدالباسط" أولاً على خشبة المسرح، وظل هكذا حتى استغل المخرج والمنتج توجو مزراحي نجاح الشخصية لينقلها إلى شاشة السينما في 9 أفلام، ولم تكن من تقديم علي الكسار وحده.
ولد صراع فني بين الكسار ونجيب الريحاني، إذ كانا يردان على بعضهما البعض بأسماء المسرحيات، فعندما قدّم الأخير مسرحية "حمار وحلاوة" رد عليه علي بـ"عقبال عندكم"، وعندما قدّم الريحاني "فرجت" رد الكسار بمسرحية "راحت عليك"، ثم قدّم نجيب مسرحية "الدنيا جرا فيها ايه" ليرد الآخر بمسرحية "الدنيا بخير".
من أشهر إفيهات الكسار "إنت يا مصيبة يُخرب بيتك"، و"دي مش حما دي حُمة أعوذ بالله"، فيما لقب برائد المسرح الكوميدي الغنائي.
على الرغم أن الكسار كان يُلّقب بـ"المليونير الخفي"، إلا أنه رحل فقيراً مريضاً في هدوء في مستشفى قصر العيني تاركاً بصمة راسخة في تاريخ الفن العربي.