صلاح دياب: مساعدات الخليج ضررها أكثر من نفعها

اعتبر رجل الأعمال صلاح دياب، أن أهم إنجاز اقتصادي للرئيس والمجموعة الاقتصادية هو "تقدم مصر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي"، وقال "هذه نقطة فارقة وعلامة على طلبنا الحل من أهل الخبرة والاختصاص والتوقف عن الاجتهادات أو محاولات استنساخ تجارب أخرى ناجحة بغض النظر عن اختلاف ظروف كل دولة".

وأضاف دياب في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية بالقاهرة :"مصر لم تخرب ولم ولن تفلس..فنحن لم نتخلف عن موعد سداد أي استحقاق لدين أو فائدة دين كما لم نماطل في سداد مستحقات أي شركة دولية تعاملنا معها.. ولا يعني ذلك أنه لا توجد مشاكل..بلى، إننا نواجه الكثير من التحديات، والدولة منتبهة لها ولخطورتها وتعمل على إيجاد حلول لها".

وأشار دياب ، إلى "أهمية أن تسرع الحكومة في حل المشكلات الاقتصادية، وعلى رأسها قضية جذب الاستثمارات؛ لأنها عماد بناء أي اقتصاد ناجح"، وتساءل :"كيف نتوقع أن تأتي الاستثمارات إلينا، وحتى الآن لم يصدر لدينا قانون استثمار واضح، ولم يتم تحديد الهوية الاقتصادية للدولة ولم تحدد قيمة الضريبة ومدة تثبيتها؟".

ورجح أن تكون تلك هي نفس الأسباب التي حالت دون تحقيق المؤتمر الاقتصادي لنتائج ملموسة رغم مرور أكثر من عام على انعقاده.

* عوموا الجنيه وخفضوا الضرائب على المستثمرين

كما دعا إلى "تعويم الجنيه وترك سعر الدولار للعرض والطلب"، وحث الحكومة أيضا على "النظر للأنظمة الضريبية الخاصة بالدول الجاذبة للاستثمارات والعمل على أن تتنافس مصر معها، فلن يأتي مستثمر لبلد تفرض ضريبة تقدر بأثنين واربعين ونصف في المئة ويترك بلدا تقل فيها الضرائب عن ذلك بكثير، لابد من العمل على تحسين التنافسية".

* مجموعة وزارية تقترب من الحلول الصحيحة

ورغم إبدائه تحفظا على أسلوب اختيار من يشغلون المواقع المهمة والمؤثرة بالدولة، فقد رأى أن اختيار أعضاء المجموعة الاقتصادية الموجودة حاليا تبدو في مجملها إيجابية، وقال "ربما لا تكون موفقة بنسبة 100 بالمئة ولكنها بداية ودلالة على الاقتراب من الحلول الصحيحة ".

وأبدى دياب تفاؤله بقيام "الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل مجلس أعلى للاستثمار برئاسته واختياره وزيرة تختص بالاستثمار من قلب عالم القطاع الخاص، أي أنها تعرف جيدا مطالب هذا القطاع وتحدياته".

* الدعم النقدي أولًا

ودعا الجميع وتحديدا وسائل الإعلام إلى توضيح للمواطنين أن تقليص الدعم وطرح حصص من بعض الشركات في البورصة ليس شرطًا مفروضا من صندوق النقد وإنما هو بالأساس ضرورة ملحة تقتضيها الأوضاع الصعبة، وقال: الدعم يتسرب لمن لا يستحقه، فهو يصل لي وأنا مستثمر كبير، كما يصل لأي مواطن محدود أو متوسط الدخل، مما يؤنب ضميري، ولذلك أرى أنه من الأفضل أن يتحول الدعم إلى صورة نقدية، أما طرح حصص للاكتتاب فهذا يحدث في كل العالم ويسهم بصورة رئيسية في توفير الأموال إلى جانب تحسين إدارة الشركات".

* الدولة تستنزف مواردها في العاصمة الإدارية 

وطالب دياب الحكومة بإعادة التفكير في المشروعات القومية الكبرى التي تنوي تنفيذها كمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وقال :"أقر بأن مثل هذه المشروعات قد تكون جيدة ومهمة، ولكني أرى أن من الأفضل أن تبتعد الدولة عن تنفيذها تفاديا لاستنزاف مواردها وجهدها، وأن توكلها لمطورين من القطاع الخاص مع إعطائهم بعض المزايا التي تجعل هذه المشروعات جاذبة لهم وللمستثمرين فيها".

وأبدى دياب تفهما كبيرًا لإسناد السيسي الكثير من المشروعات والمهام إلى الجيش، وقال :"السيسي رجل عسكري جاء ليحكم استجابة لطلب شعبي، وبالتأكيد كان يلزمه وقت حتى يتعرف على الدولة وإدارتها وأساليب العمل في قطاعاتها، وفي أول عام له لم يكن هناك برلمان، إضافة إلى أنه ليس لديه، كما كانت لسابقيه من الرؤساء، حزب يدعمه ... وبالتالي لم يجد من يعتمد عليه غير مؤسسته الأولى".

* دخول الجيش في الاقتصاد له تداعيات سلبية ولكنه طارئ 

ورفض دياب ما يقال بشأن استحواذ مؤسسة الجيش على السوق، قائلًا: هذا غير صحيح إطلاقًا، فنسبة استحواذ الجيش على السوق ليست كبيرة كما يُعتقد، واتصور أيضا أن مشاركته الحالية في عدد من الجوانب الاقتصادية تعد أمرًا استثنائيا طارئًا في هذه المرحلة لعدم امتلاك جهات أخرى نفس الإمكانيات والقدرات".

ورأى أن "استمرار انخراط الجيش في الانشطة الاقتصادية بما يملك من امكانيات وقدرات كبيرة قد يكون له تداعيات سلبية على القطاع المدني والاستثمار لعدم تكافؤ فرص المنافسة بينه وبين اي جهة استثمارية اخرى"، محذرا من أن "هذا قد يشكل قلقًا للمستثمرين الأجانب ويثنيهم عن قرار القدوم للبلاد تجنبا لتلك المنافسة غير المتكافئة".

* مساعدات الخليج ضررها أكثر من نفعها

وعلى خلاف كثيرين، يرى دياب أن ما تلقته مصر من مساعدات مالية من دول خليجية في الفترات السابقة "قد أضر بها أكثر مما نفعها، لأنه أرجأ مواجهة لا مفر منها لإطلاق عملية الإصلاح".

وعزا دياب تراجع الدول الخليجية عن المزيد من فرص الاستثمارات في مصر مؤخرا لشعور تلك الدول بفقدان الأمل في استجابة الحكومة المصرية لنصائحها الاقتصادية الحديثة والرشيدة على مدار سنوات ماضية ، فأحست في النهاية أنها تلقي أموالها في بئر بلا قاع ... هذا بالطبع إلى جانب ما يسببه تراجع أسعار النفط من ضغوط على هذه الدول".

وأشاد دياب بالرؤى والإنجازات الاقتصادية الرائدة التي تتبناها كل من السعودية والإمارات، وقال :"إنهم يعتمدون تدابير كفيلة بأن تجعل من كل فرد في مجتمعاتهم قصة نجاح ... وأنا معجب برؤية ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القائمة على اقتصاد دون نفط، وبعملية التطور الرائدة التي يقودها الشيخ محمد بن راشد ،نائب رئيس الإمارات حاكم إمارة دبي، وبحكمة الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، وتأثير ذلك على نشاط الأمارات والمنطقة بأكملها ."

وتوقع دياب أن الدولتين، لو استمرتا على هذا النهج، ستحققان طفرات قوية وتكونان قادرتين على منافسة كبرى الاقتصاديات، داعيا الحكومة المصرية إلى الاستفادة من نصائحهما وتجاربهما.

وفي السياق نفسه توقع دياب ان تؤدي تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة والتي أكد فيها على المضي قدما في اتخاذ الإصلاحات الضرورية لتحويل دفة الاقتصاد وخفض الدين العام، واستعداده لمواجهة كل التحديات التى عطلت الإصلاحات فى مصر منذ عام 1977 إلي إعادة فتح باب التعاون الاقتصادي الجدي مع الدول الخليجية ...فتلك الاصلاحات الاقتصادية " ستجعل الجميع يدركون أننا نسير على الطريق الصحيح والمباشر لتحسين اوضاعنا ".

* أرفض مشروع منح الجنسية للمستثمرين الأجانب

وعارض دياب بشدة تصوير البعض لمشروع منح الجنسية للمستثمرين الأجانب مقابل دفع مقابل مالي بالعملة الصعبة على أنه بيع للهوية الوطنية أو أنه قد يكون مدخلا لأعداء الوطن. وقال :"هذه هواجس عفا عليها الزمن...المبدأ مطبق في عدة دول ... وبطبيعة الحال فإنه سيتم وضع شروط وضوابط عديدة تحكم عملية المنح وتضمن استبعاد أي شخص تحوم حوله أية شبهات".

وأكد دياب :"قد يأتي من يدعي أن لي شركاء إسرائيليين وأنى بدعمي لهذا المبدأ أريدهم أن يحصلوا على الجنسية المصرية، ولذلك فإني استبق ما قد يُقال، وأؤكد أنه ليست هناك أي شراكة بيني وبين أية شركة إسرائيلية ولم أذهب لإسرائيل أبدا ولم أتعامل مع شركات إسرائيلية في حياتي، ولكني لن أخجل أبدًا إن ذهبت لإسرائيل إن كان في هذا فائدة لبلدي".

التعليقات