بعد 47 يومًا من الجحيم.. غزة تَتَنَفَّس نسائم الهدنة أخيرًا مع ترحيب دولي واسع
بعد 47 يومًا عاشتهم غزة وشعبها في جحيم حقيقي، لاحت سحب من الأمل لتغلف غزة لأيام، وسط ترقب كبير، انتهت بهطول أمطار الهدنة الإنسانية التي كانت أشبه بولادة متعسرة، ليتنفس السكان الصعداء.
وبعد أيام عدة من الشد والجذب والحديث عن هدنة إنسانية تقترب، أعلنت إسرائيل وحركة حماس، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، التوصل لاتفاق ينظم هذا الوقف المؤقت لإطلاق النار.
وتدخل الهدنة حيز التنفيذ حيث تلتزم إسرائيل بإتاحة 24 ساعة لمنح المواطنين الإسرائيليين فرصة مطالبة المحكمة العليا بمنع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المدرجين في الصفقة.
وفيما يتعلق ببنود الهدنة، فإنها تستمر 4 أيام، وتشمل إطلاق سراح 50 من النساء والأطفال المحتجزين في غزة بينهم أمريكيتان وطفلة ستبلغ 4 سنوات قريبا.
في المقابل، ينص الاتفاق أيضا على إطلاق سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين في سجون إسرائيل دون سن 19 عاما حسب الأقدمية.
وكذلك، إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كامل قطاع غزة شماله وجنوبه.
الاتفاق يشمل وقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية في القطاع، ووقف حركة آلياته المتوغلة في قطاع غزة، ووقف حركة الطيران في جنوب غزة ووقفها في شمال القطاع لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة 10 صباحا حتى الساعة 4 مساء.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في تغريدة على إكس: "أود أن أُعرب عن ترحيبي بما نجحت به الوساطة المصرية القطرية الأمريكية في الوصول إلى اتفاق بتنفيذ هدنة إنسانية في قطاع غزة وتبادل للمحتجزين لدى الطرفين".
وتابع: "أؤكد استمرار الجهود المصرية المبذولة من أجل الوصول إلى حلول نهائية ومستدامة تُحقق العدالة وتفرض السلام وتضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة".
وعلى الفور، رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، باتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، والذي يضمن إطلاق سراح محتجزين في غزة.
وأوضح أن "اتفاق اليوم يجب أن يعيد المزيد من الرهائن الأمريكيين إلى الوطن، ولن أتوقف حتى يتم إطلاق سراحهم جميعا".
وقال بايدن بحسب بيان أصدره البيت الأبيض "أنا راضٍ تماماً لأنّ بعض هذه النفوس الشجاعة... سيتمّ لمّ شملها مع عائلاتها ما أن يتمّ تنفيذ هذا الاتّفاق بالكامل".
وفي روسيا، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا إن موسكو ترحب باتفاق الهدنة الإنسانية المعلن بين إسرائيل وحماس.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن زاخاروفا قولها إن "موسكو ترحب بالاتفاق بين إسرائيل وحماس على هدنة إنسانية من 4 أيام"، مشددة على أن "هذا ما دعت إليه روسيا منذ بداية التصعيد في النزاع".
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية عن ترحيبها بالهدنة المؤقتة في قطاع غزة.
وأضافت الخارجية في بيان: «نأمل أن تساعد الهدنة الإنسانية المتفق عليها، على تخفيف الأزمة الإنسانية بالقطاع»، مؤكدة أنه «لن يكون هناك سلام دائم في الشرق الأوسط دون حل عادل للقضية الفلسطينية».
كما رحب أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بنجاح الوساطة والوصول إلى اتفاق على تنفيذ هدنة إنسانية في قطاع غزة وتبادل لعدد من المحتجزين والرهائن والأسرى لدى الطرفين.
وأعرب أبو الغيط، في بيان، عن "تطلعه لأن تفضي الهدنة المعلنة عن وقف شامل لإطلاق النار في القطاع، وإنهاء للعدوان الإسرائيلي الوحشي على سكانه المدنيين"، مؤكدا "ضرورة العمل للبناء على هذه الهدنة التي تمثل فرصة لتحقيق وقف كامل للأعمال العدائية".
وجدد جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام "تأكيد أبو الغيط على أن الحل السياسي الشامل للقضية الفلسطينية على أساس رؤية الدولتين يبقى المخرج الوحيد من دوامات العنف المتكررة في الشرق الأوسط، وأن العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة لا يمثل طريقا لتحقيق الأمن بل يزيد من احتمالات العنف في المستقبل".
بدورها، رحبت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بالجهود التي أفضت للتوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية في قطاع غزة، مشيدة بالجهود التي بذلتها دولة قطر الشقيقة بالشراكة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأمريكية.
وشدد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير د. سفيان القضاة على أهمية أن تكون هذه الهدنة خطوة تفضي إلى وقف كاملٍ للحرب المستعرة على قطاع غزة، وأن تسهم في وقف التصعيد واستهداف الفلسطينيين وتهجيرهم قسرياً.
وأكد أهمية ضمان مساهمة الاتفاق في تأمين وصول المساعدات الإنسانية الكافية لجميع مناطق القطاع، وبما يلبي جميع الاحتياجات ويحقق الاستقرار ويضمن بقاء أهالي غزة في أماكن سكناهم.
بدوره، وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، الاتفاق بين إسرائيل وحماس بـ"الخطوة الحاسمة".
وأضاف: "نحث جميع الأطراف على ضمان تنفيذ اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الأسري بشكل كامل".
كما رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتفاق الهدنة الإنسانية، وجدد الدعوة لـ"الوقف الشامل للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني".
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، في تصريح اليوم الأربعاء: "الرئيس محمود عباس والقيادة يرحبون باتفاق الهدنة الإنسانية، ويثمنون الجهد القطري المصري الذي تم بذله، ونجدد الدعوة إلى الوقف الشامل للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتنفيذ الحل السياسي المستند إلى الشرعية الدولية والذي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله وسيادته".
لكن يبدو أن غزة على موعد مع يوم ميداني ساخن، الأربعاء، قبل 24 ساعة من دخول الهدنة المتفق عليها حيز السريان، وتوقف جميع الأعمال القتالية من الطرفين.
إذ شنت إسرائيل قصفا مدفعيا مكثفا على محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، وشارع يافا شرقي مدينة غزة.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل قائد وحدة في لواء جولاني التابع له خلال القتال المتواصل مع الفصائل الفلسطينية شمالي قطاع غزة.
وبذلك ترتفع الحصيلة الإجمالية المعترف بها لقتلى جيش الجيش الإسرائيلي إلى نحو 71 منذ بدء التوغل البري الإسرائيلي بقطاع غزة يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتقول إسرائيل إن نحو 1200 شخص قتلوا في الهجوم الذي شنته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. فيما قالت حكومة غزة إن ما لا يقل عن 13300 فلسطيني قتلوا في القصف الإسرائيلي منذ ذلك الحين. وتفيد الأمم المتحدة بأن ثلثي سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة صاروا بلا مأوى.